بقلم: دانييل بوركي-محرر مدونة المعتقد على CNN
(CNN)-- دائما ما تختلف الكوارث ولكن دائما أيضا ما تبقى الأسئلة التي تثيرها هي نفسها.
وربما أكثر من يطرح تلك الأسئلة هم مشردون خلفهم إعصار "هايان" في الفلبين وهم يبحثون عن أحباء لهم من بين الأنقاض والحطام وكذلك وهم يشكرون من هب لنجدتهم سواء من داخل البلاد أو من خارجها، فيما تقول السلطات إن هناك مخاوف من أن 10 آلاف شخص قد يكونون لقوا حتفهم في الكارثة.
فكيف يمكننا أن نجد معنى أو حكمة لمثل هذا العدد العبثي من الوفيات والتدمير؟ هل تدخل الغضب الإلهي وأدى إلى كل ذلك الدمار؟ أم حضرت العناية الإلهية لتمنح الناجين البلسم الذي يحتاجونه؟ ربما لا تعد هذه الأسئلة جديدة ولكننا مستمرون في طرحها ربما لأنّ الأجوبة عنها تبقى دوما مراوغة.
بالنسبة إلى الكثير من الأمريكيين، تتنازع المفارقة أسلوب تفكيرهم في الموضوع عندما يتعلق الأمر بالكوارث الطبيعية فوفقا لاستطلاع أجري عام 2011 إثر تسونامي اليابان يعتقد 56 بالمائة من الأمريكيين أن الربّ يسيطر على كل شيء، ولكن أكثر من تلك النسبة أي 58 بالمائة يعتقدون أيضا أنّ سبب الكوارث يعود للاحتباس الحراري، فيما يعتقد 38 بالمائة أن الأمر كان غضبا بسبب ارتكاب المعاصي.
وتحفل أسفار الإنجيل بآيات تشير إلى أن الربّ يأمر ويرفع الرياح العاتية التي تثير بدورها الأمواج، كما أنّه يحول الأنهار إلى البراري لتغمر المياه الأراضي القاحلة.(بابا الفاتيكان يطلق حملة لإغاثة ضحايا "هايان").
لكن وفقا للكاتب ستيفن بروثيرو الذي يتعامل مع CNN فإنه عندما يتعلق الأمر بالكوارث والزلازل والأعاصير فإنّ سلطاتنا ساعتها ستكون بيد الجيولوجيين وعلماء الأرصاد والناس لن يلجؤوا إلى أسفار الإنجيل وإنما إلى الطبقات التكتونية وضغط الهواء.
أما بالنسبة للملحدين، فإنّ إعصارا مثل "هايان" هو دليل على عدم وجود الربّ. ويقول سام هاريس في هذا الصدد "هذا يعني إما أنه ليس بإمكان الربّ أن يقوم بأي شيء أو لا أنه لا يهتم بالأمر، أو أنه لا يوجد أصلا. فوفقا لذلك فإنّ الرب إما أن يكون عاجزا أو أنه يميل إلى الشرّ أو أنه محض خيال.. ولكم الاختيار."
قد يكون الربّ وراء تلك الأعاصير أو قد يكون غائبا عنها، ولكن الكثير من رجال الدين المؤثرين يقولون إنهم يشعرون بوجوده في التداعيات التي تعقب الكوارث، عندما يجمع مليارات من الشبر عبر مختلف أنحاء العالم جهودهم للمساعدة والإغاثة.
اقرأ أيضا من مدونة المعتقد..قصص عائدين من الموت...رأينا الجنة إنها فعلا موجودة
ومن أبرز رجال الدين الذين يوفقون في تفسير ما لا يفسر على أساس ديني، الحاخام هارولد كوشنر الذي يسأل "لماذا يمكن للرب أن يسمح للشر أن يحدث؟"
وبعد تسونامي اليابان قال كوشنر، الذي ألف كتابا بعنوان "عندما تحدث أمور سيئة لأشخاص طيبين" إنّه يرى يد الربّ في مرونة المشردين الذين دمرت حيواتهم وفي كرم وطيبة الغرباء الذين يتضامنون معهم بالتبرع والصلوات.
لكن ذلك يترك سؤالا آخر: لماذا يتعين على البشر أن يتألموا وفي بعض الأحيان بكيفية فظيعة، أصلا؟
لا يوجد جواب حاسم لذلك وفقا للكاتب المسيحي المتدين المعروف جيمس مارتن ويضيف "ينبغي على كل إنسان أن يكيف نفسه ويرى الأمر من الزاوية التي تريحه. وفكرة أن الله يتألم معنا ساعتنا يمكن أن تساعدنا على فهم الأمر."
أما بالنسبة إلى المسلمين فإنهم يرون الأعاصير والكوارث عامة، امتحانا من الله، وفقا لمدير مكتب مجتمع أمريكا الشمالية الإسلامي، سيد سياد، الذي يضيف أنّ "المسلمين يؤمنون بأن الله يختبر أولئك الذين يحبهم وأن مثل هذه المآسي تساعد على الاستذكار وأخذ العبرة للناجين حتى يظلوا حامدين لله على عنايته ولطفه وأنه يتعين علينا مساعدة من هو بحاجة إلى ذلك."
أما الراهب الفيتنامي البوذي تيش نهات هنه الذي يمر الإعصار ببلاده فيعتبر أنّ هذه الأعاصير تذكّرنا بكون حياتنا ليست دائمة وبأهمية استثمار كل لحظة منها. ويضيف "هذا هو أفضل ما يمكننا القيام به لأولئك الذين ماتوا: علينا أن نعيش بأسلوب يجعلهم دائما أحياء معنا، بكيفية ذهنية أكثر، وبعمق أكبر وبجمال أفضل، وأن نعيش كل لحظة من حياتنا من أجلهم."
الملحدون قد لا يدخلون الجنة بنهاية المطاف
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.