(CNN)-- اعتبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دليل استخدام النظام السوري سلاحا كيماويا ضد شعبه "لا تشوبه شائبة" فيما اعتبره زميله وزير الدفاع شاك هاغل "واضحا جدا."

أما الرئيس باراك أوباما فقد أعلن أن لدى بلاده "ثقة عالية" في الدليل، في موقف هو الأقوى ويكاد يؤكد أن واشنطن متأكدة من ذلك. كما أن بريطانيا وفرنسا وألمانيا أعلنت أنّ لدى أجهزة استخباراتها ما يدعم استنتاجات حليفتها واشنطن.

ولكن رغم كل ذلك، مازالت بعض الأسئلة بانتظار الأجوبة الملائمة، فالتقرير الذي رفعت عنه واشنطن السرية، قائلة إنه من ضمن الأدلة التي تدفعها إلى شن ردّ عسكري على دمشق، لا يتضمن كل التفاصيل، كما أن "سلسلة المعلومات وماهيتها وكيف تم تجميعها" مازال في حكم المجهول.

وتشدد روسيا على أنّ لا وجود لأي دليل حيث قال رئيسها فلاديمير بوتين إنه يرغب في مشاهدته  بما يجعل من التصميم على الردّ العسكري أمرا بديهيا. أما النظام السوري فيدحض ذلك قائلا إنّ المعارضة هي من استخدمت السلاح المثير للجدل، أما الأمم المتحدة فلا تريد استباق تقرير مفتشيها.

ودعونا الآن نلقي نظرة على ما تشير إليه واشنطن على أنه دليلها  الذي يدفعها إلى شن الهجوم:

كيري: لدينا أدلة ملموسة

وقال كيري إنّ لدى بلاده كما من المعلومات "غير المسبوقة والتي رفعت عنها السرية" داعيا بقية العالم والشعب الأمريكي إلى الحكم عليها. وأضاف خلال الاستماع إليه أمام أعضاء في الكونغرس أن تلك المعلومات تشكل دليلا على أن النظام أعد للهجوم وأمر بالإعداد له وحذّر قواته داعيا إياها إلى ضرورة استخدام الأقنعة.

لجنة الخارجية بالشيوخ تصوت بـ"ضرب" سوريا

وأوضح أنّ الأدلة ملموسة قائلا إنّ "صور الأقمار الاصطناعية تعزز فرضية أن الهجوم تم شنه من منطقة يسيطر عليها النظام واستهدف مناطق تمت فيها معاينة آثار الهجوم الكيماوي... كما أن عدم وجود نشاط للطيران أو إطلاق صواريخ تدفعنا إلى استنتاج أن النظام استخدم قذائف في الهجوم."

كما نشر البيت الأبيض على موقعه خريطة يقول إنها توضح مواقع الهجوم، لكن مع ذلك، يبدو الأمل في رؤية معلومات أكثر، ضئيلا حيث قال كيري إنّ من شأن ذلك أن "يضع بعض المصادر والأساليب في جمع المعلومات موضع الخطر بل إنه يهدد مصيرها."

واشنطن: لا قدرة للمعارضة على شن مثل هذا الهجوم:

كما أبلغ كيري المشرعين بأنّ "البيت الأبيض متأكد أن جميع مكونات المعارضة لا تستطيع تنفيذ مثل هذا الهجوم وأنها لا تملك أصلا مثل هذه الأسلحة وأنها "خاصة غير قادرة على القيام بذلك انطلاقا من قلب أراضي النظام."

وفي مايو/أيار، قالت الأمم المتحدة إنه من المحتمل أن تكون المعارضة قد شنت هجوما بغاز السارين على نطاق ضيق ، غير أن تحقيق لجنتها المستقلة حول سوريا لم يثبت ذلك كما أدان التحالف الوطني السوري المعارض أي استخدام لمثل هذه الأسلحة، فيما نفت الولايات المتحدة وجود أي دليل على ذلك.

أما الخارجية الروسية فقد أعلنت الأربعاء أنّ نتائج تحقيق حول هجوم في حلب في مارس/آذار، يشتبه في استخدام سلاح كيماوي فيه، خلصت إلى أنّ الأمر يتعلق بمواد مفرقعات يدوية الصنع تم إنتاجها من قبل جماعة "بشائر النصر" التي تعد إحدى فصائل جبهة تحرير سوريا الإسلامية.

 وأضافت أنّه تم العثور على آثار غاز السارين في عينات تم الحصول عليها من موقع الهجوم. وكانت "جماعة بشائر النصر" قد نددت بالنظام السوري لاستخدامه أسلحة كيماوية في دمشق وتعهدت بالثأر.

واشنطن: تم الإعداد للهجوم من قبل النظام

ووفقا لتقرير البيت الأبيض فإنّه و"خلال الثلاثة أيام التي سبقت الهجوم، جمعنا معلومات تتعلق بأشخاص وعلامات وصورا فضائية، تكشف أنشطة للنظام نقيمها على أنّه كانت لها علاقة باستعدادات لشنّ بأسلحة كيماوية." وأضاف "لقد كانوا الموظفون المكلفون بالأسلحة الكيماوية السورية ينشطون في ضاحية عذرا بدمشق من 18 أغسطس/آب إلى حدود ساعات الصباح الأولى من الأربعاء 21 أغسطس/آب قرب منطقة يستخدمها النظام لخلط الأسلحة الكيماوية ومن ضمنها السارين."

كما أضاف أنّه تم اعتراض اتصالات، من ضمنها ممارسات سابقة سورية سابقة، تقودنا إلى استنتاج أن مسؤولين في النظام كانوا يشرفون على الهجوم. ولقد اعترضنا اتصالات تتضمن مسؤولا رسميا رفيعا على علاقة وثيقة بالهجوم وهو بصدد تأكيد أن أسلحة كيماوية جرى استخدامها من قبل النظام في 21 أغسطس/آب وأنه قلق من احتمال أن يحصل مفتشو الأمم المتحدة على الأدلة."

كما تظهر المعلومات أنّ المكلفين بالتعامل مع الأسلحة الكيماوية تم إبلاغهم بالتوقف عن العمليات مساء 21 أغسطس/آب وإثرها بدأ النظام "في التكثيف من قصف القذائف على عدة مناطق استهدفت بالهجوم بالسلاح الكيماوي."

محلل: من المستحيل استخلاص حصيلة ضحايا بهذه الطريقة

ويقول التقرير إنّ تقييما أوليا خلص إلى أن 1429 شخصا قتلوا في الهجوم من ضمنهم على الأقل 426 طفلا. غير أنّ مسؤولا سابقا في الاستخبارات الأمريكية أعرب عن استغرابه من "عبثية إعلان كيري مثل هذه الحصيلة الدقيقة."

وأضاف أنثوني كوردسمان " لا توجد أي طريقة حاليا تسمح للاستخبارات الأمريكية بالحصول بمصداقية على حصيلة بمثل هذه الدقة" وأضاف أنّه "ليس في حكم الواضح ما إذا كان لهذه الحصيلة مصدر استخباراتي" مشيرا إلى أن بعض المصادر تقول إنه تم الحصول عليها من لجان التنسيق السورية المعارضة.

غير أن مسؤولا أمريكيا أبلغ CNN أن ذلك غير صحيح حيث لم يتم الحصول عليها من المعارضة، لكنه لم يكشف عن المصدر ولا كيفية الحصول على المعلومات.

كما أن تقارير الاستخبارات تم رفع السرية عن بعضها في كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا تشير إلى أنه "لا يوجد برهان غير قابل للجدل" حتى الساعة بشأن مسؤولية النظام السوري، لكنّ ما توفر من معلومات وتحاليل حتى الساعة تبعث على التأكيد بأنّ النظام من شن الهجوم.

حلفاء أمريكا قلقون من "ضرب" سوريا