بعدما تعدّدت المطالب بمنعه واستعمله مبحوث عنهم للتخفي.. هل تجرّم تونس ارتداء النقاب؟

العالم
نشر
7 دقائق قراءة
بعدما تعدّدت المطالب بمنعه واستعمله مبحوث عنهم للتخفي.. هل تجرّم تونس ارتداء النقاب؟
Credit: AFP Getty images

تقرير: منية غانمي

تونس (CNN)-- تعالت الأصوات في تونس المنادية بضرورة فرض منع النقاب في الأماكن العامة والشوارع محذرين من مخاطره على أمن البلاد وهويتها.

وتغيرت نظرة التونسيين بشكل سلبي لهذا الزي، بعد ثبوت استغلاله من قبل العناصر الإرهابية للتخفي عن أعين الأمنيين وتحوله إلى غطاء لتسهيل تنقلاتهم من أجل تنفيذ جرائمهم الإرهابية.

وكانت وزارة التربية التونسية  قررت رسميا منذ حوالي أسبوعين تفعيل قرار منع ارتداء النقاب داخل المؤسسات التعليمية وبدأت حملتها بإيقاف معلمة ومسؤولة إدارية عن العمل، بعد تمسكهما بهذا اللباس.

لكن ذلك غير كاف حسب مطلقي حملات حظر اللباس على المواقع الاجتماعية، فهم يدعون إلى تعميم هذا القرار ليشمل بقية المؤسسات العمومية وكذلك الشارع في الوقت الراهن، معتبرين أنها مسألة ضرورية لإنجاح خطة مكافحة الإرهاب.

وتحت عنوان " معا من أجل حماية تونس من خفافيش الظلام " تروج صفحة في موقع التواصل الاجتماعي فايس بوك، إلى أن منع النقاب أصبح طلبا ملحا و فيه وقاية من خطر المسلحين ومخططات الإرهابيين الذين يتخفون وراءه.

يقول عماد زبيدي أحد الناشطين في هذه الصفحة لـCNN بالعربية، إنه لا يشعر نفسه آمنا بوجود المنقبات، مضيفا أنه بات يخاف على نفسه وأبنائه وبلده مما يمكن أن يظهر من تحت النقاب.

وقال" صراحة أشك في لابسي النقاب دائما وفي تصرفاتهم حتى وإن كانت عفوية، لم أجد إلى حد الآن أي معنى أو تفسير لإخفاء الوجه".

وبدوره قال الناطق الرسمي لنقابة الأئمة بتونس، فاضل عاشور في تصريحات صحفية إنه مع التوجه الحكومي لمنع النقاب، الذي لا يعتبر لباسا شرعيا، بل هو لباس خاص بقبيلة معينة في الجزيرة العربية، وهو لباس للبدويات وكان يعبر عن جانب طبقي أكثر من الجانب الشرعي، الذي يسعى العديد للترويج له في تونس.

وخلّص عاشور أن من يروّجون لهذا اللباس يريدون خلق مجتمع موازٍ لا يمثل التونسيين.

حملة منع ارتداء النقاب التي يطالب بها الناشطون في الشبكات الاجتماعية لا تزال تجد قبولا وتأييدا حيث يتضاعف أعداد معجبي هذه الصفحات في كل مرة.

الصحفية آمنة القابسي تقول إن هذه الدعوة مبادرة في محلها وفي وقتها، معتبرة في هذا السياق أن تغطية المرأة لوجهها يجعلها خفية عن الأنظار ويجعل من التواصل معها صعب، وبالتالي يجعل منها محل شبهات وتتبعات.

وأضافت في تصريح لـ CNN بالعربية أنه يجوز للدولة تقييد بعض الحريات مثل منع النقاب في حال تحوله إلى خطر على أمن وسلامة المجتمع، مشيرة إلى أنه على المرأة المنقبة أن تزيل من تفكيرها أن وجهها يمكن أن يثير الفتنة.

وبين هذه الدعوات، ينادي البعض بفرض حظر جزئي على إرتداء النقاب يشمل المؤسسات العمومية دون الشارع إلا في حالات أمنية.

الشيخ فريد الباجي رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية، أكد إنه لا يرى مانعا في حظره خاصة في الأماكن العمومية وتشديد الرقابة عليه في الشارع.

وأشار لـCNN بالعربية أنه يدعم الدولة إذا ما قررت منع النقاب في الأماكن العامة لأن ارتداءه يتعارض مع الأمن القومي التونسي وسلامة المجتمع خاصة بعد أن أصبح يستعمل في العمليات الإرهابية.

 وبخصوص منعه في الشارع، أوضح الباجي أنه على المنقبات في الشارع الالتزام  بالكشف عن وجوههن إذا اقتضت الضرورة التثبت من هوياتهن مشيرا إلى أنه ضد هرسلتهن في الشارع واستخدام القوة معهن.

من جهته أكد الشافعي ظفرالله ناشط حقوقي في المجلس الوطني للحريات، إنه مع منع النقاب من الوظيفة العمومية وضد منعه في الشوارع.

وقال " لا يجب فرض منقبات علينا في الإدارة أو فرضهن على أبنائنا لأننا نحن من يدفع لهم الضرائب ومن حقنا إبداء رأينا وملاحظاتنا والتواصل مع أناس هوياتهم مكشوفة".

وأضاف لـCNN بالعربية أنه إذا تم قبول النقاب في الإدارات العمومية، فإنه فيجب كذلك قبول الرجال الملثمين أو النساء العاريات بإسم حرية اللباس.

ويرى ظفرالله أن منعه في الشارع سيخلق شرخا كبيرا في المجتمع ويوسع في الحاضنة الشعبية للإرهاب خاصة أن دول مثل بريطانيا تؤيده، فإن حظرته الدولة التونسية سيقولون الدولة أقل إسلاما من بريطانيا.

ولا يوجد في تونس قانون يمنع ارتداء النقاب، كما أن الدستور التونسي الجديد نص في فصله رقم 21 على أن الدولة تضمن للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامّة.

وعن كيفية خلق التوازن بين ضمان الحق الدستوري والحفاظ على سلامة المواطنين والأمن العام، أفاد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أن الدستور الجديد كفل هذا التوازن في فصله الـ49.

وينص هذا الفصل على أن القانون يحدّد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما لا ينال من جوهرها، ولا توضع هذه الضوابط إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير، أو لمقتضيات الأمن العام، أو الدفاع الوطني، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها.

 وأضاف سعيد أنه من حق السلطة التشريعية في الحالات التي ترتبط بالأمن العام أن تسن قانونا يمنع بعض الممارسات التي تبدو في ظاهرها جزءا من الحريات الفردية والعامة على أن لا يتم المساس من جوهر الحق المكفول دستوريا.

يشار إلى أن ارتداء النقاب أصبح مباحا في تونس بعد الثورة، عقب سنوات من حظره خلال فترة حكم الرئيس السابق، زين العابدين بن علي.

وتتخوف المنقبات من أن يتخذ قرار المنع ويكون أداة لمصادرة حقهن في ارتداءه.

تقول سمية علوش إحدى المنقبات، إن النقاب لباس الإسلام الشرعي يعبر عن الالتزام بالدين، وأن فرض نزعه سيكون جريمة في حق المنقبات وتعديا على حقوقهن ومسا من حرياتهن.

وتكشف علوش  لـ CNN بالعربية أنها تخشى أن يكون تشديد الرقابة على المنقبات بداية التضييق على الحريات بمبرّر الحفاظ على الأمن.