مباراة أولمبية بين الجزائريين والفلسطينيين تعيد فتح ملفات القومية والثورة والتطبيع مع إسرائيل

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
مباراة أولمبية بين الجزائريين والفلسطينيين تعيد فتح ملفات القومية والثورة والتطبيع مع إسرائيل
Credit: Mizrahi/Getty Images

حمزة عتبي، الجزائر (CNN)  -- تستعد الجزائر الأربعاء لمباراة ودية تاريخية بين المنتخبين الأولمبيين الجزائري والفلسطيني على ملعب 5 يوليو/تموز الأولمبي، بعد استقبال حافل حظي به الفلسطينون عند وصولهم قبل أيام أعاد إلى الأذهان المزيج العربي التقليدي بين الرياضة والسياسة المشحونة بالأبعاد القومية والوطنية والإرث التاريخي.

وقد أعاد الاستقبال الحاشد للمنتخب الأولمبي الفلسطيني للجزائر فتح النقاش الداخلي حول الموقف من ملف الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. فقد خصّص الجزائريون استقبالًا حاشدًا للفلسطينيين بمطار العاصمة الدولي، وخاضوا حملة إلكترونية واسعة تتعاطف مع الفلسطينيين وتندّد بإسرائيل وبسياساتها، مطالبين بمزيد من الدعم للقيادة الفلسطينية والاستمرار في عدم التطبيع مع إسرائيل.

ويزداد الملف حساسية إذا تذكرنا وجود عشرات الآلاف من اليهود من أصحاب الأصول الجزائرية الذين غادر معظمهم البلاد باتجاه إسرائيل منذ 1948ن ورغم أن الحكومة الجزائرية بعد الاستقلال، اعتبرت اليهودية جزءا من الثقافة الجزائرية بترسيم الاحتفالات الدينية اليهودية، إلا أنها قامت سنة 1967 بترحيل عددا من اليهود إلى فرنسا ارتباطا بهزيمة مصر في حربها ضد إسرائيل، بحسب الباحث في علم الاجتماع الديني مصطفى راجعي.

فقد ظلت المصافحة الشهيرة بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك أيهود باراك، على هامش جنازة العاهل المغربي الحسن الثاني في 23 يوليو/ تموز 1999، عالقة في أذهان الجزائريين خصوصا والعرب عموما، والتي وصفتها الصحافة العالمية، وقتها، بـ "السابقة" في تاريخ الجزائر، وبداية حلقة جديدة من مسلسل التطبيع مع إسرائيل.

بعد نحو عام من تلك المصافحة، قام وفد من الإعلاميين الجزائريين بزيارة إسرائيل، برعاية وزارة الخارجية الإسرائيلية، لكن هذه الزيارة لم تمر بسلام، فحتى الرئيس بوتفليقة نفسه شجبها، وهو ما اعتبره مراقبون، آنذاك، محاولة من بوتفليقة لكسب الرأي العام الجزائري ومحو آثار حادثة المصافحة.

وتعتبر الدولة الجزائرية من بين الدول التي لا تعترف بقيام دولة إسرائيل، ويرجع ذلك حسب العابد الشيخ، احد مؤسسي المنظمة الوطنية لمناهضة التطبيع مع إسرائيل إلى أسباب تاريخية، فيقول في هذا الشأن، "الشعب الجزائري عبر تاريخه العريق، ضد قيام دولة احتلال في الأراضي الفلسطينية منذ عهد صلاح الدين الأيوبي، حيث شارك الجزائريون بجيش بقيادة أبو مدين شعيب، الذي بترت ذراعه ودفنت في القدس".

وفي نظر البروفيسور في العلاقات الدولية، عبد العالي عبد القادر، أن "إسرائيل تعتبر من الدول التي تحالفت مع فرنسا الاستعمارية ضد الثورة الجزائرية" ويضيف: "محصلة التطبيع سوف تكون باهظة التكلفة بالنسبة لأي حكومة جزائرية، لأنه سيأتي على الشرعية التاريخية والثورية للنظام وكذلك يعد استفزازا للرأي العام المعادي للتطبيع"

وتشكلت في مخيلة المجتمع الجزائري صورة نمطية عن إسرائيل، والتي تعود حسب الباحث في حقل الاجتماع الديني، الدكتور مصطفى راجعي، إلى "تأثرها بالأفكار القومية العربية و الحركة العربية ضد الوجود اليهودي في فلسطين، ثم ترسخت في مخيلة المجتمع الجزائري، كدولة معادية محتلة مثلها مثل فرنسا الاستعمارية".

ويوضح راجعي في حديثه لـCNN بالعربية، أن "الجزائريين أكثر تعاطفا مع الفلسطيني و أكثر عداءً لإسرائيل ليس بسبب الثقافة اليهودية ولكن بسبب السياسية العدوانية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين"، وعزا هذا الأمر إلى الإعلام العربي الفضائي، الذي لعب دورا مهما، من خلال "إبراز الأعمال الإجرامية الإسرائيلية  بالصورة الحية في تأكيد القناعة أن ممارسات الجيش الإسرائيلي تذكر الجزائريين بممارسات الجيش الفرنسي العدوانية في فترة الاحتلال".

هذا، ولا يستبعد أكاديميون أن يكون هناك تطبيع غير مباشر مع إسرائيل، أخذ شكلا أخر، في إطار الاتفاقيات الدولية في شتى المجالات، وفي هذا السياق، يقول عبد العالي عبد القادر في حديثه لـ CNN بالعربية: "التطبيع غير الرسمي موجود، وله أدواته الدبلوماسية غير المباشرة، وتمليه المصالح والبراغماتية التي تتسم بها السياسة الخارجية الجزائرية، حيث يعتبر نادي الدول الأوروبية في إطار الشراكة والاتحاد من أجل المتوسط من القنوات التي مهدت للتطبيع غير المباشر، بالإضافة إلى دور قطاع من الجالية اليهودية ذات الأصول الجزائرية".

في حين، يرى الدكتور في العلوم السياسية احمد طيلب، في حديثه مع الـ CNN بالعربية، أن "الإرادة السياسية والشعبية الجزائرية" لا تزال ترفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل رغم المتغيرات الدولية.