رأي: تحالف أقليات أمريكا من المسلمين والمثليين أمر لابد منه عوض الوقوع بدوامة القمع

العالم
نشر
6 دقائق قراءة
رأي: تحالف أقليات أمريكا من المسلمين والمثليين أمر لابد منه عوض الوقوع بدوامة القمع
Credit: WIL Sands/ Fractures Collective for CNN

مقال لسحر عزيز، الأستاذة المساعدة بكلية الحقوق بجامعة تكساس A&M بولاية تكساس الأمريكية. سحر عزيز هي أيضا زميلة غير مقيمة في مركز بروكنغز الدوحة. المقال يعبر عن آراء الكاتبة ولا يعكس بالضرورة رأي CNN.

تكساس، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) --  عندما تكون أحد أعضاء الأقليات، حتما ما تحدد هويتك رد فعلك تجاه أنباء عن جريمة عنيفة. بالنسبة للمسلمين، غالبا ما يكون رد فعلهم: "أرجو أن يكون فاعلها ليس مسلما." وبالنسبة للمثليين، استهداف ضحية لميولها الجنسية يشكل أمرا مفزعا لهم. فعندما جاءت أنباء إطلاق النار الشامل المفزع في أورلاندو، تحققت أسوأ المخاوف لمجتمعين.

هجوم عمر مير متين، وهو أمريكي مسلم، تسبب في موت 49 وجرح 50 آخرين. وكان أغلب الضحايا من المثليين اللاتين.

فهذه المآسي، وردود فعل الأمريكيين على حدوثها، تختبر قيمنا.

والحقيقة أن الهجمات مثل واقعة يوم الأحد، حيث كان الجاني مسلما، قد تثير هيستيريا وطنية حول التهديد الإرهابي، وقد تضعف الحقوق المدنية الخاصة بأقليات أمريكا الأكثر عرضة للشبهات.

وعندما ترتكب أقلية هجوما ضد أقلية أخرى، فهذا يثير أسئلة أكثر. أهمها هو ما إذا كانت هذه المأساة ستقلب أقلية ضد أخرى لتستمر كليهما في تبعيتهما؟ أم هل ستجعلنا نتحد لنعرف أن المجتمعات المسلمة واللاتينية والمثلية وحلفائها يجب أن تعمل سويا لمعالجة عدم المساواة بمجتمعنا؟

للأسف، مازال المجتمعان يتعرضان لتعصب كبير، وعندما يتحول النقاش للأمن القومي، غالبا ما يتجاهلون هذه النقطة. وغالبا ما لا يُبلغ عن الهجمات التي تستهدف المثليين. وهذا بالرغم من الشعور بعدم الأمان الذي يسببونه للمجتمع المثلي، والذي يُستهدف بنسبة كبيرة من جرائم الكراهية. فقد أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي أن ما يقرب من 20 في المائة من جرائم الكراهية بعام 2014 (وهي أحدث الإحصائيات المتاحة) كانت بسبب الميول والهوية الجنسية.

ولكن بدلا من المشاركة في حوار وطني حول ردود الفعل المثيرة للقلق حول تشريع المحكمة العليا للزواج المثلي، يستغل الكثيرون المأساة لتشويه سمعة الإسلام – بالتركيز على الأفعال المعادية للمثليين التي يرتكبها دكتاتوريون من البلاد المسلمة، بدلا من التركيز على وقوع جرائم الكراهية هنا بأمريكا.

ويشار إلى أن بعض السياسيين التزموا الصمت في ردود فعلهم بشأن أحداث أورلاندو حيال القضية الأكبر وهي جرائم الكراهية تجاه المثليين، واختاروا المبالغة في مشكلة أميركا مع ما يسمى بـ"الإسلام المتطرف".

وهذا الرفض لمصارعة التمييز والرعب الذي يضطر مجتمع المثليين لمواجهتهما يوميا أدى إلى تصويت العشرات من المشرعين الجمهوريين ضد قانون منع جرائم الكراهية الذي قدمه ماثيو شيبرد وجيمس بيرد الإبن في عام 2009، القانون الذي أضاف الجنس والهوية الجنسية والميول الجنسية والإعاقة للفئات التي كان يحميها قانون جرائم الكراهية الفيدرالي.

ولكن بدلا من ذلك، وكما هو متوقع، أشعل إطلاق النار الشامل بأورلاندو من جديد مطالب حظر وترحيل ومراقبة المسلمين بشكل جماعي. وفي نفس الوقت، لا تُذكر كثيرا أشكال التمييز الفريدة التي يتعرض لها أولئك الذين يجمعون أقليات الدين والعرق وهويات التوجه الجنسي معا.

الكثيرون يعتقدون في معظم الأحيان وبشكل بديهي أن المجتمعات الإسلامية تقع كلها في الشرق الأوسط وهي خالية من المثليين، وأن المثليين هم من البيض، وأن اللاتينيين كاثوليك وليس بينهم مثلية جنسية. وعلى العكس، كل مجموعة من هذه المجموعات متنوعة وتتألف من ملايين الأفراد بوجهات نظر مختلفة حول مجموعة كبيرة من المواضيع.

محاربة الأقليات لبعضها تديم فقط تبعيتها الهيكلية. وهي أيضا تقليد أمريكي مقلق حيث تستوعب أقليات معنية ما تتعرض له من قمع عن طريق ممارستها هي للقمع بحق أقليات أخرى. فقد أعاقت التوترات العرقية بين المجتمعات الآسيوية والمجتمعات السوداء اللون الجهود الجماعية المشتركة لمواجهة العنصرية ضد السود وضد الآسيويين. وهذه الصراعات بين المجتمعات تعزز مفهوم "التصنيفات" المتعددة، والذي بدوره يهدد ديمقراطيتنا أكثر بكثير من أي عمل إرهابي واحد.

ولكن رغم هذه التوترات – والتي يشعلها السياسيون ووسائل الإعلام في كثير من الأحيان – ظهرت في أعقاب حدث إطلاق النار بأورلاندو بعض بوادر الأمل. فعلى سبيل المثال، البيانات الصادرة من المجتمعات الإسلامية بعد المجزرة للتضامن مع المجتمعات المثلية هي علامة للتقدم، كما أشار قادة المجتمع المثلي أيضا إلى دعم المسلمين.

إذا استطاع قادة المجتمع المثلي الاستمرار برفض ردود الفعل الكارهة والمعادية للمسلمين، فهذا سيدل على فهمهم العميق لمخاطر التحيز على جميع الأقليات على المدى الطويل.

وأثناء حزننا على مقتل 49 إنسانا، من الضروري ألا نسمح لهذه المأساة أن تدق إسفينا بين مجتمعات المسلمين، والمثليين واللاتينيين.

بالأحرى، لابد أن تغتنم هذه المجتمعات التابعة وحلفاءها اللحظة للعمل سويا لوقف الكراهية والعنف، أيا كان المُستهدف. والفشل في ذلك يمنح الإرهابيين ما يريدونه، وهو مجتمع متقسّم ومُنقسم على ذاته وينقسم على حاله.