بعد تضييق الخناق عليه.. هل بدأ داعش ليبيا يضعف أم يجرب تكتيكًا جديدًا؟

العالم
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
بعد تضييق الخناق عليه.. هل بدأ داعش ليبيا يضعف أم يجرب تكتيكًا جديدًا؟
ميليشات ليبية تُقاتل "داعش"Credit: AHMUD TURKIA/AFP/Getty Images

ليبيا (CNN)-- بعد أكثر من سنتين من معارك شرسة بين تنظيم داعش  وقوات الجيش الليبي للسيطرة على بنغازي، نجح الجيش الليبي مؤخرا في إستعادة الأمن والاستقرار إلى المدينة والأحياء المحيطة بها وتمكّن من استرجاع المواقع الحيوية من سيطرة تنظيم داعش الذي تراجع إلى الوراء.

 تطورات أمنية أخيرة في بنغازي وكذلك في أجدابيا ومعارك في صبراتة خلفت وراءها تساؤلات حول ما إذا كانت خسارة داعش في كبرى المدن الليبية تُعدّ مؤشرا لبداية مرحلة انهيار وفناء هذا التنظيم، أم أن الأمر مجرّد انسحاب تكتيكي وخطة مدروسة منه يهدف من ورائها لإعادة ترتيب أوراقه وتشكيل صفوفه للانتشار والهجوم من جديد.

وعلى مدى الأيام الماضية، انتشى الليبيون في مدينة بنغازي بالانتصارالذي حققه الجيش بعد تحريره لأحياء رئيسية في المدينة من قبضة داعش وأقيمت بالمناسبة احتفالات شعبية في الشوارع الرئيسية للمدينة للتعبير عن الفرحة بالانتصار الذي انتظروه لمدة طويلة وبعودة الحياة إلى طبيعتها في مدينتهم.

ويقول سمير الأنازي من حي بوهديمة ببنغازي لـCNN بالعربية : "خسارة داعش لبنغازي ستجعل قواتنا الأمنية هنا أكثر قوة وشجاعة في مواصلة محاربة التنظيم في باقي المناطق، هذا التنظيم المتشدد لم يعد يتمتع بنفس قوته وقدراته السابقة، فشعبيته تراجعت ومصداقيته لدى الناس تدنت ومشاعر الكراهية تجاهه زادت بعد جرائم الخطف والقتل التي ارتكبها".

وتعهد القائد العام للجيش الليبي الفريق خليفة حفتر خلال تصريح متلفز بثّ الأسبوع الماضي، بنصر نهائي على الجماعات المتشددة في ليبيا، مشددا أن هذا النصر بدأ يلوح في سماء كل البلاد وأن كل العروش التي تظنّ نفسها أنّها ثابتة ستسقط، وذلك في إشارة إلى الجماعات المتشددة التي لاتزال تسيطر على مناطق ليبية عدة.

وبعد تحرير بنغازي يعتزم الجيش الليبي نقل المعركة الى مدينة سرت أبرز معاقل تنظيم داعش في ليبيا لبدء عملية تحريرها:"سرت هي وجهتنا القادمة بعد بنغازي بناءً على الخطط العسكرية الأخيرة التي تم وضعها، أمّا درنة فهي محاصرة بالكامل من قبل القوات المسلحة" هذا ما كشفه لـCNN بالعربية هاني العبيدي من المكتب الإعلامي للجيش الليبي.  

وأضاف العبيدي أن قوات الجيش تتجه بخطى ثابتة لتطهير المدن الليبية الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش من الإرهاب، مشيرا إلى أن تحريرها وكتابة نهاية هذا التنظيم ستتم عاجلا أم آجلا: "رغم إمدادات الأسلحة المتواصلة التي تصل إلى داعش وحجم المقاتلين الأجانب المنضمين له، فقد فشل في بنغازي أمام الخطة التي وضعتها قيادة الجيش رغم سيطرته الكبيرة على المدينة".

من جهته وفي نفس المسألة توقع  سعيد رشوان وكيل وزارة الخارجية الليبية السابق في تصريح إعلامي، قرب نهاية داعش في ليبيا مستندا في ذلك الى الانتصارات الاخيرة التي حققها الجيش في بنغازي وكذلك سيطرته على مدينة أجدابيا.

وأضاف رشوان أنه وبمجرد تحرير منطقة القوارشة غرب بنغازي ستتحرك قوات الجيش مباشرة باتجاه أجدابيا ومنها إلى النوفلية وبن جواد على مشارف سرت، وهناك لن تكون أي مقاومة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية داعش في كل النقاط التي تقع ما بين مدينة أجدابيا شرقًا ومدينة سرت وسط ليبيا.

وعلى خلاف البعض الذي يربط التقدم الأمني الأخير للقوات الحكومية الليبية في الشرق  ببداية تهاوي وتقهقر قوة تنظيم داعش، يرى البعض الآخر أنه من السابق لأوانه الحكم والتكهن بمستقبل تنظيم داعش في بلادهم، معتبرين أن التطورات الأخيرة قد تكون خطة استراتيجية مدروسة من خطط التنظيم المستقبلية.

محمد قرج صحفي ليبي مختص ومتابع لملف تنظيم داعش، اعتبر أن فقدان داعش لسيطرته على بنغازي لا يمكن اعتباره هزيمة بقدر ما يصلح على تسميته انسحابًا بتكتيك معد مسبقا ومن فترة طويلة، مشيرا إلى أن قوات تنظيم الدولة هي من انسحبت بإرادتها تماما مثلما فعلت سابقا في درنة وبالتالي لا يعد انتصارا للجيش كما يروج له.

وأرجع قرج ذلك إلى أن عمليات التلغيم التي قام بها عناصر التنظيم في بنغازي و التي طالت عدداً كبيراً من منازل المدنيين وبشكل مكثف جداً لا يبقي مجالاً للشك أنه كان يخطط من فترة ليست بالقصيرة للانسحاب من شوارع بنغازي التي سيطرت عليها قوات الجيش ، بالإضافة الى التلغيم المكثف والشبه الكلي لكل المراكز الحيوية والعامة التي تقع ضمن المواقع التي يسيطر عليها التنظيم.

وأضاف لـCNN بالعربية أن خروج داعش من بنغازي  كان يهدف من ورائه التنظيم  إلى تخفيض حدة التصعيد الذي حصل في صبراته بعد الغارة الأمريكية والمعارك مقابل توجيه الأنظار إلى بنغازي والترويج لانتصارات الجيش هناك.

وتابع قائلا : "الجدير بالذكر أنه لا قوات جديدة نزلت للميدان ، لم يعلن عن أي حراك عسكري، لم يطلق أي اسم على أي عملية عسكرية للتقدم الذي أذيع صيته في بنغازي من قبل الجيش كما جرت عادته في تسمية عملياته، وهذا دليل آخر أنه تعامل فقط مع ماحصل بدعم إعلامي على مواقع التواصل وعدد من القنوات التي تعمل لصالح الجيش من أجل رفع معنويات جنوده فقط لا غير".

وتوقع القرج أن يشن تنظيم داعش في الفترة المقبلة حملة إعلامية مرئية يؤكد فيها إنه مازال قويًا ومسيطرًا على الميدان من أجل جرّ قوات الجيش لمنطقة سرت التي يسيطر عليها التنظيم لفترة طويلة.

من جهته يرى المدون والكاتب محمد اقميع أن إعلان الحرب المفاجئة ضد تنظيم داعش في "صبراتة" عقب القصف الأمريكي لمواقع التنظيم وكذلك إعلان التحرير المفاجئ لمدينة بنغازي بعد سنوات من المعارك بين التنظيم والجيش لم يكن في نظر الكثيرين إلا مجرد صفقة سياسية.

وخلّص أقميع خلال حديثه لـCNN بالعربية أن نهاية داعش في بلده مرتبط بالتقدم السياسي، مشيرا إلى أن النهاية لا تبدو قريبة طالما استمر هذا الانقسام السياسي والصراع الهستيري على السلطة في البلاد ولم يتم الاتفاق على حكومة ليبية موحدة.