CNN CNN

النمرود: مسرحية بأجساد فلسطينية وهمّ عربي

السبت، 10 آذار/مارس 2012، آخر تحديث 23:01 (GMT+0400)
 

(شاهد التقرير)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "ثوروا على الضحّاك".."ثوروا على النمرود."

هكذا جاء عرض مسرحيّة "النمرود" لفرقة مسرح ديار الراقص الفلسطينية، ومقرها بيت لحم، كي تأسر المشاهد نحو ما بات يعرف بـ "الربيع العربي" وثورة الشعوب ضد حكامهم وأنظمتهم المستبدة.

وارتأى أعضاء الفرقة التي تعتمد على أداء رقصات تعبيرية ضمن مجريات المسرحية، اختيار نص "النمرود" للشيخ سلطان القاسمي حاكم إمارة الشارقة، التي تدور أحداثها حول النمرود الذي استطاع القضاء على الضحّاك، وتخليص شعب بابل من بطشه ليصبح بعدها هو الملك ويمارس جبروته عليهم.

كما فرض النمرود الربى، وأمر الشعب بالسجود تحت قدميه وعبادته والإخلاص له بواسطة السوط الذي قضى به على الضحّاك.

مدير مسرح ديار الراقص، رامي خضر، تحدث عن المسرحية فقال:" تعد مسرحية النمرود، وبالذات في هذا التوقيت، بمثابة المنبّه لما حدث في الانتفاضات العربيّة."

ويضيف:" كما أنها تجذب بعض الأشخاص لتفسير بعض وقائع المسرحيّة بما يتناسب مع وقائعهم الخاصّة التي حدثت في دولهم."

واعتمد مخرج المسرحية، محمد عوّاد على الفن التجريدي القائم على الرمزيّة للإيحاء بالأحداث، والذي أتضح من خلال تركيز المخرج على استخدام صناديق خشبيّة مستطيلة وصغيرة الحجم للإشارة إلى "برج بابل" الذي أمر النمرود ببنائه، كي يتمكن من الوصول إلى السماء ويتأكد من أن لا رب سواه.

ويوضّح مخرج المسرحية محمد عوّاد قصة شخصيّة النمرود داخل المسرحية، بقوله:" هي قصة إنسانيّة أرغب بفصلها عن أي واقع سياسي أو عربي، وذلك لأن أي إنسان يحصل على القوة سواء بالصدفة أو بشكل متعمّد ولم يكن جاهزا لتحمّل مسؤوليّة السلطة، فإنه سيتحوّل بشكل تلقائي إلى صاحب سلطة سلبي."

كما وظّف المخرج الإضاءة بطريقة تشعرك بتلك الحقبة الزمنيّة التي عاشها الشعب تحت ظلم واضطهاد وجبروت النمرود، إضافة إلى لحظات الجوع والقهر والجفاف الذي تفشى لديهم، وفي هذا السياق يقول عوّاد:" المسرحية ذات رؤيّة دراميّة إنسانيّة أكثر منها توثيق تاريخي لقصة النمرود."

وصبّ العمل اهتمامه على توظيف الرقصات بما يتناسب مع أحداث المسرحيّة، إذ أدى أفراد الفرقة الدبكة الفلسطينية في مظاهر الاحتفال بمقتل الضحّاك على يد النمرود، ومن ثم هلاك النمرود وجيشه بعد مهاجمة سرب من البعوض لهم على شكل سحابة كثيفة تسد الأفق، وكذلك التعبير عن لحظات الغضب على النمرود بمصاحبة الموسيقى وبالتناغم مع إيقاعاتها.

واللافت للنظر في بداية المسرحية هو دخول الممثلين من بين مقاعد المتفرجين على غير المعتاد كخروجهم على الحضور من خلف ستارة المسرح.

كما أضفى وقوف ممثلين يجسدان دور جنديين على خشبة المسرح في بداية العرض حيوية وحميمية مع المشاهد لإيصال شعور التردد والترقّب والانتظار، وهو المشهد ما قبل الأخير عندما يرسل النمرود جنديان ليراقبوا ما سيحدث عند طلوع الشمس، بمعنى أن العرض جاء بفكرة النهاية من حيث البداية.

وقد عرضت مسرحية "النمرود" سابقا بعباءة إماراتية جسّد نمرودها الفنان الإماراتي أحمد الجسمي، وأخرجها المنصف السويسي ضمن أيام الشارقة المسرحيّة. وتأتي الآن بأجساد فلسطينية تعكس واقعا إنسانيا معاشا عندما يبلغ الشر ليبطش الظالم ويقبض بيد من حديد على شعبه ويتحكّم بآرائهم ومعتقداتهم ومجريات حياتهم.

وتعد مسرحيّة "النمرود" ثاني الأعمال التي قدّمتها فرقة مسرح ديار الراقص الفلسطينية، بعد عرضها لعمل "لوحات خائفة" جسّدت من خلالها ما يعانيه الشباب الفلسطيني الرازح تحت وطأة احتلال وآلياته العسكريّة.

يذكر أن أعضاء الفرقة منهمكون حاليا في كتابة مسرحيتهم الثالثة بعنوان "خارج مكان"، المقتبسة عن إحدى الروايات الفلسطينيّة، في الوقت الذي يسعون فيه إلى أن يذيع صيتهم على مستوى الوطن العربي عامة والأراضي الفلسطينية خاصّة.