ارتفاع عدد إصابات كورونا بالمملكة المتحدة..قد يمهد لموجة أخرى بأمريكا

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة
فيروس كورونا في أمريكا والمملكة المتحدة
Credit: NICOLAS MAETERLINCK/BELGA MAG/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد مرور أسبوعين على إلغاء التدابير الوقائية المخفّفة الأخيرة الخاصة بـ"كوفيد-19"، بينها عزل الأشخاص الذين أظهرت نتائج فحوصاتهم أنهم مصابين بفيروس كورونا لخمسة أيام، لوحظ ارتفاع بعدد الإصابات والاستشفاء مجدّدًا في المملكة المتحدة.

وارتفع عدد إصابات "كوفيد-19" المسجلة بنسبة 48% في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، مقارنة مع الأسبوع الذي سبق. أما الاستشفاء فارتفع بنسبة 17% خلال الفترة عينها.

ويبلغ متوسّط عدد الحالات المسجلة يوميًا 55 ألف إصابة، وهي أقل من الثلث المسجّل في ذروة انتشار "أوميكرون"، لكنّ عدد الحالات يرتفع بالسرعة ذاتها الذي تراجع فيها قبل أسبوعين، عندما ألغت البلاد القيود المتّصلة بالجائحة.

كما أنّ حالات الإصابات اليومية سجّلت ارتفاعًا في أكثر من نصف دول الاتحاد الأوروبي، حيث زادت بنسبة 48% في هولندا، و20% في ألمانيا خلال الأسبوع الماضي، وفقًا لبيانات جامعة جونز هوبكنز. لكن الحالات اليومية المسجلة في ألمانيا لم تنخفض بعد إلى ما دون المستويات المسجلة قبل موجة "أوميكرون"، ولم تشهد هولندا انخفاضًا في عدد الحالات كما حدث في المملكة المتحدة.

وأثار الواقع في أوروبا اهتمام مسؤولي الصحة العامة لسببين: الأول أنّ المملكة المتحدة تقدم رؤية أولية لما يمكن أن يُتوقّع في الولايات المتحدة الأمريكية. والثاني، أنّ ثمة أمر غريب يحدث. وفي الموجات السابقة، سُجل ارتفاع بحالات الاستشفاء بعد عشرة أيام أو أسبوعين من ارتفاع عدد الحالات اليومية المسجلة. فيما ترتفع الأرقام حاليًا بالتوازي في المملكة المتحدة، الأمر الذي يحيّر الخبراء.

وقال الدكتور أنطوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية لـCNN: "من الواضح أنّ ما يجري يثير اهتمامنا جدًا"، لافتًا إلى أنه تواصل مع نظرائه في المملكة المتحدة، الذين رأوا أنّ سبب ارتفاع الحالات المسجلة يعود إلى ثلاثة عوامل، شاركها فاوتشي، وهي:

  • متحور BA.2، أسرع انتشارًا من متحور أوميكرون
  • الانفتاح الاجتماعي، واختلاط الناس أكثر في الأماكن المغلقة، من دون وضع كمامات
  • تضاؤل المناعة المستمدة من اللقاح أو الإصابة الأولية

وفي بيان صحفي الجمعة، قالت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أنّ متحوّر BA.2 سجّل معدل نمو نسبي أعلى بنسبة 80% من سلالة أوميكرون، لكنه يبدو أنّ الإصابة به لا تؤدي للاستشفاء.

وبما أنّ BA.2 لا يتسبّب بالمرض الشديد، على الأقل لدى البريطانيين المحصّنين جدًا، فإنه ليس واضحًا إلى الآن سبب زيادة حالة الاستشفاء.

وقال فاوتشي إن "مسألة الاستشفاء مربكة، إذ رغم ارتفاع معدل الاستشفاء، من الواضح أن استخدام أسرة العناية الفائقة لم يزداد". وتابع: "هل تعتبر أعداد الأشخاص الذين يدخلون إلى المستشفى انعكاسًا حقيقيًا لحالات كوفيد المسجلة، أو ثمة صعوبة بالتمييز بين الناس التي تقصد المستشفى وهي مصابة بكوفيد أو بسبب كوفيد"؟

وعلى غرار المملكة المتحدة، رفعت الولايات المتحدة الأمريكية كل التدابير المخففة الخاصة بـ"كوفيد-19". وقبل أسبوعين غيّرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، كيفية قياس أثر "كوفيد-19" على المجتمع. وأوصى المقياس الجديد الذي يستند إلى حالات الاستشفاء، وقدرة المستشفيات الاستيعابية بالإضافة إلى الحالات المسجلة، بعدم ارتداء الكمامات الواقية في معظم أنحاء البلاد. ونفذت الولايات والمدارس هذا القرار، متخلية عن وضع الكمامات في الأماكن المغلقة.

وأشار فاوتشي إلى أنّه "من دون شك، الانفتاح الاجتماعي ومخالطة الناس في أماكن مغلقة سيساهم بذلك، بالإضافة إلى تراجع معدل المناعة الإجمالي، ما يعني أنه يفترض أن نبقى متيقظين ونراقب المؤشرات هنا"، مضيفًا: "لذلك نتابع باهتمام هذا الأمر".

وقال مايكل أوسترهولم، الذي يدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسات في جامعة مينيسوتا الأمريكية لـCNN: "الأمر أشبه بالتنبيه المناخي. حاليًا السماء صافية والطقس مشمس، لكن نتمنى أن يبقى الأمر على هذه الحال. رغم أن الطقس قد يسوء خلال فترة المساء، لكننا لا نعلم".

ما أثر BA.2 في الولايات المتحدة الأمريكية؟

وكان هذا المتحور يتفشّى بشكل منتظم في الولايات المتحدة الأمريكية. وقدرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها الأسبوع الماضي أنه يشكل نسبة 12% من حالات "كوفيد-19" الجديدة.

وحاليًا، يشكل BA.2 نسبة 50% من الحالات المسجلة في المملكة المتحدة وفي دول أوروبية عدة.

وقالت كيري ألتهوف، عالمة أوبئة في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة إنّ "نقطة التحوّل تتمحور على ما يبدو حول نسبة 50%". وتابعت: "إننا بدأنا بملاحظة أن المتحور يتفشى في المجتمع" بقدر ما برزت شدته.

ورغم اقتناع ألتهوف بأن ما يجري في المملكة المتحدة قد يعطي نبذة عن المستقبل، إلا أن ثمة اختلافات قد تؤثر على كيفية انتشار BA.2 في الولايات المتحدة.

وفي المملكة المتحدة، فإن نسبة 86% من السكان المؤهلين تلقوا اللقاح، ونسبة 67% منهم تلقوا الجرعة المعززة، وفي المقابل فإن نسبة 69% من الأشخاص المؤهلين في الولايات المتحدة الأمريكية تحصّنوا، ونسبة 50% منهم تلقوا الجرعة المعززة.

وأوضحت ألتهوف أنّ "ما يحدث في المملكة المتحدة، سيكون أفضل من السيناريو الذي سنشهده هنا"، لافتة إلى أنه في هولندا، احتاج BA.2 إلى شهر حتى يصبح السائد بدلًا من BA.1.

وإذا كان هذا الأمر سيحدث في الولايات المتحدة وفقًا لهذا الخط الزمني، فإن هذا المتحور سيهيمن عندما تبدأ المناعة الناتجة عن إصابات أوميكرون الشتوية بالتراجع.

ورأت ألتهوف أنّ الأمر يثير القلق، مضيفة: "كنا في موقف مماثل في فصل الربيع السابق، عندما أملنا بأن الأمور ستتحسن، وتمتعنا قليلًا بالصيف حتى تلقينا صفعة دلتا".

وأشارت إلى أنه من المهم أن يفهم الناس أن في وسعهم التخلي عن الكمامات بضعة أسابيع، غير أنه في حال ارتفاع عدد الحالات المسجلة فإنهم سيضعونها مجددًا. وخلصت إلى أنه "يمكن أن نشهد على موجة أخرى في المستشفيات".

وستتابع ألتهوف عن قرب بيانات مياه الصرف الصحي في الأسابيع المقبلة.

الاستعداد للموجة التالية

وتبدأ الحماية من المتحور الجديد عبر تلقي اللقاح، إذ أوضحت ألتهوف أنه "من الضروري الاستمرار بالبحث عن الأشخاص غير المطعّمين وتحصينهم".

ووافق فاوتشي على أنّ معدلات تلقي اللقاح في وسعها أن تكون أفضل لدى كل الشرائح العمرية، لكنه لفت إلى أن الأرقام الحالية سيئة تحديدًا بين الأطفال.

وأوضح أنّ "حماية الأطفال تكون من خلال إحاطتهم بأشخاص محصنين بالكامل وتلقوا الجرعة المعززة".

أما الاختصاصية في علم الجراثيم في جامعة واشنطن ديبورا فولر، فقالت إن "أهم شيء في هذا الاختبار الجماعي حين نتخلى عن الكمامات والقيود، أنه علينا أن نستمر بالمثابرة لجهة المراقبة والفحوصات، وأن نكون على استعداد لإمكانية العودة إلى هذه التدابير الوقائية".

وخلصت إلى أنه "لا يمكننا التقاعس، لأن الرسالة التي تصل إلى الناس عندما نرفع القيود هي أن الجائحة انتهت، وهذا الأمر ليس صحيحًا".