كيف تؤثر الرحلات الفضائية الطويلة على العين البشرية؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما تُتاح للبشر الفرصة أخيراً لاستكشاف المريخ، سيكون أعضاء تلك البعثات المأهولة على بعد ملايين الأميال من المنزل.

وقبل أن يسافروا عبر الفضاء، يريد العلماء أن يفهموا قدر الإمكان التأثيرات المحتملة للجاذبية الصغرى والإشعاع على جسم الإنسان.

وكانت المهمة التي استغرقت حوالي عام واحد بمثابة خطوة كبيرة نحو هذا الهدف، عندما أمضى رائد فضاء ناسا سكوت كيلي ورائد الفضاء الروسي ميخائيل كورنينكو 340 يوماً في محطة الفضاء الدولية من بين مارس/ آذار عام 2015 ومارس/ آذار عام 2016.

كيف تؤثر الرحلات الفضائية الطويلة على العين البشرية؟
قضى رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي (يسار الصورة) ورائد الفضاء الروسي ميخائيل كورنينكو (على اليمين) عاماً واحداً على متن محطة الفضاء الدولية.Credit: BILL STAFFORD/NASA

وقضى مستكشفا الفضاء نحو عام يعيشان في ظل غياب الجاذبية، وساهمت البيانات التي تم جمعها قبل وأثناء وبعد الرحلة إلى حد كبير في فهم أفضل لما يحدث لجسم الإنسان في الفضاء، وخضع الرجلان لاختبارات لمدة تصل إلى عام بعد مهمتهما.

وتتمثل بعض بواعث القلق التي ظهرت فيما يتعلق برواد الفضاء بكيفية تغير أعينهم أثناء رحلات الفضاء الطويلة، التي تستمر ستة أشهر أو أكثر، والتأثيرات المحتملة على صحة أعينهم بمرور الوقت.

وبينما يقضي أفراد الطاقم عادةً من أربعة إلى ستة أشهر على متن محطة الفضاء الدولية، فإن المهام المخطط لها في المستقبل والتي تستمر لمدة عام أو أكثر تتطلب مزيداً من التحقيق، وفقاً للباحثين.

وكان التأثير على الصحة المرتبطة بنظر رواد الفضاء نتيجة لرحلات الفضاء طويلة المدى، يُعرف سابقاً بضعف البصر والضغط داخل الجمجمة، أو متلازمة ضعف البصر بسبب الضغط القحفي.

ويشير الباحثون الآن إلى نتائج طب العيون والأعصاب لدى رواد الفضاء بعد رحلات الفضاء الطويلة على أنها متلازمة العين العصبية المرتبطة برحلات الفضاء، والمعروفة أيضاً باسم "SANS".

وركزت دراسة جديدة على التغيرات والقضايا العينية التي قاما بمواجهتها كيلي وكورنينكو، ونُشرت في مجلة "JAMA Opthalmology" الطبية.

وقال مؤلف الدراسة براندون ماسياس، مدير مختبر القلب والأوعية الدموية والرؤية في مركز "ناسا جونسون" للفضاء في هيوستن، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "بعد أن بدأ رواد الفضاء في خوض رحلات فضائية طويلة الأمد لمدة 6 أشهر تقريباً، بدأنا في ملاحظة التغييرات في عيون بعضهم، التي لم نلاحظها خلال الرحلات القصيرة لمدة أسبوعين على متن مكوك الفضاء".

وأضاف ماسياس: "لدينا الآن عدد قليل من رواد الفضاء الذين قاموا بمهمات أطول مدتها تصل إلى عام واحد في الفضاء"، موضحاً أن "النتائج الأولية التي توصلنا إليها تشير إلى أن مدة مهمة رحلات الفضاء قد تساهم في تفاقم التغييرات الهيكلية للعين، مثل التهاب العصب البصري".

وتمت مقارنة التغييرات التي لوحظت لدى كيلي وكورنينكو مع أفراد الطاقم الذين أمضوا حوالي ستة أشهر على متن محطة الفضاء الدولية.

وشهد الرجلان تغيرات هيكلية متعددة في أعينهما، وطور أحدهما حالة وذمة القرص البصري الخفيف.

وقال ماسياس: "يمكن أن تحدث وذمة القرص البصري عندما تنتفخ الألياف العصبية التي تدخل الجزء الخلفي من العين أو عندما يتراكم السائل الدماغي الشوكي حول الألياف العصبية"، مضيفاً: "إذا كان التورم شديداً واستمر لفترة طويلة من الوقت ، يمكن أن تتأثر الوظيفة البصرية".

وبحسب الدراسة، عانى الرجل الآخر من وذمة القرص البصري بالإضافة إلى التطور التدريجي للطيات المشيمية.

وأوضح ماسياس أن "شبكية العين في مؤخرة العين هي عبارة عن طبقة ملساء"، مشيراً إلى أن "الطيات المشيمية  تتطور عندما يصبح هذا النسيج مجعداً وغير متساوٍ، وقد تتمتع هذه الطيات بأنماط مختلفة اعتماداً على الموقع والشدة ولديها القدرة على إضعاف الوظيفة البصرية".

وأضاف ماسياس أن الرجلين تعافيا من وذمة القرص البصري بعد الرحلة الفضائية، ولكن الطيات المشيمية لا تتعافى بشكل كامل دائماً.

وعندما تحدث هذه التغييرات في بنية العين، عادة لا يكون رواد الفضاء على دراية بها إلا بعد إجراء اختبارات معينة، وبقيت التغييرات موجودة فقط لأسابيع أو شهور، مما يؤدي إلى عدم حدوث أي آثار فورية على صحة العين بشكل عام.

ومع ذلك، أوضح ماسياس أن هناك قلق من أن مهمات الرحلات الفضائية الأطول قد تساهم في حدوث تغييرات هيكلية أكبر في العين، وأنه كلما طالت مدة وجود هذه التغييرات الهيكلية، زادت احتمالية تسببها في تلف شبكية العين، وربما تسببت بتغييرات في العين.

ويعتقد الباحثون أن أحدث النتائج التي توصلوا إليها تدعم الحاجة إلى جمع قياسات موثوقة لمراقبة بنية العين لدى أفراد طاقم الرحلات الفضائية، بالإضافة إلى المراقبة الصحية على المدى الطويل بمجرد عودتهم إلى الأرض.

ويريد العلماء أيضاً فهم سبب تعرض بعض أفراد الطاقم لتغيرات بصرية أكبر من غيرهم. ويمكن أن تساعد هذه المعلومات فريق البحث على تطوير طرق لمنع حدوث متلازمة العين العصبية المرتبطة برحلات الفضاء.

وهناك خطط مستقبلية لمزيد من المهام لمدة عام واحد، والتي ستسمح لماسياس وفريقه بدراسة كيفية تغيير وظيفة الشبكية بمرور الوقت في الفضاء.

وبالإضافة إلى قياس كيفية عمل العين قبل وأثناء وبعد المهام باستخدام تخطيط كهربية الشبكية، والذي يقيس الاستجابة الكهربائية للقضبان والمخاريط الحساسة للضوء في العين، سينظر الفريق أيضاً في كيفية تغير تدفق الدم داخل شبكية العين.

ومع ذلك، هناك قلق أكبر بشأن ما يمكن أن يحدث عندما يذهب رواد الفضاء في مهمات أطول خارج المحطة الفضائية، ويعرضون أنفسهم لبيئة فضائية جديدة تتضمن مستويات أعلى من الإشعاع. وهناك أيضاً عدم يقين بشأن ما إذا كانت فترات الجاذبية الجزئية الممتدة على القمر والمريخ يمكن أن تساعد بالفعل في الحفاظ على صحة العين.

وأضاف ماسياس: "بناءً على دراستنا، فإن تطور وذمة القرص البصري الشديد ، أو تطور الطيات في رؤيتنا المركزية يمكن أن يضر بالوظيفة البصرية، ولن يكون هذا قابلاً للتصحيح بالنظارات المتاحة".