هل تشكل الاجتماعات الافتراضية عائقًا أمام الإبداع؟ دراسة تجيب على ذلك

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يُعتبر التعاون وراء بعض أعظم إنجازات البشرية. إذًا، هل تؤثر منصة "زووم"، والأشكال الأخرى من مكالمات الفيديو، على العملية الإبداعية التي تؤدي للإنجازات؟

ويُجيب بحث جديد عن هذا السؤال بـ"نعم"، إذ أنه من الأسهل الوصول إلى الأفكار المبدعة من خلال الحضور الشخصي.

وبحث عن هذه الإجابة العديد من أصحاب الأعمال على مدار العامين الماضيين، أي عندما أصبح العمل من المنزل أمرًا طبيعيًا خلال جائحة "كوفيد-19".

وأوضح المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة العام الماضي أن نسبة 20% من أيام العمل ستكون من المنزل عند انتهاء الجائحة، وذلك مقارنةً بـ 5% فقط من قبل.

وقالت الأستاذة المساعدة في تسويق الأعمال في جامعة "كولومبيا للأعمال"، ومؤلفة الدراسة التي نُشرت في مجلة "Nature" العلمية، ميلاني بروكس: "بدأنا المشروع (في عام 2016) لأننا سمعنا من المدراء، والمسؤولين التنفيذيين أن الابتكار كان واحدًا من أكبر التحديات عندما يأتي الأمر للتفاعل عبر الفيديو. وسأعترف، كنت أشكك في الأمر بداية".

وأمضت بروكس أربعة أعوام في استكشاف ما إذا كان لذلك أي تأثير حقًا على قدرة الأفراد على توليد أفكار مُبتكرة.

توليد الأفكار

واستعانت بروكس بأشخاص بلغ عددهم 602، ومن بينهم طلبة جامعيين، وموظفين، وقسّمتهم إلى أزواج ليقوموا بالعمل في مهام شخصية أو افتراضية.

وتم تحديد أداء كل زوج من خلال عدد الأفكار التي تم التوصّل إليها، وحداثتها، وقيمتها.

واستخدم الباحثون أيضًا برنامجًا لتتبع حركة العين، والذي وجد أن المشاركين الافتراضيين قضوا وقتًا أطول في النظر إلى شركائهم مباشرةً بدلاً من النظر في جميع أنحاء الغرفة.

وتذكّر الأشخاص الذين تحدثوا خلال مؤتمرات عبر الفيديو القليل من الأشياء المُحيطة بهم، والتي كانت متطابقة مع أولئك الذين اجتمعوا شخصيًا.

وقالت بروكس: "يُضيق التركيز المرئي على الشاشة من الإدراك. وبمعنى آخر، يكون الأشخاص أكثر تركيزًا عند التفاعل عبر الفيديو، ما يضر بعملية توليد الأفكار الشاملة، والموسّعة".

وأشار باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة "ماكجيل" في كندا، جاي أولسون، والذي يدرس طرق قياس الإبداع، إلى أن الأشخاص غالبًا ما ينظرون إلى مُحيطهم لمساعدتهم عند توليد الأفكار.

وشرح أولسون، الذي لم يشارك في البحث: "يمكن للأشياء الموجودة في الغرفة أن تحفز ارتباطات جديدة بشكلٍ أسهل من محاولة تكوينها كلها بشكلٍ داخلي".

ويجد المؤلفون أنه يمكن للتفاعل عبر شاشة الحاسوب تحويل الانتباه بدون قصد بطريقة تقلّل من توليد هذه الأفكار الجديدة، وفقًا لما ذكره أولسون.

نتائج من العالم الحقيقي

وتكرّرت النتائج في تجربة مماثلة ولكن أكبر خارج المختبر. وتم إقران حوالي 1490 مهندسًا يعملون في خمسة بلدان مختلفة (في أوروبا والشرق الأوسط وجنوب آسيا) لشركة متخصصة في البنى التحتية للاتصالات بشكل عشوائي، إما وجهًا لوجه أو عبر مكالمة فيديو. وطُلب منهم إنشاء أفكار لمنتج واختيار أحد الأفكار لتقديمها كمنتج جديد للشركة.

وأشارت بروك إلى تشابه النتائج رغم أن التمرين كان أكثر تعقيدًا من الاختبار الذي اعتمد على المختبر، إذ كان المهندسون يعرفون بعضهم البعض مُسبقًا، وكانوا يستخدمون بانتظام برامج مؤتمرات الفيديو.

وقالت بروكس: "تُظهر الدراسة الميدانية أن الآثار السلبية لعقد المؤتمرات عبر الفيديو فيما يخص توليد الأفكار لا تقتصر على المهام البسيطة، ويمكنها الحدوث خلال جلسات العصف الذهني الأكثر تعقيدًا، والتي تكون عالية التقنية أيضًا".

ولكن هناك بعض المحاذير المهمة، إذ وجدت الدراسة أن مؤتمرات الفيديو لا تُعيق العمل التعاوني بأكمله.

وشرحت بروكس أنه بينما أن توليد الأفكار كان أسهل شخصيًا، إلا أنه لم يُحدث فرقًا في القدرة على تقييم الأفكار الإبداعية بشكلٍ نقدي، مثل اختيار أفضل فكرة من المجموعة.

هل الإبداع وتطبيق "زووم" غير متوافقين؟

وقالت أستاذة علم النفس بجامعة "هارفارد"، ومؤلفة كتاب "On Becoming an Artist: Reinventing Yourself Through Mindful Creativity"، إيلين لانجر، إن البحث الجديد عبارة عن خطوة أولية مهمة.

ورأت أنه من الخاطئ استنتاج أن الإبداع وعقد المؤتمرات عبر الفيديو غير متوافقين.

وسواءً كنّا نتمتع بالإبداع أم لا عبر تطبيق "زووم"، فإن ذلك قد يعتمد على مستوى إبداعنا في المقام الأول، والمهمة التي يجب علينا القيام بها، بحسب ما ذكرته لانجر التي لم تشارك في البحث.

وقد يكون من الأفضل أداء الشخص لمهمة معينة بمفرده، وخارج أي نوع من الاجتماعات.

وأضافت لانجر: "ربما يُكوِّن العديد منا الصداقات شخصيًا بشكلٍ أسرع من القيام بالأمر عبر تطبيق زووم، ويزدهر الإبداع عندما نكون في حالة استرخاء. ولكن عند استخدام تطبيق زووم من المنزل، قد يكون الأشخاص أكثر استرخاءً مما يكونوا عليه خلال تجربة".

وقال أولسون إنه لا ينبغي للمدراء التسرّع في إعادة الأشخاص إلى المكاتب، أو إضافة المزيد من الاجتماعات الشخصية نتيجةً لهذا البحث، ولكن قد يكون من المنطقي عقد جلسات العصف الذهني شخصيًا.

وأضاف أولسون: "لا أريد أن أرى شركة تضاعف من اجتماعاتها الشخصية على أمل تحسين الابتكار، إذا كان ذلك يعني أيضًا مضاعفة وقت التنقل، ما يؤدي إلى أن يُصبح الموظفون أقل سعادة، وربما أقل إبداعًا".