يحكي واقعاً نعيشه الآن..سيناريو أمريكي توقع ظهور جائحة كورونا قبل 3 أعوام

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في عام 2017، نشر فريق من الخبراء في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي سيناريو كجزء من تمرين تدريبي يعتقدون أنه يمكن أن يحدث في المستقبل غير البعيد، عن فيروس كورونا المستجد، يعرف باسم "سبارس".

وتوقع السيناريو، في العام 2025، وفاة بعض المسافرين الأمريكيين العائدين من آسيا بسبب مرض شبيه بالإنفلونزا غير معروف، وأن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وجدت أن الضحايا أصيبوا بفيروس كورونا مستجد، يُعرف باسم "سبارس-كوف".

وبحسب السيناريو، لا توجد أي معلومات متوفرة عن هذا الفيروس المستجد. ولا يوجد فحص تشخيصي له. ولا توجد علاجات معروفة. ولا يوجد لقاح متوفر لعلاجه.

وسرعان ما يتحول تفشي "سبارس" إلى جائحة عالمية، بحسب السيناريو.

ويذكر السيناريو أن مراكز السيطرة على الأمراض تكتشف أن "سبارس" ينتقل عبر قطرات الجهاز التنفسي، وتوصي الجميع بممارسة نظافة اليدين، وتطهير الأسطح بشكل متكرر، وفقاً للسيناريو.

ويتعلم الخبراء أن فيروس "سبارس" لديه فترة حضانة طويلة، من 7 إلى 10 أيام،  ويمكن أن ينتشر عن طريق حاملي الفيروس بدون أعراض، وأن النساء الحوامل، وأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة، هم أكثر عرضة للمضاعفات والوفاة بسبب الفيروس، بحسب السيناريو.

وتبدأ منظمة الصحة العالمية في التوصية بتطبيق إجراء التباعد الاجتماعي وعزل الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس، بحسب السيناريو.

ويظهر أمل في أن دواء مضاد للفيروسات يمكن أن يساعد في علاج "سبارس"، رغم عدم وجود تجارب تؤكد ذلك، بحسب السيناريو.

وتصدر إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تصريح استخدام طارئ لهذا الدواء لعلاج مرضى "سبارس". ويُصبح هناك طلباً عاماً كبيراً على الدواء، ويتم صرف ملايين الجرعات من المخزون الوطني الاستراتيجي. ومع ذلك، سرعان ما يتضح أن الدواء يمكن أن يسبب آثاراً جانبية خطيرة، بحسب السيناريو.

ويقول السيناريو :"تأخذ الجائحة منحنى سياسي. ويعبّر الجمهوريون عن دعمهم للدواء بينما يعبر الديمقراطيون عن شكوكهم. وتصبح أمريكا أكثر ارتباطًا وفي الوقت ذاته أكثر انقساماً من أي وقت مضى. وتنتشر الشائعات والمعلومات الخاطئة بشأن الفيروس والعلاجات المحتملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويتعرض الاقتصاد لضربة مع استمرار الجائحة. وفي غضون عام، يبدأ اللقاح المحتمل عملية المراجعة العاجلة مع وعود بإتاحة عشرات الملايين من الجرعات في غضون بضعة أشهر. ولكن من بين مئات الملايين من الناس الذين يعيشون في الولايات المتحدة، من سيحصل على اللقاح أولاً؟".

والغريب في هذا السيناريو عن "جائحة سبارس في العام 2025" أنه يبدو أشبه بتقرير عن جائحة "كوفيد -19" التي نعيشها اليوم، ولكن السيناريو لم يكن محاولة للتنبؤ بالمستقبل، بل كان المقصد منه توضيح مجموعة واسعة من التحديات الخطيرة التي قد يواجهها القائمون على التواصل في مجال الصحة العامة.

وكان الأمل هو أنه من خلال العمل على هذه التحديات المذكورة كجزء من تمرين تدريبي، ستكون الوكالات الفيدرالية والمحلية مستعدة جيداً للاستجابة لسيناريو مماثل في المستقبل.

وهذا المستقبل هو ما نعيشه الآن. ولكن يبدو أن العديد من مزالق الصحة العامة التي كان من المفترض أن تكون بمثابة أدوات تعليمية قد حدثت بالفعل.

وخلال جائحة "كوفيد-19"، قوضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بعض الأحيان جهودها الخاصة في التواصل الواضح والشفاف من خلال إصدار توصيات ورسائل متناقضة للصحة العامة، وعلى سبيل المثال مسألة ارتداء أقنعة الوجه، والضجة المحيطة بعقار "هيدروكسي كلوروكين"، ومؤخراً، إرشادات غير واضحة حول فحص الأشخاص المعرضين لفيروس كورونا الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض.

وعندما لا يتم توصيل الرؤى الطبية الناشئة حول هذه الجائحة بشكل واضح، يتجاهل قادة المجتمع التوصيات المنقذة للحياة.

وفي الواقع، وجد استطلاع للرأي، أجري في يونيو أن حوالي نصف الأمريكيين فقط كانوا يرتدون أقنعة في كل مرة يغادرون فيها منازلهم على الرغم من مجموعة متزايدة من الأبحاث الطبية تشير إلى أن الأقنعة يمكن أن تنقذ آلاف الأرواح.

ومن إجراء ارتداء القناع، إلى مدى قدرة انتشار العدوى غير المصحوبة بالأعراض، إلى خطر جزيئات الفيروس المحمولة جواً، أدى نقل الرؤى العلمية الجديدة في الكثير من الأحيان إلى المزيد من الارتباك أكثر من الوضوح.

وتقول الدكتورة ميريديث لي فولمر، أخصائية اتصالات المخاطر في هيئة الصحة العامة في سياتل ومقاطعة كينغ، إنه من الطبيعي أن تتغير توصيات الصحة العامة مع مرور الوقت، وسط نمو الفهم العلمي. ولكن عندما لا يتم توصيل المعلومات الجديدة بوضوح، فقد يؤدي ذلك إلى تآكل ثقة الجمهور.

وتوضح لي فولمر لـ CNN أنهم يتعاملون مع شيء غير معروف، كما أن المعلومات حوله تتغير بسرعة كبيرة، مضيفةً أن الخبراء بحاجة إلى الاعتراف بأنهم مازالوا يتعرفون على الفيروس.

وأعربت الدكتورة مونيكا شوش سبانا، قائدة فريق مشروع "سيناريو جائحة سبارس" في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي، عن أسفها من أن الدور الذي تقوم به اتصالات الصحة العامة يعتبر في كثير من الأحيان أمر مسلّم به.

وقالت سبانا لـ CNN إن "العمل في مجال الاتصالات في الصحة العامة يُنظر إليه عادةً على أنه مكمل للعمل" الحقيقي" لاحتواء تفشي المرض.

وغالباً ما يكافح المسؤولون عن الاتصالات العامة من أجل الاعتراف بالدور الأساسي الذي يقومون به في التخفيف من الآثار الضارة لتفشي المرض، ولكن أيضاً وصمة العار والصدمات وانعدام الثقة العامة والتشرذم الاجتماعي.

وهناك عدد لا يحصى من الدروس التي يمكن تعلمها من جائحة "كوفيد -19" في العالم الحقيقي، ومن بينها أهمية البقاء متيقظًا بشأن استعداد الصحة العامة حتى في الوقت الذي يبدو فيه تهديد الجائحة احتمالًا افتراضيًا بعيدًا.

وعلق الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، خلال مناقشة أخيرة، حول صعوبة الاحتفاظ بالدعم من أجل الالتزام المستمر بالتأهب للجائحة عندما لا نكون في خضم تفشي المرض.

وقال فاوتشي إن "العدوى الناشئة ستستمر في الحدوث لفترة طويلة بعد رحيلنا جميعاً، لذا دعونا نستعد لها".