رأي: أردوغان سيستغل محاولة الانقلاب العسكري بتركيا لسحق المعارضة وقصم ظهر الجيش لاستبدال الديمقراطية بالديكتاتورية

العالم
نشر
4 دقائق قراءة

مقال رأي لجيني وايت، وهي أستاذة الدراسات التركية في معهد وجامعة ستوكهولم للدراسات التركية في السويد، ومؤلفة كتاب "الوطنية الإسلامية والأتراك الجدد." هذا المقال يعبر عن رأي الكاتبة ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- حتى ليلة الجمعة، كانت تركيا دولة مسقرة وناجحة، رغم إشكالياتها، إلا أنها كانت بمثابة منطقة عازلة بين أوروبا والشرق الأوسط المنهار وشريكة للولايات المتحدة. عانت الدولة من هجمات إرهابية مثل الدول الأوروبية، وشهدت تضامن العالم عبر مشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتغطية المعالم الأثرية حول العالم بالعلم التركي أو إضاءتها بألوانه. تغير ذلك بعد محاولة الانقلاب العسكري.

تلك التحركات العسكرية، أخرجت تركيا من أوروبا وصنفتها كدولة في الشرق الأوسط، إذ مزقت استقرار الدولة، وقد تؤدي حتى إلى حرب أهلية في حال تطورت الأوضاع، ما يُضيف صراعا جديدا تواجهه الدولة مثل هجمات تنظيم "داعش" الإرهابية والقتال المستجد ضد "حزب العمال الكردستاني" (PKK)، وتدمير البلدات التركية من قبل قوات الأمن التركي، التي تلقت الحصانة، بالإضافة إلى العنف المستمر الذي تخلل المجتمع التركي، ويستهدف بشكل خاص النساء. لم تعد تركيا تستطيع أن تكون مصدا للعنف، إذ أصبحت أضحية على مذبحها الخاص.

شاهد.. فيديو يختصر محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا

ونتيجة لذلك، أصبحت فائدة تركيا كـ"ملاذ آمن" للاجئين السوريين محل شك، ما يهدد اتفاقيتها مع الاتحاد الأوروبي المشبوهة أخلاقيا بتوفير الأموال لتركيا مقابل إبقاء مئات الآلاف من اللاجئين داخل الدولة، وفي ذات الوقت، انحدار تركيا إلى ما يحتمل أن يكون مطاردة الحكومة لـ"الانقلابيين" وانتقاما عنيفا واسع النطاق، ما يعني مزيدا من الغضب ومزيدا من الإخلال باستقرار الشعب الذي يُرجح أن يطلب الحماية من الخارج.

ويُرجح أن الجماعات الإرهابية مثل "داعش" ستستغل ذلك الإخلال باستقرار الشعب لتجنيد المزيد من العناصر داخل تركيا، ومن هناك سيستطيع الوصول إلى أوروبا، كما تحرك الإرهابيون خلال السنوات الماضية عبر تركيا في طريقهم إلى سوريا، بينما صرف الحكومة التركية نظرها عما يحدث، وكما يُقال عدو عدوي هو صديقي، كان "داعش" والإرهابيون الآخرون يحاربون المليشيات الكردية، أبر "بعبع" لدى تركيا والذي أعماها عن المخاطر الأخرى.

واستنكرت الولايات المتحدة وأحزاب المعارضة في تركيا محاولة انقلاب الجمعة، ولكن إذا هاجم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، الذي يقوده أردوغان، المعارضة، كما يبدو أنه يفعل الآن، يمكننا توقع أن أردوغان سيستخدم محاولة الانقلاب ليسحق بقسوة عمود المعارضة الفقري، ويقصم ظهر الجيش للأبد، عبر اعتقال أو إعدام كل من هم في الحقيقة أو يُزعم أنهم "خونة."

اقرأ.. فواز جرجس يبين لـCNN كيف يمكن أن يستغل أردوغان محاولة الانقلاب بتركيا

ورد ذكر بيان لمدبري الانقلاب بأنهم تدخلوا لأن الرئيس والحكومة خلقا "أوتوقراطية" جعلت النظام القانوني غير قابل للتنفيذ، وهذا صحيح حتى الآن، إذ على مدى السنوات الخمس الماضية، عرقل الحزب الحاكم بشكل منهجي استقلال مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام والتعليم والمجتمع المدني، ومؤخرا اثنين من أعلى المحاكم في البلاد. باختصار، فكك حزب "العدالة والتنمية" بينة الديمقراطية التحتية في الدولة.

مأساة الجمعة، سببتها الحكومة التي كانت على استعداد للمتاجرة في ديمقراطية فاعلة واستبدالها بالسلطة الديكتاتورية، ومن المفارقات الساخرة، يبدو من المرجح أنها ستستخدم محاولة الانقلاب الفاشلة لتحقيق ذلك الهدف.