/منوعات
 
الأربعاء، 02 حزيران/يونيو 2010، آخر تحديث 14:00 (GMT+0400)

"قضية فارويل": فيلم تجسس فرنسي بعمق درامي إنساني

إمير كوستوريكا وغيوم كاني في مشهد من الفيلم

إمير كوستوريكا وغيوم كاني في مشهد من الفيلم

الرباط، المغرب (CNN) --  خلق فيلم "قضية فارويل" للمخرج الفرنسي كريستيان كاريون الحدث في أوساط الفن السابع بفرنسا لكونه يقدم معالجة سينمائية لإحدى أبرز قضايا التجسس إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي، وهو صنف سينمائي لا يحظى في فرنسا بذات القدر الاهتمام كما في هوليوود.

في أوج حرب المعلومات بين الاتحاد السوفيتي والقوى الغربية، تكمن الإضافة الإبداعية للفيلم في تسليطه الضوء على الهوامش الإنسانية للجاسوس السوفيتي، الكولونيل سيرجي غريغورييف (الذي يحمل الاسم المشفر "فارويل") والوسيط الفرنسي المقيم بموسكو بيار فرومونت.

ومن السمات المثيرة في الطاقم التمثيلي اعتماد المخرج على مخرجين اثنين لأداء الدورين الرئيسيين: المخرج العالمي البوسني إمير كوستوريكا في دور الكولونيل العامل بالكي.جي.بي، والمخرج الفرنسي غيوم كاني في دور الوسيط الفرنسي فرومونت.

تجري وقائع القصة في موسكو بداية الثمانينات، في أوج الحرب الباردة، والتي بدت في الفيلم فضاء مصورا بفنية ودقة عالية سواء على مستوى الأزياء أو الديكورات الداخلية والخارجية.

الكولونيل سيرجي، غاضب من نظام بلاده ويحلم بأن "يغير العالم" كما جاء على لسانه في إحدى المشاهد. يربط الاتصال بمهندس فرنسي مقيم بموسكو، ويدلي له بمعلومات لنقلها إلى الاستخبارات الفرنسية.

يتعلق الأمر بمعلومات غاية في الأهمية من بينها قائمة بعدد من المخبرين الذين ينقلون أسرار الصناعات العسكرية الغربية المتقدمة التي مكنت السوفيت من مسايرة التطور الغربي زمنا طويلا. ميتران نفسه سيدخل على خط الواقعة وينقل المعلومات رأسا إلى نظيره الأمريكي رونالد ريغان لتبديد شكوكه بشأن ولاء فرنسا للمعسكر الغربي خصوصا في ظل هيمنة اليسار على السلطة بباريس آنذاك.

رغم أن المادة الخام للفيلم تنتمي إلى الحقل العسكري الذي يقوم سينمائيا على الايقاع السريع الذي يشد الأنفاس وتصعيد المواجهة، فإن المخرج اجتهد في رصد ومعايشة الواقع النفسي والمحيط الإنساني للبطلين.

يهدم المخرج الصورة النمطية للجاسوس الذي يقدم عادة خدماته مقابل المال، فالكولونيل يؤمن بما يفعل ويعتبره مساهمة في تغيير العالم وخدمة لبلده بطريقته الخاصة، وقد اكتفى فقط بطلب بضع زجاجات من الكونياك وأسطوانات غناء غربية لابنه المراهق الذي لا يفكر سوى في جهاز "ووكمان" وسروال دجينز أمريكي، كما لو أنه يفعل ذلك من أجل أحلام ابنه الصغيرة.

أما المهندس الفرنسي الذي نقل معلومات غيرت وجه العالم، فليس عميلا محترفا على غرار ما تقدمه عادة أفلام التجسس الساخنة، بل مجرد رب عائلة يعمل لشركة "تومسون" بموسكو، وجد نفسه في موقف خطير وتجاوزته الأحداث لينخرط في لعبة تهدد حياته وحياة عائلته.

يتقدم مسارا البطلين في اتجاه مصيرين مختلفين إثر انكشاف الواقعة: ينجح المهندس الفرنسي وعائلته في عبور الحدود في اللحظة المناسبة بينما يستسلم الكولونيل لقدره، وينقاد أمام عناصر المخابرات السوفيتية إلى غابة وسط الثلوج حيث اختار الموت بالرصاص، مرتاحا لمساهمته في تغيير العالم.

advertisement

وقد لقي الفيلم ترحيبا لا بأس به في الملاحق السينمائية الفرنسية التي أثنت على اجتهادات المخرج في رصد زوايا أصيلة لموضوع تقليدي في السينما العالمية من قبيل التجسس، بحيث تجاوز ما هو "وثائقي" ليلعب على خطوط الدراما الإنسانية.

كما توقف النقاد طويلا عند الأداء المدهش الذي وصفوه ب "المطابق للطبيعة" لدى إمير كوستوريكا الذي نجح في عبوره أمام الكاميرا بعد أن انتزع قبل ذلك كمخرج لقب "ساحر السينما".

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.