ماذا تقول محللة CNN الطبية حول واقع تفشي جدري القردة.. هل بات مقلقًا؟

علوم وصحة
نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وسط ارتفاع عدد الإصابات بجدري القردة حول العالم، التي بلغت في حدّها الأدنى 16 ألف حالة موثقة في أكثر من 40 دولة، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ تفشي المرض يمثل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقًا دوليًا.

وفي الولايات المتحدة، سجلت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أكثر من 3 آلاف إصابة، بعد شهرين فقط من رصد أول حالة جدري قردة في البلاد.

إذن، إلى أي مدى يفترض أن تثير الإصابة بجدري القردة القلق؟ وهل على الجميع السعي للحصول على اللقاح؟ ومن هي المجموعات الأكثر عرضة للخطر، وما هي الإجراءات التي عليهم اتخاذها؟ وما مدى انتشار جدري القردة؟ وكيف يمكن للأشخاص تفادي الإصابة به؟ وما هي الأعراض الشائعة التي يجب البحث عنها؟

لمساعدتنا على فهم أفضل لمرض جدري القردة والمخاطر التي يمثلها، تجيب الدكتورة ليانا وين، المحللة الطبية لدى CNN على هذه الأسئلة.

CNN: كيف ينتشر جدري القردة؟ وهل لديه قدرة التفشي التي يتمتع بها "كوفيد-19"؟

الدكتورة ليانا وين: جدري القردة لا ينتشر مثل "كوفيد -19". كما هو معلوم حاليًا، فإن "كوفيد-19" لديه قابلية كبيرة على الانتشار، وقد يتم ذلك من خلال الهباء الجوي المجهري. هذا يعني أنك قد تصاب خلال محادثة مع شخص، أو حتى خلال مصادفة وجودك داخل غرفة الاجتماعات أو مطعم ارتدته.

ينتشر جدري القردة بشكل أساسي من خلال الاحتكاك الجلدي المباشر لفترة طويلة. ورُبطت معظم حالات الإصابة حتى الآن بالنشاط الجنسي، رغم أنه لا يعتبر مرضًا ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي.

وبدلاً من ذلك، يمكن للأفراد نشر عدوى جدري القردة من خلال الاتصال الجسدي الوثيق، مثل التقبيل والمعانقة والجُماع.

ويمكن للأفراد الذين يعانون من التقرّحات أيضًا نشر الفيروس على ملاءات الفراش والمناشف وسواها من البياضات التي يمكن أن تنقل عدوى الفيروس للآخرين.

CNN: ما هي الأعراض التي يعاني منها مرضى جدري القردة؟

الدكتورة ليانا وين: غالبًا ما ترتفع حرارة الأشخاص المصابين بجدري القردة بداية، ويعانون من الصداع، وآلام العضلات، والإرهاق العام، إسوة بالعديد من الأمراض الفيروسية الأخرى.

ويعاني العديد من الأشخاص أيضًا من تضخّم العقد اللمفاوية، ثم يصابون بطفح جلدي يتطور إلى بثور أو قروح.

يمكن أن تنتشر البثور في أنحاء الجسم، أو في جزء واحد فقط.

يمكن أن تكون موضعية في منطقة الشرج، أو الأعضاء التناسلية فقط، أو على الوجه، أو داخل الفم، أو في أي جزء آخر من الجسم.

وكانت دراسة كبيرة، نُشرت في مجلة نيو إنغلاند الطبية أخيرًا، عاينت 528 إصابة في 43 موقعًا داخل 16 دولة. ووجدت أن الأعراض الأكثر شيوعًا هي الحرارة، والتعب، وآلام العضلات، وتورم العقد اللمفاوية.

وشوهد لدى جميع المصابين تقريبًا طفح جلدي مصحوبًا ببثور، رغم أن بعض الأفراد ظهرت لديهم حبّة واحدة فقط، بينما ظهرت لدى آخرين حبوب عدة أو أكثر، وأصيبت فئة أخرى بتقرحات داخل الفم فقط، أو في منطقة الشرج، أو الأعضاء التناسلية.

وتوصلت الدراسة الحديثة أيضًا إلى أن نسبة 29% من الأشخاص الذين شُخصوا بجدري القردة أصيبوا عن طريق الاتصال الجنسي.

يحتاج المرضى في المجموعات المعرضة للخطر، الذين ظهرت حبوب جديدة لديهم، لإجراء فحص من أجل استبعاد تشخيص إصابتهم بجدري القردة.

CNN: ما الذي تسبّب بانتشار جدري القردة، وما مدى تفشّيه في الولايات المتحدة؟

الدكتورة ليانا وين: ينتمي فيروس جدري القردة إلى عائلة فيروس الجدري عينها، واكتشف لأول مرة لدى القردة عام 1958، الذي استوحِيَ اسمه منها، رغم أنّ الحيوانات المضيفة المعتادة هي القوارض والثدييات الصغيرة الأخرى.

وانتقل للمرة الأولى من الحيوان إلى البشر عام 1970، في شرق إفريقيا.

وظهر تفشٍّ كبير للمرض في الولايات المتحدة عام 2003، بسبب استيراد القوارض، لكن الانتشار الحالي يعتبر أكبر بكثير، إذ أصيب أكثر من 3  آلاف شخص في الولايات المتحدة حتى الآن، مع رصد إصابات في كل ولاية تقريبًا.

CNN: من هي الفئات المعرضة لخطر الإصابة بجدري القردة؟

الدكتورة ليانا وين: حتى الآن، أثّر جدري القردة على الرجال المثليين في الغالب، وثنائيي الجنس، وغيرهم من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال.

في سلسلة الحالات الدولية لمجلة نيو إنغلاند الطبية، شكل المثليون وثنائيي الجنس نسبة 98% من المصابين بجدري القردة، أما انتقال العدوى فارتبط بالنشاط الجنسي بنسبة 95% من الحالات المسجلة.

وقالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها إنّ "الغالبية العظمى" من الحالات في الولايات المتحدة هي لرجال يمارسون الجنس مع رجال، بمتوسط ​​عمر ناهز 36 عامًا.

ويعد الأفراد الأكثر عرضة لخطر الإصابة حاليًا هم الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال، ويمارسون الجنس مع شركاء متعددين أو مجهولين.

هناك أيضًا تقارير في الولايات المتحدة عن إصابة بعض النساء وطفلين بجدري القردة، ويُعتقد أنهم جميعًا على اتصال مباشر برجال يمارسون الجنس مع رجال.

CNN: هل سُجلت حالات وفاة بسبب جدري القردة؟

الدكتورة ليانا وين: عادة ما يتراوح معدل وفيات جدري القردة بين 3 و6%، بحسب منظمة الصحة العالمية. لحسن الحظ، لم تُسجّل إلى الآن أي وفاة ناجمة عن مرض جدري القردة في الولايات المتحدة، لكن هذا المرض يمكن أن يؤدي بالفعل إلى الإصابة بالمرض الشديد والوفاة.

تشمل الفئات المعرضة للخطر بشكل خاص النساء الحوامل، والأطفال الصغار، والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.

CNN: إلى أي مدى يجب أن يقلق الناس بشأن جدري القردة؟

الدكتورة ليانا وين: استنادًا إلى الطريقة التي ينتشر فيها جدري القردة، فإنه لا يشكل مصدر قلق لمعظم الأمريكيين بعد. ومع ذلك، فإن الأفراد المثليين، ومزدوجي الميول الجنسية، وغيرهم من الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال، والذين لديهم اتصال وثيق مع أشخاص  عدة أو مجهولين، هم عرضة لخطر كبير.

على هؤلاء إجراء الفحوص فور ظهور أعراض لديهم، مثل طفح جلدي أو تقرحات، وتجنب الاتصال الجسدي الوثيق في هذه المرحلة.

ومن يرغبون بالحد من مخاطر الإصابة، عليهم تجنب النوادي المزدحمة، وحفلات الجنس وغيرها من الأماكن التي فيها احتكاك جلدي طويل، أو أن يكونوا وجهاً لوجه مع العديد من الأشخاص الذين قد يرتدون القليل من الملابس.

CNN: هل يجب على الجميع محاولة الحصول على لقاح جدري القردة؟

الدكتورة ليانا وين: لا، أولًا وقبل كل شيء، لقاح جدري القردة محدود للغاية الآن، إذ تم تسليم حوالي 300 ألف جرعة من اللقاح المكون من جرعتين فقط، أي ما يكفي لعدد أدنى بكثير من الـ1.5 مليون شخص المؤهلين للحصول عليه، وفق مراكز مكافحة الأمراض.

يجب أن يحصل على اللقاح من خالطوا  مريض جدري القردة.

وإذا تمّ تلقي اللقاح خلال أربعة أيام من المخالطة، فيمكن ألا يصاب الشخص بجدري القردة.

أما إذا أعطي اللقاح خلال أسبوعين، فإنه يقلل من احتمالية تطور المرض كي يصير شديدًا لديه.

آمل قريبًا أن يكون هناك لقاح كافٍ حتى يتمكن الأشخاص ضمن الفئات المعرضة للخطر من الحصول عليه.

CNN: هل سيكون جدرى القردة فيروساً آخر متوطناً في الولايات المتحدة؟

الدكتورة ليانا وين: وآمل ألا يحدث ذلك، وما برح ممكنًا احتواء جدري القردة من خلال إجراء الفحوص وأخذ اللقاح.

آمل أن يؤدي إعلان منظمة الصحة العالمية أن جدري القردة يمثل حالة طوارئ صحية عالمية لتحفيز المزيد من الدول على بذل كل جهد لمحاولة منع هذا المرض من الانتشار والتوطّن.