ما هي خلفيات رفع الرقابة القضائية بالجزائر عن قياديين إسلاميين؟

العالم
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير حمزة عتبي
ما هي خلفيات رفع الرقابة القضائية بالجزائر عن قياديين إسلاميين؟
في الصورة من اليمين إلى الشمال، الشيخ كمال غمازي ، الدكتور أحمد بن محمد، الشيخ عبد القادر بوخمخم Credit: RR

الجزائر (CNN)-- رفعت السلطات القضائية الرقابة القضائية عن ثلاث قيادات من التيار الإسلامي بأمر من وزير العدل الطيب لوح، في وقت لم يتأكد بعد إسقاط المتابعة عنهم، وجاء هذا القرار استجابة للسؤال الشفوي الذي طرحه النائب البرلماني عن جبهة العدالة والتنمية لوزير العدل خلال جلسة مناقشة في قبة البرلمان.

وعبّر وزير العدل، يوم 3 نوفمبر / تشرين الثاني، خلال جلسة النقاش في المجلس الشعبي الوطني، عن عدم درايته بهذه القضية، وأنه "لم يبلغ بأي شكوى بخصوص هؤلاء الأشخاص"، مؤكدا أنه سيفتح تحقيقا بهذا الخصوص واتخاذ التدابير المناسبة في حال تبين أن الإجراء لم يكن قانونيا.

وكان النائب البرلماني حسن عريبي، قد وجه سؤالا شفويا لوزير العدل مطلع الشهر الجاري، يتساءل فيه عن وضع ثلاث قياديين من التيار الإسلامي تحت الرقابة القضائية لمدة ثماني سنوات بعد مشاركتهم في مسيرة تضامنية مع سكان غزة الفلسطينية ضد القصف الإسرائيلي في سنة 2009.

وقتها، قامت السلطات القضائية بتوجيه عدة تهم إلى قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة عبد القادر بوخمخم وكمال غمازي وكذا الدكتور أحمد بن محمد رئيس حزب الجزائر المسلمة المعاصرة المنحل سنة 1996، تتعلق بالتحريض على العنف والمشاركة في مسيرة غير مرخص لها كون المسيرات في العاصمة الجزائرية محظورة قانونا.

ويؤكد حسن عريبي في حديثه لـCNN  بالعربية، أن السلطات القضائية رفعت الرقابة القضائية عن القياديين الثلاث مع الإبقاء على المتابعة إلى غاية النظر في القضية، مرجحا في الوقت نفسه، طي الملف نهائيا خلال الأيام القليلة القادمة.

ويعتبر عريبي أن هذا الإجراء هو اعتراف ضمني بأن السلطة تجاوزت حدودها وتعدت على حقوق المواطنين، ممّا يستوجب الاعتذار الرسمي والتعويض عن الأضرار التي لحقت المعنيين جراء ثماني سنوات من الرقابة، كاشفا أنه في اتصال مع وزير العدل، اعترف هذا الأخير بأن "هناك ذنب ارتكب في حق هؤلاء الشخصيات".

ويعتقد المتحدث أن هناك توجه جديد تجاه قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ بما أن الانتخابات التشريعية على الأبواب، وهي رسالة لقادة التيار الإسلامي بان السلطة تقف على مسافة واحدة بين جميع الأطراف دون مفاضلة، فضلا عن  أن السلطة الآن أمام مأزق العزوف الانتخابي، مما يستدعي الاستنجاد ومحاولة استمالة الوعاء الإسلامي. 

ويؤكد الشيخ كمال غمازي أنه علم برفع الرقابة القضائية عبر قاضي محكمة بئر مراد رايس لما توجه للمحكمة ليقوم بالتوقيع الأسبوعي، كاشفا أن القاضي أبلغه بهذا القرار شفويا وأن إدارة المحكمة قد توجيه البلاغ للمعني عبر البريد، في لم يتأكد محدثنا من إسقاط المتابعة أو الإبقاء عليها.

ويضيف غماي في حديثه لـ CNN  بالعربية، "نحن ننتظر وصل الرسالة التي بعثتها المحكمة عبر البريد لنطلع عليها وبعدها نقرر التحرك وفق الإجراءات القانونية المعمول بها"، مطالبا بوجوب تقديم الاعتذار "لأننا تضررنا كثيرا من جراء هذه الرقابة التي دامت ثماني سنوات ".

ويستطرد قائلا: "الوزير في تصريحه الأول قال ليس لي علم بالقضية، ومادام قد اتخذ هذا الإجراء، معناه أنه وجد هناك تجاوز قانوني.ومادام هناك تجاوز يجب أن يصحح هذا الخطأ، وبالتالي من حقنا أن يقدم لنا اعتذار ونعوض عن الأضرار التي لحقتنا جراء هذا الإجراء".

أما المفكر الإسلامي الدكتور أحمد بن محمد اكتفى بالقول، في اتصال مع CNN بالعربية، أنه "فوق المطالبة بالاعتذار ورد الاعتبار"، وأوضح قائلا "لا مروءتي ولا شهامتي تسمح لي بأن أطالب بهذا، فانا مهما حدث كنت حرا ولازلت، وأعتقد أن الرقابة القضائية رُفعت عن النظام وليس عنا ".

ومن وجهة نظر القانونيين، يقول المحام عمار خبابة أن "رفع الرقابة القضائية في هذا الظرف كان لأسباب غير قضائية. هناك غاية من وراء هذا الإجراء"، ويضيف خبابة، أن وزير العدل لن يقدم أي اعتذار إذا ثبت وجود خطأ قضائي بل لجنة التعويض ستحكم بتعويض المعني ويعوض من الخزينة العمومية.

يشرح خبابة في اتصال مع CNN بالعربية، الإجراءات المعمول بها قانونا في القانون الجزائري، قائلا "رد الاعتبار يكون حينما يكون هناك انتفاء وجه الدعوى أو حكم نهائي بالبراءة"، موضحا كلامه "نحن أمام رفع إجراء قضائي يوضع تحته المتهم لضرورة التحقيق وحينما يصبح غير ضروري يرفع".

وهذا ما يستدعي انتظار "صدور أمر من قاضي التحقيق بانتفاء وجه الدعوى أو إحالة المتهمين على محكمة الجنح إذا كانت الوقائع جنحة أو صدور قرارا من غرفة الاتهام بإحالة المتهمين على محكمة الجنايات إذا كيفت الوقائع جناية، أو يصدر أمر بأن لا وجه المتابعة ويطوى الملف"، على حد تفسير خبابة.