لن تصدق سبب ندم هذين الزوجين الأمريكيين بعد انتقالهما لإسبانيا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد رحلة تنقل نحو الجنوب بحثًا عن أشعة الشمس، بدأ جيل وجريج وارنر، وكلاهما من الولايات المتحدة، يفكران بجدية في الانتقال إلى مكان أبعد كثيرًا.
كان الزوجان، اللذان أقما في ولاية فلوريدا آنذاك، قد سافرا معًا إلى العديد من البلدان المختلفة وكانا يتساءلان كثيرًا عما قد يكون عليه الحال إذا انتقلا إلى إحداها.
ومع ذلك، كان هناك دائمًا ما يمنعهما، أي كلبهما المحبوب "بو".
وتقول جيل: "ليس لدينا أطفال، لذا كان بو بمثابة طفلنا" مضيفة أنهما شعرا أن هذه الخطوة قد تكون مرهقة للكلب.
وبحلول عام 2017، أدرك جيل وجريج، اللذان تزوجا منذ حوالي 35 عامًا، أنهما يستطيعان التقاعد مبكرًا إذا أجريا بعض التغييرات على نمط حياتهما.
وبعد قضاء الكثير من الوقت في البحث عن "حياة المغتربين"، أدرك جريج أنهما يستطيعان اصطحاب بو معهما إذا اتخذا الترتيبات المناسبة.
ويضيف جريج، الذي عمل سابقًا كمدير مشروع: "بعد حوالي ستة أشهر من اتخاذ هذا القرار، مضينا قدما".
ولم يكن اختيار المكان المناسب للانتقال إليه أمرًا سهلاً.
وفي النهاية، قررا أن يختارا سنغافورة وإسبانيا، وهما وجهتان يعرفانهما جيدًا، وكان بإمكانهما تصور العيش فيهما.
وبعد أن قارنا بين إيجابيات وسلبيات كل منهما، استقرا على إسبانيا، ويرجع ذلك في الأساس إلى قربها من الولايات المتحدة، وهو ما يعني رحلة أقصر لبو، الذي كان يعاني من مشكلة في القلب.
وبعد أن خلصا إلى أن مدينة فالنسيا الإسبانية، الواقعة على الساحل الشرقي لإسبانيا، هي الأنسب لهما، رتبا رحلة إلى هناك "لاختبارها".
ويوضح جريج: "أردنا أن نتعرف على طبيعة الحياة هناك ونتأكد من أنها تشبه ما قرأنا عنه وشاهدناه في مقاطع فيديو على موقع يوتيوب".
ثم بدأ الزوجان عملية ترتيب تأشيرة غير ربحية، التي تسمح للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي بالعيش في إسبانيا دون عمل بشرط أن يثبتوا أن لديهم ما يكفي من المال لإعالة أنفسهم.
كانا قد خططا في الأصل لمغادرة الولايات المتحدة في ديسمبر/ كانون الأول عام 2018.
لكن جيل وجريج انتهى بهما الأمر إلى تقديم خطوتهما بعد عدة أشهر من توضيح "رجل لطيف في السفارة" لهما أنه بمجرد الموافقة على تأشيراتهما، يمكنهما التوجه إلى إسبانيا في أي وقت يريدانه.
وقام الزوجان بعرض منزلهما في فلوريدا للبيع بسرعة وشرعا في إنهاء مصالحهما في الولايات المتحدة.
تقول جيل: "لقد قمنا بكل الأعمال الورقية بأنفسنا لتقديم طلب الإقامة الدائمة، وبِعنا سيارتين، ومنزلنا و90% من ممتلكاتنا".
ونظرًا لأن وجود عقد إيجار طويل الأجل كان أحد متطلبات الحصول على تأشيرة، فقد كان لديهما بالفعل شقة مجهزة في فالنسيا.
وفي يوليو/تموز عام 2018، أغلقت جيل وجريج، اللذان كانا في منتصف الخمسينيات من عمرهما في ذلك الوقت، "كل أشغالهما في فلوريدا" وسافرا لبدء حياتهما الجديدة، مع بعض الأصدقاء في الرحلة.
وبمجرد وصولهما، انتقل الثنائي مع كلبهما إلى شقة مكونة من غرفتي نوم في "المركز التاريخي" لفالنسيا وتعرفوا على محيطهم الجديد.
ويقول جريج: "أستطيع القول إنه في غضون أسبوعين، حصلنا على كل ما كنا نعتقد أننا بحاجة إليه. لقد اكتشفنا مكان البقالة ومكان السوق".
ويشير الزوجان إلى أنهما استعانا بصديق مشترك يتحدث الإسبانية بطلاقة، لمساعدتهما في مهام مثل إنشاء حساب مصرفي.
ويقول جريج: "ربما كان فتح حساب مصرفي هو الأكثر صعوبة. لكن الحاجة إلى التحدث باللغة هي ما يجعل الأمر أكثر صعوبة".
وسرعان ما استقرا في حياتهما الجديدة في إسبانيا، ولاحظا على الفور أن مواقف وأولويات جيرانهما الإسبان كانت مختلفة تمامًا عما اعتادا عليه في وطنهما.
وتقول جيل: "أنا أستلهم دائمًا من قدرة الناس على الاستمتاع باللحظة".
وتابعت أن الأمر يتعلق بالرضا بما لديك والاستمتاع حقًا بكل ما يجلبه لك اليوم.
الاختلافات الثقافية
وبما أنها درست اللغة الإسبانية لأكثر من عقد من الزمان خلال سنوات شبابها، فقد كانت جيل تأمل أن تستعيد اللغة مع مرور الوقت.
لكنها وجدت أنها لا تتذكر أكثر من "عبارات عديمة الفائدة" التي تخطر على بالها بين الحين والآخر.
بدأ جريج ممارسة رياضة "البادل"، وهي مزيج من التنس والاسكواش، مشيرا إلى أنها تعتبر "رائجة" في إسبانيا، ويمارسها بانتظام مع السكان المحليين.
ورغم أنه متقاعد الآن، فقد لاحظ جريج أن بعض اللاعبين الآخرين يشاركون أحيانًا في البطولات في منتصف يوم العمل، وهو أمر لا يمكنه تخيل حدوثه في وطنه.
وهذا الجانب من نمط الحياة الإسباني الهادئ يناسب جيل وجريج، لكن ثمة أمر لا يزال الزوجان يحاولان التكيف معه، أي مواعيد الغداء والعشاء المتأخرة.
ويقول جريج: "في فالنسيا، لا تفتح المطاعم حتى الساعة 2 ظهرًا لتناول الغداء. نستيقظ ونتناول الفطور في الساعة السادسة والنصف أو السابعة صباحًا ولا نستطيع الانتظار لتناول الطعام لفترة طويلة".
ويعترفان بأنهما اعتادا على القدرة على الحصول على معظم الأغراض متى أرادا عندما كانا يعيشان في الولايات المتحدة، وعليهما التكيف مع فكرة إغلاق المتاجر "لأخذ استراحة".
وعلى مر السنين، يقول الزوجان إنهما "شكلا عائلة مكونة من إسبان ومغتربين من الولايات المتحدة وكندا وكذلك فرنسا".
وبحسب جيل وجريج، فإنهما مدينان لبو بالعديد من الصداقات التي طوراها أثناء إقامتهما في إسبانيا.
تقول جيل: "الكلاب تفتح عالمًا مختلفًا تمامًا... لقد كونّا العديد من الأصدقاء، حرفيًا بفضل بو". وتوفي "بو" في عام 2022.
ويقول جريج: "لقد مكث معنا (بو) لمدة ثلاث سنوات ونصف (بعد انتقالنا). وأنا أراهن أن الانتقال كان أسهل بالنسبة له مما كان بالنسبة لنا. لقد بدا أكثر انفتاحًا هنا مما كان عليه في الولايات المتحدة".
وبعد التفكير، يشعر جيل وجريج بسعادة غامرة لأنهما اختارا الانتقال إلى إسبانيا مع بو.
بعد خمس سنوات في فالنسيا، قرر جايل وجريج الانتقال إلى مدينة مالقة في كوستا ديل سول، وهي منطقة تقع في جنوب إسبانيا.
الآن بعد أن عاشا خارج الولايات المتحدة لفترة طويلة، يقول الزوجان إنهما لا يستطيعان تخيل العودة إلى هناك أبدًا.
لا يستطيع بعض الإسبان الذين قابلوهم أن يفهموا لماذا قد يغادرون الولايات المتحدة، ويقول الزوجان إنهما يعتقدان أنها في الواقع "المكان المثالي" للعمل.
وتقول جيل: "إنها أرض الفرص إذا كنت على استعداد للتضحية بالكثير".
وتابعت: "لقد ولدنا هناك، لذلك لم يكن ذلك سوى حظ. وكنا انتهازيين، لذلك استفدنا من ذلك. إنه آخر مكان نريد أن نكون فيه دون الحاجة إلى العمل".
والآن، يعتبر جيل وجريج إسبانيا "موطنًا" لهما ويقولان إنهما شعرا وكأن الولايات المتحدة "دولة أجنبية" عندما عادا لزيارتها في عام 2023.
لا يمكن لجيل وجريج أن يكونا أكثر سعادة بحياتهما الجديدة، لكن الزوجين لديهما ندم واحد بشأن مغادرة الولايات المتحدة والبدء من جديد في إسبانيا.
تضيف جيل: "بالنسبة للأشخاص الذين ما زالوا مترددين ويفكرون في الأمر. بصراحة، ندمي الوحيد هو أننا لم نفعل ذلك في وقت أبكر".