CNN CNN

هل تستحق الثورة التونسية "هدية" السعفة الذهبية؟

الأربعاء، 26 حزيران/يونيو 2013، آخر تحديث 18:00 (GMT+0400)

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- حرص التونسي الفرنسي عبداللطيف كشيش بعد أن صعد على مسرح مهرجان "كان" لاستلام السعفة الذهبية، على إهداء الجائزة "للثورة التونسية."

لقد قال بعد أن أهدى الجائزة أيضا لشباب فرنسا "أهديها أيضا لحدث عظيم جرى قبل قليل...إنه الثورة التونسية."

لاحقا أضاف كشيش جملة خص بها الشباب ومن ضمنه شباب الثورة التونسية "حتى ينمو في جو ديمقراطي وحتى يحب أكثر."

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في تونس بزلزال من التعليقات التي تفتخر بابن الخضراء الذي بات ثاني عربي وأفريقي يتحصل على أرفع جائزة سينمائية في العالم بما يعنيه ذلك من رفعة الثقافة وعراقة الحضارة و"الأمل الذي تبعثه في كون التونسي في مثل هذا الظرف الحالك من تاريخه بإمكانه أن يصنع المعجزات" مثلما ورد على صفحة على فيسبوك أطلقت خصيصا لتحية كشيش.

لكن اللافت كانت تعليقات من صفحات عرفت بتوجهها الديني ورفضها لكل مظاهر "المستعمر القديم" فرنسا، التي بدأ كشيش العيش فيها منذ السادسة من عمره رغم حرصه على جانبه التونسي حتى أكثر من الفرنسي في كثير من الأحيان.

فقد أجمع الكثير من تلك الصفحات على أنّ ما تحقق جدير بالثورة التونسية.

لكن فريقا آخر من التونسيين، اتهم هؤلاء "بالنفاق" بل وتساءل كيف يهدي كشيش السعفة الذهبية لثورة أثبتت أنها ضدّ المثلية الجنسية وضد حرية الإبداع.

الدليل حسب هؤلاء أنّ قاعات السينما في تونس تحولت في السنوات الأخيرة إلى قاعات أفراح، ومنذ الثورة، أغلق أغلبها.

أكثر منذ لك، فقد عانى كشيش في تونس حيث كتب أحد المعلقين على صفحته إن تونس لا تملك غير أن تتنكر لأبنائها.

لكن الوجه الآخر للسؤال: هل إنّ فيلم "أديل" فرنسي أم تونسي؟

من منافسي كشيش في مهرجان "كان" كان الإيراني أصغر فرهادي مخرج "الماضي."

كلاهما عاش في فرنسا وكلاهما تحصّل على تمويل فرنسي.

الملخص أنّ كشيش أخرج فيلما فرنسيا بإحساس فرنسي، فيما أخرج الثاني فيلما فرنسيا بإحساس إيراني.

لذلك غابت النهود والتابوهات في فيلم فرهادي فيما تجاوزت المعقول في فيلم كشيش.

ربما ما خدم كشيش عدة مسائل، أولها أنه من ضمن نفس السياق الثقافي الفرنسي-التونسي، وثانيهما أنه أيقن، بعد عدة تجارب أخرج فيها أفلاما تونسية بتمويل فرنسي، أيقن أنه إذا أراد النجاح حقا فينبغي أن يروي قصص الفرنسيين بإحساس الفرنسيين.

 

لكن السؤال حقا، ما مدى حضور السينما التونسية في فيلم "أديل" الذي بدا وكأن السجال الدائر في فرنسا، حول موضوع فرنسي خالص، هو المثلية الجنسية، خدم الفيلم.

تحفل السينما التونسية بمواضيع التابوهات، لدرجة أن الفنانة المصرية فردوس عبد الحميد، اتهمت في وقت من الأوقات السينمائيين التونسيين بقبول التمويل من إسرائيل للحديث عن مواضيع لا تهم العرب، وهو ما ردّ عليه كثير من النقاد التونسيين والمغاربة بالقول إنّه لا يمكن للفنانة أن تفهم السينما الحقيقية وأن حدود معرفتها لا تتجاوز استوديوهات القاهرة وأفلام الأعياد.

وفي الحقيقة فإنّ كشيش نفسه بدأ حياته السينمائية ممثلا بعد أن منحه المخرج التونسي الشهير النوري بوزيد دورا يشخص فيه حياة "بائع هوى" في فيلمه الشهير "بزناس" عام 1992.

وفي أفلام أخرى، مثل "الحلفاوين"و"خشخاش" تتعرض السينما التونسية لموضوع المثلية الجنسية.

وبعد الثورة التونسية، تناولت أفلام أخرى نفس الموضوع مثل "ليلة البدر."

السؤال الأهم الآن: هل ستحيي الحكومة التونسية إنجاز كشيش، وهي التي رفض وزير ثقافتها المهدي مبروك أن يحضر العرض الأول للفيلم؟

كشيش هو العربي الثاني الذي يتحصل على السعفة الذهبية بعد المخرج الجزائري الأخضر حامينا عام 1975 بفيلم "وقائع سنوات الجمر."

حرص الرئيس الجزائري ساعتها الراحل هواري بومدين على أن يحتفل بالإنجاز بإقامة الذبائح و"كرامة" وزعها على معدمي الجزائر، ثم أعاد العرض في قاعة "حرشة" الرياضية بحضور شخصيات شهيرة أبرزها الثائر الأممي شي غيفارا.

فقد كان الفيلم أبرز وثيقة مصورة عن حرب التحرير الجزائرية وقصة كفاح مرير.

فكيف سيكون الأمر مع الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي والرجل القوي الآن زعيم حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي، لاسيما أنّ الفيلم يروي قصة عن المثلية الجنسية؟



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.