قد تشكل الفرق بين الحياة والموت..تقنية علاج تقلل من خطر وفاة مرضى فيروس كورونا بمقدار النصف

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض شديد، فإن شكلًا متقدمًا من دعم الحياة، وهي تقنية تُعرف باسم الأكسجة الغشائية خارج الجسم أو اختصارًا ECMO، تقلل من خطر الوفاة الناجمة عن "كوفيد-19" إلى النصف، وفقًا لدراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة فاندربيلت الأمريكية.

ووجدت الدراسة أنه في ذروة جائحة فيروس كورونا، لم يتمكن العديد من المرضى من الحصول على العلاج، إذ لم يكن هناك ما يكفي من أسرّة المستشفيات أو الأجهزة أو الموظفين لرعايتهم.

وتُوفي نحو 90% من المرضى الذين استوفوا معايير جامعة فاندربيلت الصارمة للخضوع إلى تقنية ECMO، لكنهم لم يتمكنوا من الحصول عليها.

وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة ويتني غانون، مديرة الجودة والتعليم لبرنامج ECMO للبالغين في جامعة فاندربيلت: "أعتقد أن هذا مهم جدًا بالنسبة لي، لأنه لأول مرة، كنا نرى في الواقع ما يحدث لهؤلاء المرضى، عندما لا يتلقون هذا العلاج".

وأشارت غانون إلى أنه عندما كانت موجة متحور "دلتا" في أسوأ حالاتها في الجنوب، كانت تتلقى ما بين 10 إلى 15 مكالمة يوميًا حول المرضى الذين يحتاجون إلى تقنية ECMO. 

وكحد أقصى، كان لدى جامعة فاندربيلت سعة تكفي لـ7 مرضى لتلقي تقنية EMCO في وقت واحد، لذلك لم يتمكنوا من استقبال العديد من هؤلاء المرضى.

ولفتت غانون إلى أن هؤلاء المرضى كانوا صغارًا في السن، ولم يكن لديهم إصابة بأمراض مزمنة، وأضافت: "كانوا مجرد أشخاص أصحاء وشبان أصيبوا بكوفيد-19".

وغالبًا ما كانت تتواصل غانون في اليوم التالي للاطمئنان على صحة المرضى الذين لم يستطيعوا استقبالهم، فقط لتكتشف أنهم ماتوا.

ودفعت تلك المكالمات الهاتفية غانون إلى إجراء الدراسة، التي نُشرت في المجلة الأمريكية لطب الجهاز التنفسي والعناية المركزة.

الفرق بين الحياة والموت

وتعمل تقنية ECMO باستخدام الأنابيب والمضخات لتدوير وتزويد الدم بالأكسجين خارج الجسم. ويتولى العلاج مهام القلب والرئتين، مما يتيح للعضوين الوقت للتعافي.

وكان جيمس بيركنسون، البالغ من العمر 28 عامًا وهو أب لطفلين، من بين أحد المحظوظين الذين أُتيحت لهم فرصة العلاج باستخدام تقنية ECMO.

ودخل بيركنسون إلى المستشفى قبل يومين من عيد الميلاد بمستويات أكسجين في الدم بلغت 82%. وسرعان ما تدهورت حالته وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي.

وفي غضون أيام قليلة، كان من الواضح لأطبائه أن جهاز التنفس لن يكون كافيًا، إذ تضرًرت رئتاه بشكل كبير. 

ولحسن الحظ، كانت تقنية ECMO متوفرة في المستشفى، إذ تم توصيل بيركنسون بالأجهزة لمدة شهر قبل أن يبدأ الأطباء في إعادة تأهليه.

ويتحدث بيركنسون من سريره في المستشفى هذا الأسبوع، ولا يزال صوته خشنًا بسبب وجود أنبوب في قصبته الهوائية، إذ أنه يعرف كم اقترب من الموت، مشيرًا إلى أنه بدون تقنية ECMO، لم يكن لينجو.

وقال: "لولا ذلك لما كنت هنا اليوم. كنت سأرحل منذ فترة طويلة، إنه منقذ للحياة".

وأصيب بيركنسون بـ:كوفيد-19" قبل يومين من الموعد المقرر لتلقيه جرعته الأولى من اللقاح.

وقبل الجائحة، كان من الصعب دراسة تقنية ECMO لمعرفة مدى فعالية العلاج.

وكان المرضى الذين يتأهلون لهذه التقنية مرضى للغاية لدرجة أنه كان من غير الأخلاقي للباحثين أن يعينوا عشوائياً أي مريض يعاني من حالة حرجة مقارنة بغيره.

ورغم هذه العقبات، حاولت مجموعة كبيرة من الباحثين الدوليين إجراء دراسة عشوائية لتقنية ECMO في عام 2018.

وقام الباحثون بتقسيم 249 مريضًا يعانون من متلازمة الضائقة التنفسية الحادة - التشخيص ذاته الذي يواجهه العديد من مرضى "كوفيد-19" - إلى مجموعتين. وحصلت المجموعة الأولى على تقنية ECMO، بينما عولجت المجموعة الثانية بطريقة التهوية الميكانيكية.

وحتى لا يُحرم أي شخص من الرعاية، سمح الباحثون للمرضى الذين تم تعيينهم لأول مرة على جهاز التنفس الصناعي بالتبديل إلى تقنية ECMO، إذا توقف علاجهم عن العمل.

وانتقلت حوالي ربع المجموعة على أجهزة التنفس في النهاية إلى تقنية ECMO، والذي ربما أفسد نتائج الدراسة.

ولم تجد الدراسة، التي نُشرت في مجلة "نيو إنجلاند" الطبية، أي فرق في النتائج للأشخاص المعينين لأجهزة التنفس الصناعي أو المعينين لتقنية ECMO، مما ترك الأطباء يتساءلون عما إذا كان مرضاهم أفضل حالًا مع العلاج الأكثر عدوانية وتكلفة.

الظروف القاتمة تقيس قيمة العلاج

وفي جامعة فاندربيلت، أدرك الأطباء أنهم لا يحتاجون إلى اختيار عشوائي للمرضى لدراسة ECMO، إذ كانت الجائحة تفعل ذلك، والمرضى الذين تلقوا العلاج حصلوا عليه بسبب الحظ.

ولمدة ثمانية أشهر، جمعت غانون وفريقها معلومات عن كل مريض تمت إحالته إلى جامعت فاندربيلت للعلاج بتقنية ECMO. ونظرًا لأن العلاج كان محدودًا للغاية، فقد اضطرت الجامعة إلى تقنينه.

ولم تفكر الجامعة في استقبال أي شخص يزيد عمره عن 60 عامًا، أو أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم أكبر من 55 عامًا، أو أي شخص كان يستخدم جهاز التنفس الصناعي لمدة تزيد عن سبعة أيام.

ولا يمكن أن يعاني المرضى من تلف في الدماغ، أو مرض رئوي مزمن، أو سرطان، أو فشل في الأعضاء. وكان وجود أي من تلك الحالات بمثابة رفض تلقائي.

وبحلول نهاية أغسطس/ آب 2021، تم اعتبار 90 مريضًا مؤهلين طبياً لتلقي العلاج بتقنية ECMO، واستقبلت فاندربيلت 35 منهم، وكان عليها رفض الـ55 الباقين.

ومن بين المجموعة التي تلقت علاج ECMO، توفيت نسبة 43% في المستشفى، بينما توفيت نسبة 89% من المرضى الذين تعذر نقلهم إلى المستشفى، أي 49 من أصل 55.

ولا تتطلب تقنية ECMO أجهزة خاصة فقط، بل تعتمد على وجود أشخاص يعرفون كيفية إدارتها.

ويحتاج كل مريض يعالج بهذه التقنية إلى ممرضة مخصصة له، بالإضافة إلى فريق من المعالجين والأطباء لمراقبة العلاج. وقالت غانون إنه في كثير من الأحيان، كان التوظيف بقدر المعدات هو السبب في عدم تمكنهم من قبول المزيد من الأشخاص.

ونجح المريض جيمس بيركنسون في التقدم في العلاج، لكن أمامه طريق طويل. وقال إن عليه أن يتعلم من جديد كيف يتناول الطعام، ويشرب، ويمشي، ويحرك ذراعيه. لكن على الأقل أتيحت له الفرصة لرؤية طفليه مرة أخرى، وهو ممتن لذلك.

وأضاف بيركنسون: "هذه معجزة، وبصراحة، تؤلمني فكرة أنني ربما أخذت فرصة الحياة لشخص آخر ".