CNN CNN

تحت ضغط الجمهور.. فعاليات ثقافية تعود لدمشق بخجل

الخميس ، 05 كانون الثاني/يناير 2012، آخر تحديث 20:01 (GMT+0400)

دمشق، سوريا(CNN) -- "حتى في عز أزمات الحروب على الناس أن يستيقظوا صباحاً، ويشربوا القهوة، ويبدأوا العمل."

بهذه الكلمات اختصر الكاتب السوري عدنان العودة لموقع CNN بالعربية؛ تصوره عن ضرورة استمرار الحراك الثقافي في سوريا رغم كل ما يحدث.

وأضاف العودة: "حتى لو ذهبت سوريا إلى أسوأ السيناريوهات في المرحلة المقبلة، على الناس أن تكمل حياتها، بما في ذلك الحراك الثقافي الذي يعتبر شرطاً من شروط استمرار الحياة، ومن مهمته في هذه المرحلة أكثر من أي وقتٍ مضى رصد كل ما يجري في الشارع السوري."

وبعد أن "أبدوا الكثير من التردد في المرحلة الماضية" على حد تعبيره، توقّع العودة استيعاب المثقفين السوريين لهذا الحراك شيئاً فشيئاً، وذلك: "بقدر ما يحاول النظام السياسي استيعابه، مما يؤدي إلى نقل الثقافة السورية إلى فضاء آخر مختلف عما كان سائداً في السنوات الماضية."
 
تصريحات العودة لـ CNN بالعربية أتت بمناسبة توقيعه لكتاب يتضمن مسرحية له بعنوان "المرود والمكحلة،" ويشتمل هذا الكتاب أيضاً على مجموعة من المسرحيات العربية لكتابٍ معاصرين نُشـِر في إطار إحدى الفعاليات التي ينظمها المجلس الثقافي البريطاني بالمنطقة، وتم توقيعه على هامش ختام مشروع "كرفان الشعر والموسيقى" الذي نظمته جمعية "المكان" السورية للفنون، بالتعاون مع منظمة "cosv" الإيطالية، وجمعية مقهى بغداد للشعر والموسيقى- السويد، وبرعاية من الاتحاد الأوروبي.

والمشروع من بين آخر النشاطات التي دعمها الاتحاد الأوروبي في السنوات الماضية، وتعرض لعقبات كثيرةٍ في مراحل التنفيذ الأخيرة، بسبب موقف أوروبا مما يحدث في سوريا، حتى أن المنظمة الإيطالية الراعية طلبت سحب شعارها من ملصقات حفل ختام المشروع، وفقاً لتأكيدات منسقيه لـ CNN بالعربية.

وعن مشروع "كرفان الشعر والموسيقى" حدثتنا مايا الكاتب قائلةً: "هذا المشروع استهدف بالأساس زيادة الحركة الثقافية في سوريا، وتعميق مستوى التبادل الثقافي بيننا وبين أوروبا، من خلال عدة فعاليات منها تدريب مجموعة من الشباب السوريين على الصحافة الثقافية، والتخطيط لهذا النوع من الفعاليات التي تمت إقامتها تحت عنوان "كرفان" كمجموعة من المحاضرات، والندوات، والحفلات الموسيقية، والمعارض."

وأضافت: "وأثمر هذا المشروع عن كتاب يتضمن مجموعة من القصائد لشعراء معروفين في سوريا، وإيطاليا، والسويد، إلى جانب أسطوانة موسيقية تحتفي بموسيقى البلدان الثلاث، ومجموعة شعر للأطفال هي نتاج ورشتي عمل معهم تحت بعنوان (الأشياء من حولنا شعر.)"

وأكدت الكاتب لـ CNN بالعربية أن أنشطة المشروع كانت تحظى بإقبال كبير على مدار العام،  وتمت بسلاسة: "باستثناء بعض أيام السبت التي كنّا نضطر فيها لتأخير فعاليات التدريب بسبب تعثّر وصول بعض المشاركين،" على حد تعبيرها.

كما أن هذه الأنشطة أخذت مؤخراً طابعاً بحثياً، نتج عنه:"إنشاء مكتبة للفنون، تبرع بمقتنياتها مجموعة من الفنانين والمؤسسات، تم افتتاحها مؤخراً في (غاليري مصطفى علي)، ووضعت مقتنياتها بمتناول العموم".

زيارة CNN بالعربية لدمشق القديمة لحضور ختام فعاليات "كرفان الشعر والموسيقى" أتاحت لنا الإطلاع على عددٍ من المعارض التي تقام بشكلٍ متزامن، في منطقة "تل الحجارة" أو ما يعرف بشارع الفنانين بقلب المدينة القديمة.

ولاحظنا الإقبال الكبير لجمهور المهتمين، على هذا النوع من الفعاليات الثقافية التي عادت على نحو خجول إلى صالات عرض العاصمة السورية، بعد أن كانت حبيسة جدران "أوبرا دمشق" على مدى شهورٍ عديدة، ففي ذات الوقت يقام في أحياء "باب شرقي"، "البزورية"، "باب توما" مجموعة من المعارض للتصوير الفوتوغرافي، المنحوتة الصغيرة، اللوحة الصغيرة، ومدارس الفن المعاصر.

ويؤكد النحات يامن يوسف أن هذه المعارض قامت: "بجهدٍ جماعي لعددٍ من الفنّانين، وبضغطٍ من الجمهور، لأن الفن يجب أن يستمر في النهاية ويعبر عنك مهما كان اتجاهك"، ودعا يوسف "إلى حراكٍ فني يعبّر عن هذه المرحلة، فبإمكان أي فنّان أن يطرح الموضوع الذي يريده ويتواصل مع المتلقي من خلال الفن، وذلك بدلاً عن العزلة."

وأنحى يوسف باللائمة على بعض الجهات الراعية، باعتبارها مسؤولة عن توقف هذا النوع من الحراك، عبر إيقاف التمويل، بسبب ظروف البلاد، ووجه تحيةّ في ذات الوقت للصالات التي آثرت الاستمرار في إقامة الفعاليات الثقافية في دمشق أياً كانت الظروف، ومنها صالة النحات مصطفى علي، التي احتضنت فعاليات "كرفان الشعر والموسيقى،" إلى جانب مجموعة من الفعاليات التي تقيمها الصالة.

وهنا شدد النحات مصطفى علي في تصريحٍ لـ CNN بالعربية على الحاجة لهذا النوع من الأنشطة الثقافية لأنها تساهم من وجهة نظره في "نشر الوعي، والتنوير، والتقارب، وخلق حالة من الحب يحتاجها السوريون كثيراً في هذه المرحلة،" مؤكداً على أن أعداد الجمهور في كل النشاطات التي أقيمت في صالته مؤخراً كانت تفوق المتوقع.

تبقى دمشق مدينة مكابرة تخبأ أسرارها، وتختزن في أزقتها روائح الموت والحياة منذ أقدم العصور.