دواء لحرقة المعدة.. هل يمكن استخدامه لعلاج فيروس كورونا؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في مرحلة سابقة من الجائحة، كان هناك أمل في أنّ دواءًا شائعًا لعلاج حرقة المعدة، وغير مكلف، ولا يستلزم وصفة طبية، قد يعالج "كوفيد-19"، لكن دراسة منشورة حديثًا أظهرت نتائج متباينة لهذا الأمر.

خلال التجربة السريرية، شعرت المجموعة التي تناولت جرعات عالية من دواء فاموتيدين، وضمّت مصابين بـ"كوفيد-19" أعراضهم خفيفة إلى معتدلة، بتحسن أسرع، مقارنة مع المجموعة التي تناولت دواءً وهميًا.

لكنّ هذه التجربة، التي يُعتقد أنّها الأولى من نوعها، شملت عددًا قليلًا من المشاركين. ولوحظ أنّ الأعراض التي أصابت الـ55 مشاركًا في الدراسة، انخفضت لدى المجموعة التي تلقت دواء فاموتيدين، المادة الفعالة في عقار "بيبسيد"، بنسبة 50% خلال 8.2 أيام، بينما تراجعت هذه الأعراض لدى المجموعة الأخرى التي تلقت علاجًا وهميًا خلال 11.4 يومًا.

وتلقى المشاركون في التجربة السريرية، جرعة قدرها 80 مليغرامًا من دواء فاموتيدين، ثلاث مرات في اليوم، لمدة 14 يومًا.

وتفوق هذه الجرعة ست مرات أعلى جرعة موصى بأخذها من فاموتيدين، المادة النشطة في عقار "بيبسيد".

من جانبه، قال رئيس تحرير مجلة "Gut"، التي نشرت الدراسة الخميس، إن التحسن الذي طرأ على المرضى الذين تناولوا مادة فاموتيدين تعتبر "متواضعة لكنّها مهمة".

وأشار الدكتور عماد العمر، أستاذ الطب في جامعة نيو ساوث ويلز بسيدني، أستراليا، إلى أنه بعد أسبوعين، استمرت الأعراض لدى الأشخاص الذين عولجوا بدواء وهمي وبلغت نسبتهم ضعف من تناولوا مادة فاموتيدين.

وقال العمر إلى CNN معقبًا إنه "أمر مثير للإعجاب"!

الاهتمام بمادة فاموتيدين بدأ في الصين

يعود الاهتمام بمادة فاموتيدين بهدف علاج كوفيد-19 إلى الصين، وفقًا للدكتور كيفين تريسي، المؤلف المشارك في الدراسة.

وفي أبريل/ نيسان 2020، أوضح تريسي لـCNN أنّ الأطباء هناك لاحظوا أنّ بعض الأشخاص من ذوي الدخل المنخفض الذين أصيبوا بفيروس كورونا يعيشون فترة أطول من نظرائهم الأغنياء الذين يعانون أيضًا من حرقة في المعدة.

وعندما عاينوا الأمر، لاحظوا أنّ العديد من المرضى ذوي الدخل المنخفض كانوا يتناولون مادة فاموتيدين، بينما يميل المرضى الأكثر ثراءً إلى تناول أغلى لعلاج حرقة المعدة.

وقال تريسي، رئيس معاهد فينشتاين للأبحاث الطبية في نورثويل هيلث في نيويورك: "يبدو أنّ الفلاحين الفقراء يبلون حسنًا بتناولهم مادة فاموتيدين".

كان الأمل كبيرًا لا سيًما في نيويورك، حيث تفشي الفيروس بكثرة في ذلك الوقت، خصوصًا أنّ دواء فاموتيدين غير مكلف وله سجل طويل كعقار آمن.

بعد بضعة أشهر، أفاد تريسي وفريقه في نورثويل، ومختبر كولد سبرينغ هاربور في نيويورك، أنّ 10 أشخاص يتعافون من كوفيد-19 في المنزل بالولايات المتحدة والسويد، لاحظوا "تحسنًا سريعًا" لجهة الأعراض، بعد يوم أو اثنين من تناول دواء فاموتيدين.

حاول الفريق بعد ذلك إجراء تجربة للدواء على المرضى في المستشفى، لكنه واجه مشكلة مع توفر خيارات العلاج الأخرى لعدد مرضى "كوفيد-19" المتراجع في نيويورك.. ففشلت الدراسة.

وظهر دواء فاموتيدين مرة أخرى عندما أعطي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عندما نقل إلى المستشفى خلال إصابته بكوفيد-19 في ديسمبر/ كانون الأول 2020.

لكن بعد بضعة أشهر، وجدت دراسة أجراها باحثون في شركتين للأدوية أن فاموتيدين لا يساعد الأشخاص الذين يتلقون العناية في المستشفيات.

وتوصي جمعية الأمراض المعدية الأمريكية بعدم استخدام مادة فاموتيدين لعلاج مرضى كوفيد-19 في المستشفيات، ولم تصدر توصيات مع أو ضد استخدامه لعلاج الأشخاص الذين لا يستوجب مرضهم الدخول إلى المستشفى.

وأعلنت المعاهد الوطنية للصحة، في أبريل/ نيسان عام 2020، إرساء شراكة بين القطاعين العام والخاص لتسريع دراسة الأدوية المحتملة لعلاج كوفيد-19، ضمنًا الأدوية "المعاد استخدامها" والتي تُستخدم لعلاج الحالات الأخرى.

الخطوات التالية غير واضحة

والآن، أصبحت دراسة فاموتيدين لعلاج كوفيد-19 على مفترق طرق.

ويدرس فريق من الباحثين في مختبر كولد سبرينغ هاربور أفضل السبل لوضع تصوّر لإجراء تجربة سريرية أكبر من شأنها أن تختبر فعالية فاموتيدين بشكل جدي.

ولفت تريسي إلى أن السؤال "هل يمكننا أن تناول دواء آمن من دون توصية طبيب، يمكن تصنيعه ومنحه للدول التي ليس لديها ما يعالج كوفيد-19؟" يعتبر السؤال "مهمًا للصحة العالمية". 

مع ذلك لا يتفق الجميع معه في الرأي.

من جانبهما،رأى كل من الدكتورين ويليام شافنر وكارلوس ديل ريو، الخبيران في الأمراض المعدية، أنّ ما من سبب يدعو لإنفاق المال على تجربة سريرية كبيرة بهدف اختبار فعالية مادة فاموتيدين، خصوصًا أن الولايات المتحدة لديها أدوية مضادة للفيروسات، وأجسام مضادة أحادية النسيلة، مصرّح بها لعلاج المرحلة المبكرة من مرض كوفيد-19.

وأضافا أنه إذا أراد شخص مصاب بكوفيد-19 تجربة دواء فاموتيدين، يرجّح ألا يصابا بأي ضرر.

مع ذلك، يرى خبير آخر بالأمراض المعدية المزيد من الأمل في فاموتيدين.

وأشار الدكتور بول أوفيت إلى نتائج الدراسة الجديدة التي فحصت مؤشرات الالتهاب في دم 35 مشاركًا، أن الأشخاص الذين تناولوا دواء فاموتيدين تعافوا من الالتهاب بسرعة أكبر، مقارنة بأولئك الذين تناولوا الدواء الوهمي.

وتوصي المعاهد الوطنية للصحة باستخدام توسيليزوماب، وهو دواء مضاد لالتهاب المفاصل، لعلاج مرضى كوفيد-19 في المستشفى.

وأضاف أن فاموتيدين سيكون له أثر أقل مأسويًا بكثير من عقار توسيليزوماب، ولكن سيكون له أيضًا آثارًا جانبية أقل.

وشجع أوفيت على إجراء المزيد من الأبحاث حول فاموتيدين لعلاج كوفيد-19.