برهان على زجاجة نبيذ..هكذا بدأ اكتشاف سلالة أخرى من فيروس كورونا بجنوب أفريقيا مشابهة للسلالة البريطانية

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بدأ اكتشاف سلالة جديدة مهمة من فيروس كورونا في جنوب إفريقيا برهان على زجاجة نبيذ.

وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، بدأ توليو دي أوليفيرا، الذي يقود مختبر علم الوراثة في جنوب إفريقيا، في تلقي مكالمات هاتفية مقلقة من الأطباء في مقاطعة الكاب الشرقية، الذين كانوا يشهدون نمواً هائلاً في عدد مرضى "كوفيد-19".

وقال دي أوليفيرا، الأستاذ في جامعة كوازولو ناتال في ديربان: "كان الأمر صادماً".

وطلب دي أوليفيرا على الفور عينات من أنوف المرضى المصابين بفيروس كورونا حتى يتمكن من إجراء التسلسل الجيني عليها.

وخلال أقل من أسبوع، قام بإجراء التسلسل على 16 عينة، وكان لجميعها طفرات مماثلة، وعدد كبير بشكل غير عادي من الطفرات.

واكتشف دي أوليفيرا، صياد الفيروسات البارز، سلالة جديدة من فيروس كورونا.

وكانت العينات الـ16 بعيدة عن بعضها البعض بمئات الكيلومترات في مقاطعتي الكاب الشرقية وكوازولو ناتال، لذلك كان لديه حدس بأن السلالة تنتشر بسرعة.

وما زاد من المخاوف هو أن بعض الطفرات كانت في الجينات المرتبطة بالغلاف الفيروسي من البروتين الشائك، أي النتوءات التي تغطي الفيروس.

واستهدفت الفحوصات للكشف عن الفيروس، وكذلك الأدوية ولقاحات "كوفيد-19"، هذا الغلاف الشائك، والمقلق هو أنه إذا تغير الغلاف، فمن المحتمل ألا تكون الفحوصات، والعقاقير، واللقاحات فعالة بشكل جيد.

وتواصل دي أوليفيرا مع المختبرات في شبكة مراقبة الجينوم في جنوب أفريقيا، وطلب منهم إرسال عينات من الفيروسات من مرضى "كوفيد-19" من جميع أنحاء العالم.

وكانت إحدى هذه المعامل في ستيلينبوش، وهي بلدة تضم مصانع النبيذ الشهيرة في جنوب أفريقيا.

وقال دي أوليفيرا إن كبيرة العلماء في مختبر ستيلينبوش، سوزان إنجلبريشت، أخبرته أنها ستصاب بالصدمة إذا وصلت السلالة الجديدة إلى منطقتها، على بعد أكثر من 700 كيلومتر من خليج نيلسون مانديلا، حيث لوحظ انتشار السلالة الجديدة أولًا.

وعقد دي أوليفيرا رهاناً مع إنجلبريشت، أنه إذا وجدت السلالة الجديدة في أكثر من 50% من عينات بلدة ستيلينبوش، فستهديه زجاجة من النبيذ.

ومن بين 67 عينة من ستيلينبوش، كانت 58 عينة من السلالة ذاتها المنتشرة في خليج نيلسون مانديلا.

وبعد أيام قليلة، في 4 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، أرسل دي أوليفيرا رسالة عاجلة عبر البريد الإلكتروني إلى مسؤول منظمة الصحة العالمية الذي يدير مجموعة عمل تطور فيروس "سارس-كوف-2"  التابعة للوكالة.

وكتب دي أوليفيرا: "أود أن أطلب إضافة عاجلة إلى جدول الأعمال اليوم، للتنبيه بشأن بعض النتائج الأولية من جنوب أفريقيا".

ونبّه دي أوليفيرا العلماء الآخرين في المكالمة، الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم، حول هذه السلالة الجديدة الغريبة التي لاحظها في جنوب أفريقيا، مشيراً إلى أنها تضمنت طفرة في موقع للغطاء الفيروسي يسمى "N501Y". كما شجع زملائه في البحث عن طفرات مماثلة في بلدانهم.

وتولى هذه المهمة أندرو رامباوت، الأستاذ في جامعة إدنبرة، الذي بحث مع زملائه في قاعدة بيانات الجينوم في المملكة المتحدة، ووجدوا سلالة تحتوي على طفرة "N501Y"، والتي كانت تنتشر بسرعة في أجزاء من جنوب شرق إنجلترا، ونشروا النتائج التي توصلوا إليها في 20 ديسمبر/ كانون الأول.

ومن جانبها، قالت ماريا فان كيروف المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ المعني بجائحة كورونا في منظمة الصحة العالمية، إن اكتشاف دي أوليفيرا "دفع بالتأكيد العلماء البريطانيين إلى النظر في الأنواع المختلفة من السلالات"، مضيفةً أنها "ممتنة للغاية من وجود هذا التعاون [الدولي]".

وعُثر على السلالتين في جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، ولكن ليس من الواضح من أين بدأتا، وحتى الآن يبدو أنهما تنتشران بسرعة أكبر، ولكنهما ليستا أكثر فتكاً.

ويدرس مطورو اللقاحات وعلماء آخرون ما إذا كانت السلالات تشكل تحدياً بالنسبة للقاحات.

وأكدت فان كيروف أن مراقبة الفيروس، من خلال التسلسل الجيني للعينات المأخوذة من أعداد كبيرة من الناس، يعد "جانب أساسي للسيطرة على الفيروس" وطريقة مهمة "لفهم عدوك".