كيف تعزّز جهاز مناعتك من خلال الأطعمة التي تتناولها؟

علوم وصحة
نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- هل تريد محاربة الأمراض المعدية هذا الشتاء؟ إذًا، احرص على تعزيز جهازك المناعي من خلال تناول أطعمة مغذية.

تقول الدكتورة سيمن ميداني، كبيرة العلماء والمشرفة على فريق علم المناعة الغذائية في مركز جان ماير لأبحاث التغذية البشرية التابع لوزارة الزراعة الأمريكية بشأن الشيخوخة في جامعة تافتس، "ما نتناوله مهم جدًا من حيث كيفية استجابة جهاز المناعة لدينا لمسببات الأمراض ومدى قدرته على مواجهتها".

وأشارت ميداني إلى أنّ المغذيّات الدقيقة مثل فيتامين "سي"، وفيتامين "دي"، ومركّب فيتامين "بي"، والزنك، والسيلينيوم، يمكنها أن تساعد في "ضخ" دفاعات الجسم ضد نزلات البرد والإنفلونزا وحتى "كوفيد -19"، لكنك لن تعزّز مناعتك من خلال "تناول كمية كبيرة من عنصر غذائي أو مكون غذائي واحد".

من جهته، أوصى كريستوفر غاردنر، عالم التغذية في كلية الطب في جامعة ستانفورد، بأنه لا يجب التركيز على "الأطعمة الخارقة"، موضحًا أن هناك حاجة إلى مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأطعمة لتوفير المغذيات الدقيقة التي يحتاجها الجسم بهدف تكوين استجابة مناعية خلوية قوية.

وقال غاردنر: "لا يمكن الاعتماد على طعام أو مغذٍ واحد، ويستحسن أن يكون هناك تبادل من التفاعلات المتناغمة بين مختلف المغذيات الدقيقة".

لذا، خطّط لوجباتك اليومية حول مجموعة كبيرة، ومتنوعة، وملوّنة من الفاكهة والخضار الطازجة، الحمراء والخضراء، والصفراء، والبرتقالية، والزرقاء، إلى جانب بعض الحبوب الكاملة عالية الجودة، والبروتين الخالي من الدهون وقليل من الزيوت الصحية.

وتعتبر النباتات والحبوب أيضًا أساس النظامين الغذائيين "المتوسطي" و"داش" (DASH) الأعلى تصنيفًا. وترمز داش إلى "المقاربات الغذائية للحد من ارتفاع ضغط الدم".

ويتجنب كل من نظامي "البحر الأبيض المتوسط" ​​و"داش" الأطعمة المصنّعة، ويركّزان على الفاكهة، والخضار، والفاصوليا، والعدس، والحبوب الكاملة، والمكسّرات، والبذور.

ووجدت العديد من الدراسات أنّ حمية البحر الأبيض المتوسط ​​يمكنها أن تقلل من مخاطر ارتفاع الكوليسترول، والخرف، وفقدان الذاكرة، والاكتئاب وسرطان الثدي. كما تمّ ربط وجبات منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​المشمسة بعظام أقوى، وقلب أكثر صحة وحياة أطول، كما أنها تساعد في إنقاص الوزن أيضًا.

صورة شاملة

وبحسب ما ذكرته ميداني، فإن زخم البدء بتحفيز المناعة بالمغذيات يرتبط بعوامل عدّة مثل العمر، والصحة العامة، بالإضافة إلى مستويات التوتر لدى الشخص.

أما بالنسبة للغذاء الصحي، فمن المهم الحفاظ على وزن صحي، وتخفيض التوتر، إضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام للإبقاء على تلك الدفاعات الطبيعية في حالة تأهّب.

من دون هذه الأساسيات، سيبذل جسمك جهدًا أكبر لمواجهة الغزاة، وقد يخسر المعركة.

وقال الدكتور ديفيد كاتز، مؤسس ورئيس مبادرة الصحة الحقيقية، وهي منظمة غير ربحية هدفها تعزيز طب نمط الحياة القائم على الأدلة، إن "أفضل دفاع ضد خطر فيروس كورونا الكبير هو الصحة الجيدة المستمرة".

وأضاف كاتز: "إذا واجهت الفيروس بعد أسبوع من الآن، أو أسبوعين، أو ثلاثة، فيمكن أن تواجهه على نحو أفضل مما كنت تفعل بسبب نظامك الغذائي الحالي".

ونصحت ميداني بزيادة كمية الفاكهة والخضار التي تتناولها يوميًا بشكل كبير، في حال رغبت بزيادة تأثير الطعام على جهازك المناعي.

وقام فريقها بالتحقيق في الاستجابات المناعية لدى الحيوانات التي تتغذى من حصتين إلى ثلاث حصص من الفاكهة والخضار يوميًا، وقارنوها بتلك التي تناولت خمس إلى ست حصص، أو ثماني إلى تسع حصص في اليوم.

وأوضحت ميداني: "شهدنا أفضل تأثير لدى الفئة التي تناولت ثماني إلى تسع حصص"، لافتة إلى أنّ "الأمر لا يقتصر فقط على زيادة بسيطة في الاستهلاك، بل كبيرة، ويتوجب على الأشخاص السعي للوصول إلى هذا المستوى."

وكانت كشفت دراسة سابقة وضعت عام 2017 تراجعًا كبير في خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، والسرطان، والموت المبكر عن طريق تناول 10 حصص من الفاكهة والخضار كل يوم. 

الأطعمة المضادة للالتهابات

هناك سبب آخر يحفّز على تزيين طبقك بأنواع مختلفة من الفاكهة والخضار، هو الحاجة للتحكّم في استجابة الجسم الالتهابية للبكتيريا والفيروسات.

وقالت ميداني: "هناك حاجة إلى قدر معين من الاستجابة الالتهابية للتخلص من مسببات الأمراض، ومساعدة جهاز المناعة في الجسم على أداء وظيفته".

واستطردت: "إذا كان جسمك يفرز الكثير من المكونات الالتهابية، فقد يضرّ ذلك بالأنسجة المحيطة، ويمكن أن يتسبّب بأمراض المناعة الذاتية، وبأمراض مزمنة."

وتمّ ربط الالتهاب المزمن في الدراسات بأمراض مثل السرطان، وأمراض القلب، والسكري، والتهاب المفاصل، والاكتئاب، والزهايمر، والعديد من الأمراض الأخرى.

وفي حالات الإصابة بـ"كوفيد-19"، تمّ ربط التفاعلات الالتهابية الشديدة للفيروس، المسمّاة "عواصف السيتوكين"، بالحالات الأكثر خطورة والوفاة.

وقالت ميداني: "فيما يتعلق بكوفيد-19، فإن التوصية بزيادة استهلاك الفاكهة والخضار مهمة جدّا، نظرًا لوجود جميع المركّبات المضادة للالتهابات مثل الفلافونويد الذي يمكن أن يقلّل من عاصفة السيتوكين".

وأظهرت الدراسات أن تناول الكثير من الأطعمة غير الصحية "فائقة التصنيع" مثل الآيس كريم، والبسكويت، والأطعمة الاستهلاكية الجاهزة قد تقصّر العمر، وارتبط استهلاكها بزيادة نسبة 10% فقط بزيادة خطر الوفاة بنسبة 14% من مجمل الأسباب.

كما وجدت الدراسات أيضًا أن الأطعمة أو المشروبات المخمّرة مثل الكيمتشي الكوري أو مخلل الملفوف أو شاي الكومبوتشا قد تساعد أيضًا في محاربة بعض أنواع الالتهابات عن طريق تحسين الميكروبيوم في الجهاز الهضمي.

هل المكملات الغذائية ضرورية؟

تمامًا مثل أي حيوان من الثديات، جسم الإنسان مصمّّم لامتصاص العناصر الغذائية من الفاكهة، والخضار، والمكسّرات، والحبوب، والبروتينات أكثر من الأطعمة المصنعة أو المكملات الغذائية.

ولكن قد يحتاج بعض الأشخاص ذوي الخيارات الغذائية الصحية المحدودة، أو من يعانون من حالات طبية محدّدة، أو أي شخص تخطى 65 عامًا، إلى إضافة مغذيات دقيقة محدّدة إلى نظامهم الغذائي.

دور الزنك

يحصل معظم الناس في الولايات المتحدة على ما يكفي من الزنك من الأطعمة التي يأكلونها. لكن دراسة أجراها فريق ميداني شملت كبار السن الذين لديهم مستويات متدنية من الزنك في الدم، كشف أنّ هؤلاء يصابون بالالتهاب الرئوي بمعدّل ضعفين، ويعانون من الالتهاب الرئوي واستخدام المضادات الحيوية لمدة أطول، مقارنة مع الأشخاص الذين لديهم مستويات كافية.

قد يؤدي استخدام مستحلبات الزنك في المراحل المبكرة من البرد أو الانفلونزا، أي في الـ24 ساعة الأولى، إلى تعزيز جهاز المناعة وتقليل مدة المرض بحوالي يوم، وفقًا لمراجعة 13 دراسة.

والجرعة اليومية الموصى بها من الزنك هي 8 ملليغرام للنساء، و11 ملليغرام للرجال، لمدة لا تزيد عن خمسة أيام.

بعض الفوائد من فيتامين "سي"

أظهرت مئات الدراسات فوائد فيتامين "سي" على جهاز المناعة، وتسعى تجارب سريرية راهنًا للتحقق من تأثير عمليات نقل فيتامين "سي" على شدة كوفيد -19.

ويعتقد معظم الناس أن فيتامين "سي" يقوي جهاز المناعة ويقي من نزلات البرد. ومع ذلك، وجدت مراجعات الدراسات حتى الآن تأثيرًا مفيدًا معتدلًا مقارنةً بالدواء الوهمي، الأمر الذي يترك بعض الخبراء في حيرة من أمرهم بشأن الإشادة به.

خصائص مزدوجة لفيتامين "إي"

ويمكن أن يلعب فيتامين "إي" دورًا مزدوجًا في تعزيز استجابة الجسم المناعية، ويعمل كمضاد للأكسدة في الجسم.

وقالت ميداني: "يمكن أن يكون لفيتامين "إي" تأثير مضاد للالتهابات، ولكنه يعزز أيضًا المناعة الخلوية لدى بعض السكان".

وتعد الزيوت النباتية مثل عباد الشمس والقرطم، والفول السوداني، والبندق، واللوز وبذور، وجنين القمح من أفضل مصادر فيتامين "إي".

فيتامين الشمس

أوضحت ميداني أنه تمامًا مثل فيتامين "سي"، فإن الأدلة على خصائص فيتامين "دي" المعززة للمناعة مختلطة.

وقالت: "لا يمكننا القول أن إعطاء مستويات أعلى من فيتامين دي سيحسن الاستجابة المناعية ويحارب التهابات الجهاز التنفسي"، مضيفًة أن بعض الدراسات أظهرت بعض الفوائد، ولكن البعض الآخر لم يؤكدها".