رأي: داعش يلفظ أنفاسه والقاعدة ستعود لتبرز.. لكن إذا ظل التطرف وقمع السلطات دون ردع فترقبوا الأسوأ

العالم
نشر
7 دقائق قراءة
رأي: داعش يلفظ أنفاسه والقاعدة ستعود لتبرز.. لكن إذا ظل التطرف وقمع السلطات دون ردع فترقبوا الأسوأ
Credit: HAIDAR HAMDANI/AFP/Getty Images

رأي دوغلاس أوليفانت، الذي يحمل تصنيف زميل أول في معهد " New America"، مسؤول ملف العراق في مجلس الأمن تحت إدارتي بوش وأوباما. ومدير شركة استشارية لديها مصالح اقتصادية في جنوب العراق، وتسمى" "Mantid International LLC ، وتقوم بنشاطات أمنية ودفاعية وجوية. يذكر أن الآراء المطروحة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي  CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو داعش، بدأت تخسر كمجموعة مسلحة منظمة في العراق وسوريا، بل إنها بدأت تخسر بشدة. ولكن هذا لا يعني نهاية التنظيم، لأننا قد نرى مجموعات منظمة مثل تلك التي في ليبيا وأفغانستان، وغير منظمة مثل تلك التي في باريس وسان برناندينيو، تحمل اسم داعش ورايته لوقت قادم.

ولكن هؤلاء سيكونون مجرد صدى بسيط للقوة التي احتلت مناطق في العراق بشكل صادم، مهددة حتى بغداد، منذ سنة ونصف. ولكن، نهاية تنظيم داعش لا يعني نهاية التطرف الإسلامي، فعلينا أن نتوقع عودة القاعدة والتابعين لها، في الوقت الذي ينهار فيه عدوها الذي انشق عنها.

بكل بساطة، وبالرغم من ظهوره المميز على الساحة الدولية للوهلة الأولى، إلا أنه خرج عن مساره وقام بشيء مخالف لمصلحته دون أن يشعر. فبترسيخه للخلافة ككيان ملموس على أرض الواقع، أعطى التنظيم فرصة لأعدائه الدوليين والمحليين كي يقوموا بضربه كهدف مشترك.

هوجم من جميع الجهات

الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم تضرب من الجنوب الشرقي من قبل الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي (وهي وحدات مسلحة مختلفة الانتماءات مع سيطرة للعرب الشيعة عليها)، ومن الشمال الشرقي من قوات البشمركة الكردية (وهي ميليشيات مسلحة تتبع للحزبين الحاكمين في إقليم كردستان العراق)، ومن الشمال الغربي من قوات حماية الشعب الكردية، ومن الجنوب الغربي، اسميا على الأقل، من قبل قوات النظام السوري وحلفاءه الإيرانيين والروسيين.

أكثر من ذلك، فان القوات العراقية مدعومة من سلاح الجو الأمريكي (باستثناء الحشد الشعبي)، والقوات السورية من قبل سلاح الجو الروسي، وقوات حماية الشعب الكردية من الاثنين معا. وقد تمت استعادة مدينتين في العراق من قبضة التنظيم وهما الرمادي وتكريت، إضافة إلى عدد من القرى المهمة الأخرى.

وفي ديسمبر/ كانون الأول قال وزير الدفاع العراقي، إن نسبة المساحات التي يسيطر عليها داعش من العراق قد انخفضت من 40 في المائة في ذروتها إلى 17 في المائة. وبالرغم من أنه لم تتم استعادة مدن سورية من قبضة التنظيم حتى الآن، إلا انه يستمر في خسارة المناطق، فقد أعلن التحالف في يناير/كانون الثاني حدوث انخفاض في الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم بنسبة 20 في المائة. أعداء داعش اليوم أقرب مما كانوا عليه قبل ستة أشهر لعاصمة التنظيم، مدينة الرقة السورية.

طالما بقي تنظيم داعش يعيش في ظل التنظيمات الإرهابية (الدولة الإسلامية في العراق وفرع القاعدة في العراق)، إذ كان ملتزما في جوهره بعمليات الاغتيال والسيارات المفخخة، كان من الصعب العثور عليه واقتلاعه من جذوره. ولكن استراتيجية داعش بإنشاء دولة سياسية على الأرض، جعلته هدفا غير حصين للضربات الجوية والجيوش التقليدية. فرغم أن الاستراتيجية الأمريكية في حرب التنظيم كانت بطيئة بشكل مفضوح، ها هي اليوم بدأت تظهر فاعليتها بشكل واضح.

القوات العراقية تتجه إلى الموصل، والمدينة تقريبا محاطة مسبقا بالقوات الكردية من الجهة الشمالية، في الوقت الذي ينظف فيه الحشد الشعبي المناطق الداخلية كسامراء وتكريت وجنوب الموصل من التنظيم. لم يعد في مهمة تحرير الموصل مجال للشك.

فإذا كنا متفائلين، سنقول إن العملية ستنجز خلال الصيف المقبل، وإذا كنا متشائمين سنقول إنها ستحدث الربيع المقبل. ولكن نتيجتها النهائية تقترب جدا من أن تكون يقينا. فعندما يتقدم عشرات الآلاف من الجنود مصحوبين بالضربات الجوية الأمريكية، لمهاجمة آلاف قليلة من المسلحين، ستكون نهاية القصة واضحة عسكريا.

فقد رأينا بالفعل رد فعل داعش على هذه النتائج المتوقعة، إذ إننا رأيناه يعود إلى جذوره الإرهابية، حين قام بعملية انتحارية في مدينة الصدر المجاورة للعاصمة بغداد، الشهر الماضي. وبالقيام بذلك، فإن داعش يثبت ضعفه وتراجعه من قوة عسكرية إبلى مجموعة إرهابية.

الوصول إلى داعش

لقد تم الوصول إلى داعش، وبذلك ثبت أن الاستراتيجية بعيدة المدى التي اتبعها التنظيم الأم لداعش، تنظيم القاعدة، هي الأكثر تعقلا وتبصرا. لا شك أن المؤمنين الحقيقيين بالتنظيم سيبقون معه لكن الغموض سيلف مصير آلاف المقاتلين الآخرين الذين شكلوا في السابق عماد التنظيم. نعم، أفرع داعش في ليبيا وأفغانستان ستقوم بهذا العمل بشكل جيد وستشكل أتباع جيدة لمركز التنظيم.

وأي خطوات لقهر هذه الأفرع والتي تكون تكلفتها معقولة، يجب أن تتم. ولكن ماذا سيكون سبب وجودهم في حال زوال مركز المدار الذي يحومون حوله؟

هزيمة داعش لا تعني بأي طريقة هزيمة السلفيين المتشددين، وعلينا أن نتوقع أن من تبقى من التنظيم سيلتحق بالقاعدة، أو تنظيمات سلفية أخرى، بدلا من التخلي عن فكرة حركات العنف ككل.

سيكون إعلان النصر على التنظيم أمرا مغريا بشكل طبيعي، حين يخسر كل المناطق التي تقع تحت سيطرته وهذه ستكون نقطة مفصلية، قطع التمويل عن داعش وتحرير الرهائن من قبضته والقضاء على العنف. ولكن بالمقابل فإن الحركات السلفية الأخرى قد تصبح أقوى في ظل غياب داعش.

وحتى يكون العالم جاهزا لمعالجة الأسباب الحقيقية للأفكار السلفية الدموية، مثل أيديولوجيات الكره والطبيعة الدكتاتورية للأنظمة العربية والتي ترفض الحلول التي لا يتبع فيها العنف، وضعف الإمكانيات الاقتصادية، كل هذه العوامل ساهمت في تضخيم تأثير هذا الفكر على الشبان، علينا أن ننتظر نسخة أخرى، وقد تكون مختلفة تماما عن نمط داعش