تونس، تونس (CNN) -- أثارت أغنية "من أنتم" للفنان التونسي محمد الجبالي جدلا كبيرا بسبب طريقة إخراجها وامتناع عدد كبير من وسائل الإعلام عن بثها.
ويقول الجبالي في مطلع الأغنية مخاطبا الزعماء العرب الذي يظهرون بشكل كاريكاتوري (إينميشنز) "من أنتم؟ اقتلتو الشعب وما ارحمتم، من أنتم ياما اقهرتو واظلمتم.. اليوم الشعب العربي اتحرر هو يخطط هو يقرر واللي ناوي بينا يغدر يلقانا فين ما يتصور.. زنقة زنقة.. بيت بيت.. دار دار.. حوش حوش.. الحرية ولا نسلم."
ويؤكد الجبالي في مقابلة خاصة مع موقع CNN بالعربية أن فكرة إخراج الأغنية في البداية كان تعتمد على أخذ صور من بعض الثورات العربية، مشيرا إلى رغبته بانتشار الأغنية في العالم العربي كونها موجهة للزعماء العرب وليست خاصة بالواقع التونسي فقط.
ويضيف "المخرج محمد المنشاوي رأى أن يتم إخراج الأغنية بشكل كاريكاتوري معبّر، وأعتقد أن الشكل الجديد يلفت الانتباه أكثر ويفهمه الجميع لأنه يعتمد أساسا لعبة كمبيوتر مضحكة ومحزنة في آن واحد."
وحول اعتماده على عبارات استخدمها بعض الزعماء العرب، يقول الجبالي "البعض اعتقد أن استخدام مصطلحات مثل 'من أنتم' و'زنقة زنقة' التي استخدمها الزعيم الليبي معمر القذافي في عدد من خطاباته يحمل نوعا من السخرية وعدم الجدية، لكن الأمر عكس ذلك تماما."
ويشير إلى أن الأغنية تأتي كرد فعل على خطاب بعض الزعماء العرب الذين يتمسكون بالسلطة ويستخفون بشعوبهم ويستمرون بقتلهم، و"الأغنية تؤكد أن الشعب هو من يملك الحق في مساءلة الحاكم لا العكس."
وقدم الجبالي عدد من الأغاني الخاصة بالثورة التونسية، أبرزها "مع تونسنا" و"باسم الوطنية" التي انتقد فيها الفهم الخاطئ للحرية والديمقراطية من قبل بعض الناس بعد الثورة.
ويستغرب الجبالي تجاهل الإعلام التونسي للأغاني الوطنية المحلية وبث أغاني أخرى لعدد من الفنانين العرب.
ويضيف "أغنيتي 'باسم الوطنية' و'من أنتم' امتنع عدد كبير من وسائل الإعلام التونسية عن بثها أو مرت بشكل 'محتشم' على بعض الإذاعات، بالمقابل تقوم وسائل الإعلام المحلية ببث عشرات الأغاني الوطنية لمطربين عرب بشكل يومي، لست ضد الأغنية العربية لكن ثمة أغاني تونسية هامة رافقت الثورة التونسية ويفترض أن تلقى اهتماما خاصا من الإعلام المحلي."
ويرى الجبالي أن الثورة التي غيرت النظام السياسي في تونس لم تساهم حتى الآن في تغيير عقلية القائمين على الإعلام التونسي.
بالمقابل، يبدو الجبالي متفائلا بمستقبل الفن في تونس، مشيرا إلى أن الثورة كشفت عن مواهب كثيرة لم تكن معروفة على صعيد الغناء بشكل خاص.
ويضيف "الإنتاج الفني التونسي على صعيد الغناء والمسرح والسينما معروف في العالم العربي، ونحن لدينا شعراء ومبدعين كثر وتنقصنا فقط الغيرة، وعلى الإعلام التونسي أن يساهم في دعم المبدع التونسي بالدرجة الأولى."
ويدعو الجبالي إلى قيام ثورة في الفن تواكب التغيير الذي حدث في تونس، داعيا الفنانين التونسيين إلى تنحية الخلافات الشخصية جانبا والمساهمة في تهدئة الأوضاع في البلاد.
ويرى أن الفوضى الحالية في تونس وخاصة في مجال الفن ستزول قريبا "وسيصبح هناك غربلة ويبقى الأصيل فقط."
وحول تبدل مواقف بعض الفنانين التونسيين بعد الثورة، يقول الجبالي "قبل أن نحاسب الفنانين على تبدل مواقفهم يفترض أن نحاسب المتورطين في عمليات السرقة والخطف والنهب."
ويضيف "لا يمكن أن نحاسب الفنان على موقفه من الحاكم، خلال العهد السابق كان ثمة عدد كبير من الفنانين لا يستطيعون الكلام لأنهم يتعرضون لضغوط كبيرة من النظام، وعموما الفنان لا يستطيع أن يغيّر وزير أو يحاكم رئيس دولة."
وشهدت الفترة الأخيرة تصريحات مثيرة للجدل ومواقف متباينة لعدد من الفنانين العرب حول الأحداث السياسية الجارية في بلادهم.
ويعتقد الجبالي أن ذلك لا يصب في مصلحة الفنان الذي "يجب أن لا ينسى مهمته كفنان بالدرجة الأولى، وإذا أراد التعبير عما يجري في بلده فيجب أن يستعين بالفن لا السياسة التي لها رجالها."
ويضيف "رأينا ما حصل في عدد من الدول العربية حيث تدخلت بعض الأسماء الكبيرة في مجال الفن بالسياسة وأدلو ببعض التصريحات المثيرة للجدل وبالتالي خسروا جمهورهم، السياسة ميدان كبير حتى أن بعض السياسيين يتوهون فيه، والفنان يبقى فنانا ويعبر من داخله عبر الفن فقط."
وحول أعماله الجديدة يقول الجبالي "سجلت مؤخرا عدد من الأغاني من كلماتي وألحاني، منها أغنية بعنوان 'مثلا' وثمة أغنية أخرى باللون الخليجي، إضافة إلى أغنية مشتركة (ديو) مع الفنانة أماني السويسي بعنوان 'روح الروح'، وأحضر هذا العام للمشاركة في عدد من المهرجانات الفنية في تونس والعالم العربي.