بعد 33 عامًا.. 72 مليون مواطن مصري لن يأكلوا رغيف خبز بـ5 قروش

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
صورة أرشيفية لخبز في مخبز بمصر
Credit: Chris McGrath/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- "جه الوقت أن رغيف العيش أبو 5 قروش يزيد ثمنه.. ومش معقول أدي 20 رغيف بثمن سيجارة".. بهذه الكلمات وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال افتتاحه إحدى المشروعات الصناعية، حكومته بتحريك أسعار منظومة رغيف الخبز المدعم، والتي يستفيد منها 72 مليون مواطن، وحال تطبيق توجيهات السيسي ستصبح هذه هي الزيادة الأولى في سعر رغيف الخبز المدعم في مصر منذ 33 عامًا ظل ثابتًا عند سعر 5 قروش، فيما يرى اقتصاديون أن القرار يأتي في إطار خطة الدولة للتخلي عن الدعم العيني والاتجاه للنقدي، مقللين من آثاره على زيادة معدل التضخم.

وتضم الموازنة العامة لمصر بندًا يعرف باسم دعم السلع التموينية وبلغت قيمة مخصصاته بموازنة العام المالي الحالي 2021/2022 نحو 87 مليار جنيه، منها أكثر من 50 مليارًا لدعم الخبز يستفيد منه 72 مليون مواطن، بحيث يحصل كل مواطن على 5 أرغفة يوميًا بسعر 5 قروش للرغيف الواحد في حين تبلغ تكلفته الفعلية 65 قرشًا-بحسب الأرقام الرسمية- فيما لم تعلن الحكومة حتى الآن عن قيمة هذه الزيادة وموعد تطبيقها، واكتفت وزارة التموين المعنية بالأمر بالتصريح أنها تدرس توجيهات الرئيس، وستقدم نتائجها لمجلس الوزراء فور الانتهاء منها-بحسب وسائل إعلام محلية.

وترى عالية ممدوح كبيرة الاقتصاديين ببنك الاستثمار بلتون، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن قرار تحريك أسعار الخبز المدعم يأتي في إطار اتجاه الدولة للتحول للدعم النقدي للشرائح الأكثر احتياجًا، وهو اتجاه بدأته الدولة منذ عامين مع بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي، كما أنه مطبق في معظم دول العالم، مضيفة: "لا أستطيع تحديد قيمة الزيادة في سعر رغيف الخبز، وكم سيبلغ سعره لكون هذا الأمر سيكون له أبعاده أخرى على التضخم، وهناك دراسة تعدها الحكومة ستحدد السعر المناسب".

وبحسب موازنة العام المالي الحالي 2021/2022، ارتفعت مخصصات الدعم النقدي وتشمل (دعم بطاقات التموين ومعاش الضمان وتكافل وكرامة بنحو 138% مقارنة بموازنة 2017/2018).

وحول تأثير زيادة سعر الخبز المدعم على التضخم، قالت ممدوح: "الزيادة يمكن أن يكون لها تأثير على التضخم مع الوضع في الاعتبار أن التضخم في البلاد ليس كبيرًا يمكنه امتصاص كل الصدمات"، منوهة في الوقت نفسه إلى توقعات بارتفاع التضخم خلال فترة النصف الثاني من العام الجاري قبل قرار تحرير أسعار الخبز المدعم لأسباب تتعلق بارتفاع الأسعار عالميًا ومن ضمنها الوقود.

وبلغ معدل التضخم السنوي في مصر 5.3% خلال شهر يونيو الماضي مرتفعًا من 4.9% في الشهر السابق، وهذه هي الزيادة للشهر الثاني على التوالي، رغم تراجع التضخم الشهري إلى 0.3%، ويترقب اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري غدًا الخميس لمناقشة أسعار الفائدة بعدما أبقى عليها عند مستويات 8.25% و9.25% لخمس اجتماعات متتالية.

وحول كيفية حماية الأسر الأكثر احتياجًا من قرار رفع أسعار الخبز، قللت عالية ممدوح، في تصريح خاص لـCNN العربية من تداعيات الزيادة على هذه الشرائح، مضيفةً: "لا أعتقد أن الزيادة ستكون كبيرة، خاصة في ظل برنامج النقاط للدعم النقدي ببطاقات التموين، والذي يستفيد منه العديد من المواطنين باستبدال الخبز بشراء السلع التي يحتاجونها".

فيما أعلن رئيس الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية عبد الله غراب، سعيه للقاء الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، لأخذ رأي الشعبة في إعداد دراسة تحريك أسعار الخبز المدعم، مضيفًا: "نرى أن يراعى عند وضع السعر الجديد للخبز المدعم أصحاب معاشات الضمان الاجتماعي، وأن يتم إضافة قيمة الزيادة على قيمة المعاشات".

وتوقع غراب، في تصريح خاص لـCNN العربية، أن يتضاعف سعر رغيف الخبز إلى 10 قروش بدلًا من 5 قروش حاليًا، وهي زيادة يراها لن تشكل أي عبء على محدودي الدخل، مؤكدًا في الوقت نفسه عدم زيادة أسعار الخبز غير المدعم لأسباب تتعلق بثبات أسعار الدقيق والمستلزمات الخاصة بتصنيعه.

وجاء توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيادة أسعار الخبز المدعم لتوفير تكلفة التغذية المدرسية المتوقع أن تصل إلى 8 مليارات جنيه لتوفير مواد غذائية لطلاب المدارس مجانًا.

من جانبه أيد عطية حماد رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة التجارية، توجيهات السيسي بزيادة سعر رغيف الخبز، قائلًا: "لا توجد أي سلعة في السوق بسعر 5 قروش، كما لا توجد أي سلعة يستقر سعرها لنحو 40 عامًا دون زيادة حتى أن عملة 5 قروش نفسها لم تعد متداولة في الأسواق"، مضيفًا: "هذا القرار لن يؤثر على محدودي الدخل؛ لأن الوفر من زيادة سعر رغيف الخبز المدعم سيوجه لصالحها، كما أن بعضهم يستغني عن جزء من الخبر مقابل شراء سلع أخرى".

وتوقع رئيس شعبة المخابز، في تصريح خاص لـCNN العربية، أن تكون قيمة الزيادة بسعر رغيف الخبز المدعم "بسيطة"، منوهًا في هذا الصدد إلى أن القرار لن يؤثر على أسعار الخبز الأخرى غير المدعمة، والتي لا تخضع لتسعيرة جبرية.

وترتفع تكلفة إنتاج الخبز في مصر بسبب استيرادها معظم احتياجاتها من الخارج؛ إذ تعد مصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم بنحو متوسط 12 مليون طن سنويًا تستورده من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وأمريكا، وقدرت وزارة المالية متوسط لسعر شراء طن القمح على أساس 255 دولار للطن في موازنة العام المالي الحالي 2021/2022