بين "معضلة" تحقيق التوازن وقوة ضخ الصخر الزيتي الأمريكي.. خبراء: فشلت أوبك وروسيا في إصلاح أزمة وفرة معروض النفط

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
بين "معضلة" تحقيق التوازن وقوة ضخ الصخر الزيتي الأمريكي.. خبراء: فشلت أوبك وروسيا في إصلاح أزمة وفرة معروض النفط
Credit: NAMH KIM/CNNMONEY, Getty Images

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- اتفقت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وروسيا وغيرهما من كبار منتجي النفط الأسبوع الماضي، على تمديد خفض مستويات الإنتاج لمدة تسعة أشهر إضافية.

وتهدف تخفيضات الإنتاج المنسقة هذه إلى القضاء على وفرة المعروض الضخمة التي أدت إلى تهاوي النفط الخام إلى أسعار متدنية للغاية العام الماضي.

وفي الوقت الذي تمكنت فيه "أوبك" من التوصل إلى اتفاق لدعم الأسعار هذا العام، إلا أن تكتيكات المنظمة لم تصلح المشكلة الأساسية، على الأقل حتى الآن.

إذ رغم تخفيضات انتاج أوبك وروسيا، فإن المخزونات النفطية في الولايات المتحدة والاقتصادات الرئيسية الأخرى ما زالت مرتفعة، ما يثير قلق المستثمرين.

وقال مات سميث، مدير أبحاث السلع في مؤسسة "ClipperData" التي توفر معلومات تدفق النفط في السوق: "لم ينجحوا حتى الآن. لا يزالون على بعد أميال من تحقيق هدفهم."

لم تنخفض مخزونات أمريكا

في الولايات المتحدة، حيث توجد البيانات الأكثر موثوقية حول المخزونات، هناك 516.3 مليون برميل مخزن من النفط. وهذا ليس فقط أعلى من المعايير التاريخية، بل هو في الواقع أعلى بنسبة 6 في المائة من مستويات مخزونات أمريكا عندما قررت "أوبك" خفض الإنتاج في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وفقا لإدارة معلومات الطاقة.

وقال أندرو سلوتر، المدير التنفيذي لمركز "ديلويت" لحلول الطاقة: "لم تُخفض مستويات المخزون بعد، ولهذا السبب كان من الضروري توسيع هذه التخفيضات."

وتهتم "أوبك" أكثر بمعلومات المخزون العالمي. ولكنها ليست مشجعة أيضاً.

إذ ارتفعت مخزونات النفط في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) بمقدار 24 مليون برميل خلال الربع الأول إلى رقم قياسي جديد يبلغ 1.2 مليار برميل، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية.

وقالت الوكالة في تقرير صدر في وقت سابق من الشهر الحالي: "رغم التزام أوبك الشديد بخفض المعروض، يعتقد المنتجون الرئيسيون أن المخزونات لم تُستنزف بما فيه الكفاية."

ووافقت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني على أن استراتيجية أوبك لم تقدم سوى "نتائج مختلطة" حتى الآن.

وقال محللون في "فيتش" في تقرير أصدرته الوكالة الخميس الماضي: "لم يكن هناك تأثير واضح على المخزونات الزائدة."

لا عجب إذاً، أن أسعار النفط الخام بنسبة 5 في المائة إلى ما دون 49 دولاراً للبرميل بعد اجتماع "أوبك" الخميس الماضي، ما يعكس شكوكاً في استراتيجية المنظمة.

وكان العديد من المستثمرين يأملون بأن تضغط السعودية وروسيا على المنتجين الآخرين إما لتنفيذ تخفيضات أكبر أو تمديد خفض الإنتاج لفترة أطول.

عودة الصخر الزيتي تلوح في الأفق

لماذا لم يؤثر التخفيض المشترك بـ1.8 مليون برميل من جانب أوبك وبعض الدول الأخرى المنتجة للنفط من خارج المنظمة على مستويات المخزونات؟

الكثيرون كانوا يخشون من أن "أوبك" لن تفي بوعدها فيما يتعلق بالالتزام بالحصص المفروضة وفق الاتفاق. إلا أن العديد من المراقبين يعتقدون أن "أوبك" التزمت إلى حد كبير باتفاق خفض الإنتاج الأخير.

ولكن يرى المحللون أن هناك مشكلة واحدة، وهي أن السعودية وروسيا عمقتا في البداية وفرة المعروض من خلال زيادة صادراتهما قبل اتفاق نوفمبر/ تشرين الثاني (ما خفف من ضربة من التخفيضات عبر السماح لهم بالبدء من مستوى أعلى).

وهناك قضية أخرى وهي أن شحنات "أوبك" إلى الولايات المتحدة لا تزال تنمو، رغم خفض الانتاج. في كل شهر من هذا العام استوردت الولايات المتحدة كمية أكثر من "أوبك" مما كانت تستورد في عام 2016، وفقا لـ"ClipperData".

ويقول أحد محللي "ClipperData": "إن الأمر محير بعض الشيء، فمن الصعب فهم كيف التزموا تماماً (بالاتفاق) دون خفض الصادرات بما فيه الكفاية."

ثم هناك عودة النفط الصخري الأمريكي، التي عوضت أيضاً عن تخفيضات "أوبك". وقد ثبت أن منتجي الصخر الزيتي، في حوض "بيرميان" في غرب تكساس ونيو مكسيكو، أكثر مرونة بكثير مما كانت تتوقع "أوبك".

"معضلة أوبك"

يرى البعض بأن "أوبك" تحتاج فقط إلى مزيد من الوقت لتصحيح مسار السفينة. وأن المخزونات الوفيرة ستنخفض بينما تتضاعف التخفيضات من خلال الطلب القوي على البنزين من السائقين الأمريكيين الذين يقطعون الطرق الطويلة خلال الصيف.

ويعتقد وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، خالد الفالح، أن سوق النفط سيحقق "التوازن" في الربع الأول من عام 2018، وفقاً لوكالة "بلومبرغ" الإخبارية.

وتوافق مؤسسة "غولدمان ساكس" على أن مخزونات بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) يمكنها تعود إلى "الحالة الطبيعية" في أوائل عام 2018، وذلك بفضل تمديد خفض الإنتاج لمدة تسعة أشهر.

ولكن هذا لا يعني أن التوازن سيستمر، خاصة إذا شجعت الأسعار الأعلى المزيد من الضخ من الحفارات الأمريكية.

وقالت "مورغان ستانلي" في تقرير، الجمعة: "عندما ينتهي هذا الاتفاق ويتصادف مع نمو النفط الصخري القوي، سيبدو أن هناك وفرة في المعروض في الأسواق من جديد."

ولهذا السبب خفضت "مورغان ستانلي" توقعاتها لأسعار النفط في نهاية عام 2018 من 60 إلى 55 دولاراً للبرميل.

وحذرت "غولدمان ساكس" من أنه إذا استأنفت "أوبك" حرب أسعارها لاستعادة حصتها في السوق، فإن الفائض قد يعود.

وقالت مؤسسة "غولدمان ساكس: "هنا تكمن معضلة أوبك - إن العودة إلى طاقتها الإنتاجية في عام 2018 لزيادة حصتها في السوق من شأنها أن تؤدي إلى انهيار حاد في الأسعار."