لا يقل خطورة عن السرطان.. كيف يمكن محاربة اكتئاب ما بعد العلاج؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشفت مارتا سيغال بلوك أنها مُصابة بسرطان الثدي العام الماضي، بعد خضوعها لفحص التصوير الشعاعي الروتيني.

وتقول بلوك، التي تعيش مع أسرتها في ولاية إلينوي، إن الأمر استغرق  حوالي شهر من إجراء فحوص الخزعات، والمزيد من فحوص تصوير الثدي بالأشعة السينية، والتصوير بالرنين المغناطيسي، والموجات فوق الصوتية والاختبارات الجينية في إحدى مستشفيات ضواحي شيكاغو قبل تشخيص إصابتها بسرطان الثدي في المرحلة الأولى.

وخضعت بلوك لعملية استئصال الثدي من جانب واحد، تلاها بعد أشهر جراحة ترميمية، أي عملية إعادة بناء الثدي.

وترى بلوك أنها كانت محظوظة لأن نوع السرطان الذي تعاني منه يستجيب جيدًا للعلاج الهرموني، دون الحاجة للخضوع إلى العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.

وعلى الرغم من توقعات التعافي والفرص الضئيلة للإصابة بالمرض مرة أخرى، فقد كاد سرطان الثدي أن يقتلها، على حد تعبير بلوك.

وتقول بلوك: "على الرغم من أن فريقي الطبي قام بعمل ممتاز في التخلص من السرطان، إلا أنني تركت بمفردي لأواجه نوبة الاكتئاب المفاجئة التي حلت محل المرض".

بداية الاكتئاب

كانت أدوية ما بعد عملية إعادة ترميم الثدي تؤثر على انقطاع الطمث لديها، مما أدى إلى زيادة وزنها واضطرابات  في نومها.

ومن خلال بحثها عبر"غوغل"، اقتنعت بلوك بأنها مازلت مُصابة بالسرطان، وبكت طوال الوقت، وحينها بدأت تدرك ببطء أنها كانت تعاني من الاكتئاب.

وقد عانت بلوك من الاكتئاب في العشرينات من عمرها، ومرة ​​أخرى بعد ولادة طفلها الأول، وكان الاختلاف هو أنها أعدت نفسها لحالة الاكتئاب ما بعد الولادة.

أما عند إصابتها بسرطان الثدي واستئصالها لجانب منه لم يحذرها أحد من أنها قد  تعاني من الاكتئاب.

وتشير بلوك إلى أن حالة الاكتئاب جعلتها تشعر بالذنب والعزلة. واعتقدت أنها فشلت لأنها لم تكن ممتنةً بما يكفي لتشخيص مرضها في المرحلة الأولى.

وعلمت بلوك لاحقاً أن الاكتئاب بعد علاج سرطان الثدي يعد أمراً شائعاً.

ويمكن أن تؤدي التأثيرات الدائمة لاستئصال الثدي وأدوية ما بعد الجراحة والخوف من الإصابة مرة أخرى بالمرض، إلى الإصابة بالاكتئاب، وفقاً لما ذكرته تاشا تشاسون، مستشارة دعم الأورام في ويلنيس هاوس، وهو مركز لدعم مرضى السرطان يقع في ولاية إلينوي.

وقالت تشاسون إن العديد من النساء يجدن أنفسهن في "وضع البقاء على قيد الحياة" أثناء فترة العلاج، وعندما ينتهي العلاج يكون لديهن الوقت للتفكير في مشاعرهن حينما ينتهي العلاج.

ويمكن أن تشعر المريضات بالسوء عندما يقارن أنفسهن بأخريات لديهن تشخيصات وتوقعات تعافي مختلفة، وفقاً لكيلي كيتلي، المعالجة النفسية في شيكاغو وخبيرة الصحة العقلية للمرأة.

الدعم هو الأساس

وعلمت بلوك من خلال  طبيبتها أنها بحاجة إلى الدعم، واقترحت عليها أن تنضم إلى مجموعة دعم للناجين من السرطان.

بسبب تعقيدات نظام الرعاية الصحية والتأمين في الولايات المتحدة، قالت كيتلي إن العديد من المرضى يجدون صعوبة في العثور على موارد الصحة العقلية المناسبة دون مساعدة متخصص مدرب.

وبالفعل، انضمت بلوك إلى مجموعة دعم عبر الإنترنت لمرضى سرطان الثدي بالإضافة إلى العديد من مجموعات على موقع "فيسبوك" المخصصة للناجيات من السرطان. ومن خلال مجموعة الدعم حصلت بلوك أخيراً على اسم معالج مطلع على مرض السرطان.

وتؤكد بلوك أنه بسبب معالجها ومجموعات الدعم عبر الإنترنت، أدركت أن حالة الاكتئاب بعد السرطان لم تكن غريبة وأنها ليست ذنباً. 

وبعد مرور عام تقريباً، ما زالت بلوك تعاني من أيام سيئة، إلا أنها لم تعد تعاني من الاكتئاب الشديد الذي يهدد حياتها.

التعرف على الخسائر العاطفية

وأشارت دراسة أُجريت عام 2018 إلى أن الناجيات من سرطان الثدي أكثر عرضة بنسبة 37% للانتحار مقارنة بالنساء في عموم السكان.

وعلاوة على ذلك، فإن النساء المصابات بسرطان الثدي النقيلي المصابات بالاكتئاب يُكن عرضة لخطر الوفاة في وقت أقرب من اللاتي عُولجن من الاكتئاب، حسبما أظهرت دراسة 2011.

وقالت كيتلي إنه من المهم ألا يستهين مرضى السرطان بأعراض الاكتئاب، مثل الشعور باليأس أو البكاء المتكرر أو فقدان الشهية أو النوم المتقطع أو النوم لفترات طويلة أو قلة الدافع.

وأشارت كيتلي إلى أنه أثناء البحث عن معالج يجب على مرضى السرطان "الاحتفاظ بدفتر لتتبع الحالة التي تشعر بها يوماً بعد يوم، والالتزام بممارسة الرياضة يومياً للمساعدة في تصفية الذهن".

وتؤكد بلوك أنه رُغم أنها كانت غاضبة من عدم تحذير فريقها الطبي من حالة الاكتئاب لديها، إلا أنها لم تكن الوحيدة، إذ علمت من المشاركات في مجموعات الدعم المختلفة الخاصة بها أن النساء في جميع أنحاء أمريكا تعانين من فشل مقدمي العلاج في التركيز على الخسائر العاطفية التي يمكن أن يتحملها السرطان واستئصال الثدي والوصول المحدود إلى خدمات الصحة العقلية بعد العلاج.

ويأتي سرطان الثدي واستئصاله مع العديد من الآثار الجانبية الجسدية والعاطفية المحتملة. وتستحق المريضات أن يتم تحذيرهن بشأن احتمالات الإصابة بالاكتئاب أثناء العلاج وبعده، وأن يحصلوا على مساعدة قوية يسهل الوصول إليها عندما يعانون من الاكتئاب المرتبط بالسرطان، فهي تعد حرفياً مسألة حياة أو موت، وفقاً لما قالته بلوك.