الأولى من نوعها..دراسة تكشف عن انتشار مرض السرطان خلال العصور الوسطى في بريطانيا

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعود أقرب وصف لمرض السرطان إلى بردية مصرية قديمة، وبالعودة بالزمن إلى الوراء، يبدو أنه حتى الديناصورات قد عانت شكلاً من أشكال المرض. ولكن كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن السرطان أصبح مرضاً شائعاً فقط خلال القرنين الماضيين أو نحو ذلك.

ويعود السبب جزئياً إلى زيادة متوسط العمر المتوقع، وعادات مثل التدخين، والتعرض للمواد الكيميائية المسببة للأورام بعد الثورة الصناعية.

ومع ذلك، فقد أشار بحث جديد نُشر في مجلة "Cancer" عن الهياكل العظمية في العصور الوسطى إلى أن السرطان كان أكثر انتشاراً مما كان يُعتقد سابقاً، رغم أنه لا يزال أقل شيوعاً مما هو عليه اليوم.

وفي أول دراسة من نوعها، حلل باحثون من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة 143 هيكلًا عظمياً من ستة مقابر في منطقة كامبريدج يعود تاريخها إلى ما بين القرنين الـ6 والـ16 ميلادي.

وبهدف الكشف عن الآفات الخبيثة، ركز الفريق على ثلاثة مناطق من المرجح أن تحتوي على نمو خبيث ثانوي لدى الأشخاص المصابين بالسرطان، وهي العمود الفقري، والحوض، وعظام الفخذ.

وقام العلماء بفحص العظام بصرياً واستخدموا تقنية التصوير الشعاعي والتصوير المقطعي المحوسب.

ووجد الفريق أن نسبة 3.5% من الأفراد أظهروا دليلًا على الإصابة بالسرطان النقيلي، أي عندما ينتشر الورم الخبيث إلى جزء مختلف من الجسم من حيث بدأ.

وأوضح بيرس ميتشل، باحث مشارك ومدير مختبر الطفيليات القديمة في قسم الآثار بجامعة كامبريدج، في بيان صحفي أن غالبية أنواع السرطان تتشكل في أعضاء الأنسجة الرخوة منذ أن تحللت في بقايا العصور الوسطى لفترة طويلة.

وأضاف أن "بعض أنواع السرطان فقط تنتشر في العظام، ومن بينها القليل فقط يظهر على سطح العظام، لذلك بحثنا داخل العظم عن علامات الورم الخبيث".

ومع الأخذ في الاعتبار البيانات الخاصة بالسكان المعاصرين، قدّر الباحثون أن نسبة 9% إلى 14% من البريطانيين في العصور الوسطى أصيبوا بالسرطان.

وأشار ميتشل، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة، أن "الأبحاث الحديثة تظهر أن ثلث إلى نصف الأشخاص المصابين بسرطان الأنسجة الرخوة سيجدون أن الورم ينتشر في عظامهم".

وأضاف: "لقد جمعنا هذه البيانات مع دليل على وجود نقائل في العظام من دراستنا لتقدير معدلات السرطان في بريطانيا خلال العصور الوسطى".

بلاء كبير

واقتصر البحث السابق في معدلات الإصابة بالسرطان باستخدام السجل الأثري على فحص سطح العظام بحثاً عن الآفات. وأشارت الدراسة إلى أن الأبحاث السابقة تشير إلى أن السرطان كان نادر الحدوث، حيث يصيب أقل من نسبة 1% من السكان.

ومن جانبها، قالت المؤلفة المشاركة جينا ديتمار، التي كانت باحثة مشاركة في معهد ماكدونالد للبحوث الأثرية بجامعة كامبريدج أثناء إجراء تحليل الدراسة، إنه "حتى الآن، كان يُعتقد أن أهم أسباب اعتلال الصحة خلال العصور الوسطى هي الأمراض المعدية مثل الزحار والطاعون الدبلي، إلى جانب سوء التغذية والإصابات الناجمة عن الحوادث أو الحروب".

وأضافت ديتمار في البيان: "علينا الآن إضافة السرطان كواحد من الفئات الرئيسية للأمراض التي أصابت من عاصروا العصور الوسطى".

وأشارت الدراسة إلى أنه حتى مع هذا التقدير الأعلى، كان السرطان لا يزال أقل انتشاراً خلال العصور الوسطى منه في بريطانيا الحديثة، حيث ينتشر السرطان بنسبة تتراوح بين 40% و50% عند الوفاة.

سؤال بلا إجابة

وقالت الدراسة إن أحد الأسئلة الرئيسية التي لا تزال دون إجابة تتمثل بمدى تأثير تدخين التبغ والسموم والملوثات الناتجة عن التصنيع على خطر الإصابة بالسرطان.

وشرحت الدراسة أن "أفضل طريقة للإجابة على هذا السؤال هي من خلال دراسة البيانات قبل الثورة الصناعية خلال القرنين الـ18 والـ19 وقبل أن يصبح التبغ متاحاً في بريطانيا بعد الاستيطان عبر المحيط الأطلسي للأمريكتين من قبل الأوروبيين خلال القرن الـ15 الميلادي".

ومع ذلك، قال الباحثون إن الدراسة تتضمن بعض القيود، إذ يعد تشخيص السرطان لدى رفات أشخاص ماتوا منذ قرون أمراً صعباً، ولا يمكن تشخيص أعراض للهياكل العظمية أو إجراء اختبارات الدم لها.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسبب أمراض أخرى أثناء الحياة تغيرات في العظام قد تحاكي الآفات التي تسببها النقائل، ويمكن أن يؤثر التحلل أيضاً على العظام بعد الموت، كما أن حجم العينات في الدراسة كان محدوداً بعدد الهياكل العظمية المتاحة مع الحفاظ الجيد على العمود الفقري والحوض وعظام الفخذ، مما يؤدي إلى هامش أكبر من الخطأ.

وأضاف ميتشل: "نحتاج إلى مزيد من الدراسات باستخدام الفحص بالأشعة المقطعية لهياكل عظمية تبدو طبيعية في مناطق وفترات زمنية مختلفة لمعرفة مدى انتشار السرطان خلال الحضارات الرئيسية في الماضي".