خبراء يحذرون من استراتيجية مناعة القطيع لمحاربة جائحة كورونا.. ما السبب؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد مرور أشهر من الجهود للحد من انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة، ظهرت مناعة القطيع كموضوع مثير للجدل.

ورد عضو فرقة عمل البيت الأبيض لمكافحة فيروس كورونا، الدكتور سكوت أتلاس، على تقرير نشر يوم الاثنين، زعم ​​أنه من دعاة استراتيجية "مناعة القطيع" لمكافحة "كوفيد-19".

وأوضح أتلاس خلال مؤتمر صحفي عقد في ولاية فلوريدا: "لم أدافع عن هذه الاستراتيجية قط".

ومثل هذا النهج، على غرار ما تم اتباعه في السويد، سيعني أن العديد من الناس على الصعيد الوطني سيصابون بفيروس كورونا من أجل اكتساب مناعة طبيعية عبر المجتمعات. ومع انتشار الفيروس وإصابة الناس بالمرض، يمكن أن يموت الكثيرون إثر هذه العملية.

ونفى أتلاس جملةً وتفصيلاً أنه يدفع باستراتيجية مناعة القطيع، إلا أن مسؤولًا في الإدارة أخبر CNN أن جميع السياسات التي يدعمها أتلاس تندرج ضمن سياق استراتيجية مناعة القطيع.

وقال المسؤول إن أتلاس رفض الحاجة إلى إجراء اختبارات مجتمعية على نطاق واسع، بحجة أن الإدارة يجب أن تركز بشكل حصري تقريباً على حماية واختبار السكان المسنين مع دفع عجلة الاقتصاد للعودة إلى طبيعته.

وأكدت الدكتورة لينا وين، طبيبة الطوارئ والمحللة الطبية في CNN، يوم الإثنين، أن نحو مليوني أمريكي قد يموتون في محاولة لتحقيق مناعة قطيع ضد فيروس كورونا.

وأشارت وين إلى أن لديها "مخاوف كبيرة" بشأن نهج مناعة القطيع، إذ لا يزال الكثير غير معروف حول المدة التي قد تستمر فيها المناعة ضد "كوفيد-19".

وقالت وين :"إذا كنا ننتظر حتى يحصل نسبة 60% إلى 80% من الناس عليها، فنحن نتحدث عن حصول أكثر من 200 مليون أمريكي عليها وبمعدل وفيات تبلغ نسبته 1%، أي أن مليوني أمريكي سيموتون في سبيل محاولة الحصول على مناعة القطيع".

وأكدت وين: "هذه حالات وفاة يمكن تجنبها ولا يمكننا السماح بحدوثها تحت إشرافنا".

ومن جانبها، قالت ماريا فان كيركوف، القائدة الفنية في منظمة الصحة العالمية للاستجابة لفيروس كورونا، خلال إيجاز إعلامي في جنيف الأسبوع الماضي إن "مناعة القطيع" تتم مناقشتها عادةً في سياق التطعيمات، وليس كاستجابة لجائحة.

وأوضحت فان كيركوف أنه "عادةً عندما نتحدث عن مناعة القطيع، فإننا نتحدث عن عدد السكان الذين يحتاجون إلى التطعيم للحصول على مناعة ضد الفيروس، ومسببات الأمراض، بحيث لا يمكن أن يحدث انتقال العدوى أو أنه من الصعب جداً انتقال العدوى.

وقالت فان كيركوف: "إذا فكرنا في مناعة القطيع بالمعنى الطبيعي المتمثل في مجرد السماح للفيروس بالانتشار، فهذا أمر خطير للغاية"، مضيفةً أن هذا يعني إصابة الكثير من الناس الذين سيحتاجون للذهاب إلى المستشفيات ووفاة الكثير منهم.

جهود "مناعة القطيع" السويدية

ويشير مصطلح مناعة القطيع إلى عتبة معينة من الحماية اللازمة لمجموعة سكانية معينة أو مجتمع معين من الأمراض المعدية، ويمكن أن تأتي هذه الحماية إما من العدوى السابقة أو من اللقاح، وفقاً لما ذكره الدكتور أميش أدالجا، الباحث الأول في مركز جامعة جونز هوبكنز للأمن الصحي، لـ CNN، يوم الاثنين.

وقال أدالجا: "إذا تم تجاوز عتبة مناعة القطيع، فمن الصعب للغاية على مرض معدٍ أن يكون قادراً على إصابة أشخاص جدد والحفاظ على انتقال العدوى في ذلك المجتمع"، مضيفًا أنه عندما يتعلق الأمر بالسويد، فإنه لا يبدو أنها تجاوزت عتبة مناعة القطيع.

وعلى عكس معظم البلدان، لم تدخل السويد في حالة إغلاق عندما انتشرت الجائحة في جميع أنحاء أوروبا في أوائل الربيع. وبدلاً من ذلك، كان هناك تركيز على المسؤولية الشخصية، مع إبقاء معظم المدارس والمطاعم والصالونات مفتوحة.

وطورت نسبة 7.3% فقط من الأشخاص في ستوكهولم الأجسام المضادة اللازمة لمكافحة المرض بحلول أواخر أبريل/ نيسان الماضي، أي أقل بكثير من نسبة 70 إلى 90% اللازمة لمناعة القطيع.

وفي الوقت الحالي، هناك أكثر من 5,800 حالة وفاة بسبب "كوفيد-19 في السويد، أي ما يعادل حوالي 576.38 حالة وفاة لكل مليون شخص. وتم تسجيل آخر حالة وفاة بسبب "كوفيد-19" في 23 أغسطس/آب الماضي.

وكان عدد الوفيات لكل مليون في السويد أعلى بكثير من بعض الدول المجاورة لها، مع كثافة سكانية منخفضة مماثلة، أي الدنمارك بمعدل 107.73، وفنلندا بمعدل 60.46، والنرويج بمعدل 48.7.

وكتب كل من إريك أورلوفسكي من جامعة كلية لندن، والدكتور ديفيد جولدسميث، وهو طبيب متقاعد مقيم في لندن، في تعليق نشر بمجلة الجمعية الملكية للطب في منتصف أغسطس أنه "عندما يكون معظم السكان محصنين ضد أحد الأمراض المعدية، فإن هذا يوفر حماية غير مباشرة، مناعة القطيع، لأولئك الذين ليسوا محصنين ضد المرض من خلال العمل كحصن ضد زيادة العدوى السكانية".

وأضاف التعليق: "من المحتمل أن بعض هذا الاختلاف بين الدول الاسكندنافية في نتائج الوفيات ربما يكون قد نشأ نتيجة الفشل في حماية السويديين الأكثر ضعفاً من العدوى الفيروسية، أي نسبة 40 - 50% من حالات الإصابة كانت للمسنين المقيمين في دار رعاية المسنين".

وقال أدالجا من جامعة جونز هوبكنز: "ليس من الواضح تماماً كيف يتم عزل الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض شديد عن أولئك الذين يصابون بمرض خفيف".

وأكد أدالجا أن أكبر مشكلة لديه مع النهج السويدي هي أنها إذا كانت تحاول بالفعل تطبيق مناعة للقطيع، فهي بحاجة ماسّة إلى حماية دور رعاية المسنين بالإضافة إلى القيام ببعض الاختبارات، والتعقب، والعزل، مضيفاً: "إذا كانت مناعة القطيع لا تشمل الاختبار والتتبع والعزل، فسيكون من الصعب للغاية حماية السكان المعرضين للخطر".