"جدري القردة".. الولايات المتحدة تراقب حالات محتملة

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يتتبع المسؤولون في المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها عن كثب حالات الإصابة بجدري القردة حول العالم، وتلك المحتملة في الولايات المتحدة.

في الوقت الحالي، تراقب الوكالة 6 أشخاص في الولايات المتحدة، بحثًا عن إصابات محتملة بعدوى جدري القردة، بعدما جلسوا بالقرب من مسافر مصاب ظهرت عليه العوارض خلال رحلة من نيجيريا إلى المملكة المتحدة في مطلع مايو/ أيار الجاري.

وبشكل منفصل، يحقق مسؤولو الوكالة أيضًا، في حالة إصابة بفيروس جدري القردة مؤكدة لرجل في ولاية ماساتشوستس سافر إلى كندا.

وأعلن مسؤولو الصحة في مدينة نيويورك، في بيان صحفي، الجمعة، أن مريضًا واحدًا ثبُتت إصابته بالفيروس الجدري، وهو من سلالة الفيروسات التي ينتمي إليها فيروس جدري القردة.

يتم التعامل مع الحالة على أنها حالة "إيجابية افتراضية"، إلى أن يتم إثبات ذلك من المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض. ويخضع المريض حاليًا للعزل، وفقًا لما ورد في البيان.

من جانبها، أكدت مفوضة الصحة لولاية نيويورك، الدكتورة ماري تي. باسيت، في بيان الجمعة، أنّ "الخطر الحالي على الجمهور منخفض".

بالتوازي، حددت الإصابات الأخيرة بجدري القرود في العديد من المناطق في العالم حيث لا ينتشر الفيروس عادة، ضمنًا كندا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا، وإيرلندا الشمالية، وإسبانيا.

وقالت جينيفر ماكويستون، نائبة مدير قسم مسببات الأمراض وعلم الأمراض ذات النتائج العالية داخل المركز الوطني للأمراض المعدية الناشئة والحيوانية، لـCNN الخميس: "لدينا معدل من القلق العلمي بشأن ما نراه لأن هذا وضع غير عادي".

أشارت ماكويستون إلى أن هذا المرض يبلغ عنه في غرب أو وسط إفريقيا، ولا نراه في الولايات المتحدة أو أوروبا، مضيفًة أن "عدد الحالات التي يتم الإبلاغ عنها يتخطى المعدل الطبيعي لما نراه".

وأضافت: "في الوقت نفسه، لا يوجد في الواقع العديد من الحالات المسجلة، ربما عشرات، لذلك، لا ينبغي أن يقلق الناس من أن يكونوا عرضة لخطر الإصابة مباشرة بجدري القردة"، مضيفة "نحن نعمل من خلال التحقيقات".

بشأن الأشخاص الستة الذين يخضعون للمراقبة حاليًا لاحتمال إصابتهم بجدري القردة، فإنهم "يتمتعون بصحة جيدة، وليس لديهم عوارض، ويعتبرون عرضة لخطر منخفض للإصابة بجدري القردة"، حسبما ذكرته كريستين بيرسون المتحدثة باسم المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها، مضيفًة أنه لم يجلس أحد منهم بجانب الراكب المريض، ولم يختلطوا معه مباشرة.

بالتوازي، بدأت المناقشات في تضمين موضوع اللقاحات.

"مناقشة وتقييم" لقاح الجدري

يقوم مسؤولو المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها بتقييم إذا كان ينبغي تقديم لقاح الجدري للعاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعالجون مرضى جدري القردة وغيرهم من الأشخاص الذين قد يكونون "عرضة لخطر كبير" للإصابة بمرض جدري القردة ، على حد قول ماكويستون.

ويعد فيروس الجدري المسبب للجدري، وفيروس جدري القردة مرتبطان إلى حد ما لأن كلاهما ينتمي إلى عائلة فيروسات "الجدري" العلمية. لذلك، فقد ثبت أيضًا أن بعض اللقاحات التي تُعطى للوقاية من الجدري تحمي من الإصابة بجدري القردة.

ورغم هذا الارتباط، إلا أن جدري القردة أقل انتشارًا من الجدري ويسبب مرضًا أقل شدّة.

ولفتت ماكويستون إلى أن هناك لقاحات مخزنة ومتاحة للاستخدام، وأضافت: "إذا خلصت الأبحاث إلى أنها وسيلة للمساعدة في إدارة هذا التفشي، فلدينا إمكانية لاستخدامها".

وقالت: "أود أن أقول إننا ما زلنا في الأيام الأولى لفهم سبب هذا التفشي، وحقيقة أننا نرى حالات تم الإبلاغ عنها في أماكن متعددة حول العالم تشي بأنّ هذا الأمر كان يحدث منذ أسابيع عدّة".

وأضافت: "بينما نعمل على استكمال تحقيقاتنا، نأمل أن يكون لدينا توصيات أقوى بكثير للناس".

ووفقًا لمراكز مكافحة الأمراض، فإنجدري القردة، وهو مرض فيروسي، يرتبط بالسفر الدولي أو استيراد حيوانات من مناطق ينتشر فيها المرض بشكل أكبر.

ينتقل الفيروس من حيوان إلى إنسان، ويمكن أن ينتقل بين البشر من خلال الاختلاط المباشر، والرذاذ التنفسي الكبير، أو سوائل جسدية، أو آفات على الجلد.

ويمكن أن تشمل أعراض جدري القردة الحرارة، والصداع، وآلام العضلات، وتضخم الغدد الليمفاوية.

ومن سمات المرض أنه يمكن أن يسبب تقرحات وطفح جلدي على الجسم، ضمنًا راحتي اليدين وباطن القدمين.

من جانبه، أكد الدكتور دانيال باوش، رئيس الجمعية الأمريكية لطب المناطق الاستوائية والصحة، لـCNN الخميس، أنّ "هذا ليس مرضًا سينتشر في جميع أنحاء البلاد".

وتابع: "من منظور الصحة العامة، بالطبع، نحتاج إلى التحقيق والاستجابة، وأعتقد أن على الناس أن يطّلعوا عليه، لكن بالتأكيد ما من سبب للذعر، وأستبعد أن نشهد على أي نوع من تفشي هذا المرض على نطاق واسع".

لغز جدري القردة

في ولاية ماساتشوستس، ارتدى الأطباء في وحدة مسببات الأمراض الخاصة داخل مستشفى ماساتشوستس العام معدات الحماية الشخصية ذاتها لعلاج مرضى كوفيد-19، خلال معاينتهم المريض المصاب بجدري القردة.

وقالت الدكتورة إيريكا شينوي، المديرة الطبية للمركز الإقليمي لمعالجة مسببات الأمراض الخاصة الناشئة والرئيسة المشاركة لوحدة مكافحة العدوى في مستشفى ماساتشوستس العام، لـCNN الخميس: "كانوا يجرون فحصًا متعلقًا بالعوارض، ورجّح طبيب الأمراض المعدية الذي يعاين المريض، والذي كان على دراية ببعض الحالات في المملكة المتحدة، أنه قد يكون مصابًا بجدري القردة".

وتابعت شينوي: "ثم أجرينا محادثات مع مسؤولي الصحة العامة في ولايتنا. واتخذ قرار بأنه استوفة معايير الفحص"، وكانت نتيجة الفحص إيجابية.

وفي كل من المملكة المتحدة وكندا، لاحظت السلطات الصحية أن العديد من حالات جدري القردة حدّدت لدى الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، لكن الفيروس لا ينتقل بالعادة عن طريق الاتصال الجنسي، وتستمر التحقيقات في هذه الحالات الأخيرة.

وقد كُشِف لأوّل مرّة عن هذا الفيروس عام 1958 عندما أصاب مرض يشبه الجدري مستعمرات للقرود التي تم الاحتفاظ بها للبحث، من هنا أتت تسمية "جدري القردة".

وكشف عن أول حالة إصابة بشرية بجدري القردة بعد سنوات، عام 1970، بجمهورية الكونغو الديمقراطية، في وقت كانت تبذل فيه جهود مكثفة للقضاء على الجدري.

وفي الولايات المتحدة، كان آخر انتشار لجدري القردة عام 2003، عندما أُبلغ عن 47 حالة مؤكدة ومحتملة في 6 ولايات. وبحسب الوكالة "لم تُنسب أي حالات من عدوى جدري القردة حصريًا إلى الاختلاط الشخصي"، وتبين أن جميع الأشخاص المصابين بجدري القردة خلال تلك الموجة أصيبوا بالمرض عندما خالطوا كلاب المروج الأليفة.

من جانبه، قال الجراح العام الأمريكي الدكتور فيفيك مورثي، الخميس، إنه لا ينبغي أن يقلق الناس بشأن جدري القردة في هذه المرحلة، ولكن يجب أن يكونوا على دراية بالعوارض ومتى يطلبون المساعدة.