عمّان، الأردن (CNN) -- أعلن رئيس الوزراء الأردني، معروف البخيت، خلال مؤتمر صحفي الخميس عن قبول استقالة كل من وزيري العدل، حسين مجلي، والصحة، ياسين الحسبان، على خلفية ما قال إنه قضية رجل الأعمال الأردني خالد شاهين المحكوم في قضية توسعة مصفاة البترول الأردنية والموجود حالياً خارج البلاد.
وقال البخيت، في المؤتمر الصحفي الذي تناول فيه جملة من القضايا الداخلية الأردنية، إن استقالة الوزرين جاءت على خلفية تلك القضية، وأنهما "قررا أن يتحملا المسؤولية الأدبية والابتعاد عن العمل خلال هذه الفترة قبل استكمال التحقيق" بحسب وصفه.
وأشار البخيت إلى نزاهة الوزيرين وتفضيلهما الابتعاد عن الحكومة في ظل استمرار التحقيق في القضية.
وكانت تقارير صحفية قد كشفت عن هروب شاهين إلى خارج البلاد بعد تكليف البخيت بتشكيل حكومته في الأول من فبراير/شباط الماضي بفترة وجيزة.
استقالة أم إقالة؟
وخلال اتصال هاتفي فور إعلان البخيت قبول استقالة الوزيرين، رفض وزير العدل الأردني ونقيب المحامين السابق، حسين مجلي، التعليق على "التقدم بالاستقالة"، مكتفياً بالقول لـCNN بالعربية: "هل رأيتم الاستقالة هل قرأتموها أو تم توزيعها؟"
وفيما لم يدل مجلي بأية تصريحات، نشر نص استقالته في وقت لاحق أعرب فيها عن خيبة أمله من مشاركته في حكومة البخيت، وموجها انتقادات قاسية لها لما وصفه بسوء تعاطي الحكومة مع جملة من الملفات، بما في ذلك "الصراع العربي الإسرائيلي"، ضمن تسعة بنود لم يشر فيها الى قضية شاهين.
وقال حول ذلك في الاستقالة: "إن كل تحديد للقوى المعادية للأمة العربية ولكل بلد عربي بأنها الصهيونية وإسرائيل فقط، وإخراج الولايات المتحدة عن كونها العدو الرئيسي والمهندس الأعظم في صنع هذا التحدي والعمل المخطط لهزيمة الأمة العربية مجتمعة إنما هو تحديد جاهل أو متجاهل أو مكابر."
أما حول إشارته الى أداء الحكومة وخيبة أمله فيها فقال: "لقد اجتهدت وشاركت في الحكومة على أساس أن أداء العدل هو القضية الأهم في الوطن وهو قضية وطنية وقضية أمنية فوجدت أن هناك قلباً للأولويات، وأن قد اتسع الخرق على الراتق، وأن هناك فجوة واسعة جداً بين الطموحات والإمكانيات، وأن طريق الإصلاح مسدود ويستحيل التقدم على الطريق المسدود."
من ناحيته، أعرب وزير الصحة الأردني، ياسين الحسبان عن "ارتياحه" لمغادرة موقعه، قائلاً في تصريحات لـCNN بالعربية: "اعتقدت أن الحكومة هي حكومة إصلاحية، لكنها ليست كذلك وهناك الكثير من الضغوطات التي مورست عليّ وعلى الوزراء... يوجد الكثير من ملفات الفساد المالي والإداري ولدي أدلة... لكن المعيقات وقفت أمامي وتلاقت رغبتي مع رغبة الرئيس البخيت في الاستقالة فقدمتها واعتبرتها تضحية للوطن."
أما حول علاقته بقضية شاهين وما تردد من أنباء حول توقيعه على التقرير الطبي الرسمي الذي سمح لرجل الأعمال شاهين بمغادرة البلاد، فأوضح قائلاً: "أؤكد أنه ليست لي أي علاقة من قريب أو بعيد بسفر شاهين، ولم يكن لي دور طبي في موضوعه، وما قمت به هو المصادقة على تواقيع الاطباء التي وردت من أعضاء اللجنة الطبية للعلاج في الخارج."
في الأثناء، أكدت مصادر في وزارة الصحة الأردنية لـCNN بالعربية، أن رئيس الوزراء الاردني استدعى الوزيرين الساعة الحادية عشرة صباح الخميس لتقديم استقالتهما، وأنه "طلبت منهما الاستقالة."
وسجل مجلي منذ توليه حقيبة العدل مواقف سياسية معارضة، كان أولها تبني قضية الجندي الاردني أحمد الدقامسة المحكوم على خلفية قتل 7 إسرائيليات في قضية ما يعرف بالباقورة.
وكانت الحكومة الأردنية قد أحالت ملف قضية شاهين للتحقيق فيها إلى هيئة مكافحة الفساد، وما تزال القضية قيد التحقيق.
وأثارت قضية شاهين وهروبه خارج البلاد خلال فترة محكوميته في السجن بحجة العلاج، كما أشارت مصادر رسمية، الجدل بين الأوساط الشعبية الأردنية والسياسية، حيث لم تنقض فترة محكوميته البالغة ثلاث سنوات.
شاهين فار من العدالة
وشن البخيت هجوماً على من يتهم أشخاصاً بالفساد دون أدلة، مشير إلى أن النائب العام سيتحرك ضد كل شخص يدعي أن هنالك فساداً دون دليل واثبات.
وقال رئيس الوزراء الأردني: "لن نتوانى بعد اليوم على تحويل أي يشخص يوجه اتهام أو افتراء لي ولوزرائي دون دليل، وسيكون القضاء الفيصل بيننا، والدولة الأردنية والحكومة لن تهزها أي افتراءات"، مضيفاً أن "شاهين يعد فاراً من وجه العدالة."
وأقسم البخيت مرارا بأنه لا علاقة للوزيرين بقضية شاهين، وأن قبول الاستقالة جاء بناء على رغبتهما الشخصية، فيما أشار في رده على تساؤل للصحفيين إلى مسؤولية وزير الداخلية وعدم استقالته على خلفية القضية، وقال "إن التحقيق مازال جارياً."
وحول العفو العام، قال إنه سيصدر قبل العاشر من الشهر المقبل، وأنه لن يشمل جملة من الجرائم من بينها الإخلال بالوظائف العامة، فيما أشار إلى أن قضية شمول الجندي الدقامسة بقانون العفو العام لم تبحث للآن.
رسالة عبدالله الثاني للبخيت
ويتزامن الإعلان عن استقالة الوزرين توجيه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، رسالة إلى رئيس الحكومة بإصدار قانون عفو عام حسب "القوانين المرعية"، من المتوقع أن يصدر كقانون مؤقت خلال الفترة القليلة المقبلة.
وشدد العاهل الأردني في الرسالة، التي وجهها الأربعاء بمناسبة عيد الاستقلال الأردني، على "شجب الفساد كمدخل لاغتيال الشخصيات، والنيل من سمعة الأفراد والمؤسسات."
وشدد العاهل الأردني في الرسالة على أن "الأردنيين مجمعون على رفض الفساد، ولا يرضوْن أن يتخذ من هذا الرفض باباً للإفساد. فعلى كل من يملك البيّنة بفساد أنّى وقع، ومن أيِّ كان، ومهما كان موقع مرتكبه الاجتماعي، أن يتقدم للقضاء النزيه والعادل لإحقاق الحق."
وحذر عبدالله الثاني من "الأخطاء التي نجمت عن التعامل مع بعض القضايا ذات الصلة بموضوع مكافحة الفساد، حيث أدى غياب المعلومات وارتباك التصريحات حولها إلى انتشار الإشاعات حتى طغت على الحقيقة، ونالت من الأبرياء، واتُخِذَت مدخلا لدس الفرقة والإشاعة."
وشدد في رسالته للبخيت على ضرورة "تطوير موقف قضائي وقانوني حازم حول هذه القضايا، يضع حدا للشكوك ويرد على الإشاعة بالحقائق."