أمريكا ترفع تدابير كورونا الوقائية.. وترى أنّ مستقبل الفيروس ما زال ضبابيًا

علوم وصحة
نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالتوازي مع إعلان المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) أنّ الوقت قد حان لرفع التدابير الخاصة بكوفيد-19، بدا مشهد كورونا العام في أمريكا على حاله، مع تسجيل أكثر من 40 ألف حالة استشفاء وما يفوق 400 حالة وفاة يوميًا، خلال الشهر الماضي.

ورغم لمس تحسّن لجهة الأرقام عن فصل الشتاء حيث بلغت حالات الاستشفاء نحو 4 أضعاف، والوفاة نحو 6 أضعاف في ذروة موجة متحوّر "أوميكرون" الأولى، إلا أن الوكالة أفادت أنّه يفترض الآن التركيز على الحد من الأمراض الشديدة التي يتسبّب بها فيروس كورونا.

في توصياتها الجديدة الصادرة الخميس، لم توصِ الوكالة بالحفاظ على مسافة أمان مع الآخرين، تبلغ 6 أقدام في الحد الأدنى، ما يعتبر نقطة تحول،مقارنة مع الإرشادات التي كانت سارية منذ الأيام الأولى للجائحة. وذلك لأنّ سكان الولايات المتحدة الأمريكية يتمتع معظمهم تقريبًا ببعض المناعة المتأتية من خلال التطعيم، أو الإصابة السابقة، أو الإثنين معًا.

وقالت غريتا ماسيتي، التي ترأس قسم علم الأوبئة والوقاية لدى مراكز مكافحة الأمراض، الخميس: "إنّ ظروف الجائحة الحالية مختلفة تمامًا عن تلك التي شهدناها خلال العامين الماضيين".

وأضافت أنّ "مستويات مناعة السكان العالية المتأتية من التطعيم، والعدوى السابقة، والعديد من الأدوات المتاحة لحماية عامة السكان، وحماية الأشخاص المعرضين لخطر أكبر، تسمح لنا بالتركيز على حماية الناس من الأمراض الخطيرة الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19".

وتنصّ إرشادات الوكالة الجديدة على أنّ تتبّع المخالطين، يجب أن تقتصر على المستشفيات وبعض الحالات لتي ينتمي أفرادها إلى الفئة عالية الخطورة مثل دور رعاية المسنين، وتقلل الإرشادات من استخدام الاختبارات المنتظمة للكشف عن "كوفيد-19"، إلا في بعض الأماكن شديدة الخطورة مثل دور رعاية المسنين والسجون.

ولا تنصح التوجيهات الجديدة بفرض الحجر الصحي على الأشخاص الذين تعرضوا لـ"كوفيد-19"، ولم تنتقل إليهم العدوى.

مع ذلك، تحافظ التوجيهات الجديدة على بعض المقاييس السابقة، مثل التشجيع على إجراء فحص للأشخاص الذين يعانون من أعراض ولمن خالطهم، وبقاء الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس في المنزل لمدة خمسة أيام في الحد الأدنى، ويضعوا الكمامة خلال تواجدهم مع الآخرين لمدة 10 أيام.

تضم الإرشادات الجديدة أيضًا نصائح حول عزل الأشخاص الذين أصيبوا بمرض شديد جرّاء "كوفيد-19".

ويجب على الأشخاص الذين يعانون من أعراض معتدلة، كضيق التنفس، وأدخلوا المستشفى البقاء في المنزل لمدة 10 أيام في الحد الأدنى. إلى ذلك، أوصت الوكالة الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة التحدث مع طبيبهم حول موعد إنهاء عزلتهم بعد الإصابة.

وفي حالة ظهرت الأعراض مجددًا على المريض بعد إنهائه مرحلة العزل، أشارت الوكالة إلى أنه يتوجّب عليه استئنافها مجددًّا ومراجعة طبيبهم الاختصاصي.

وتعد هذه التعديلات بمثابة إقرار بأن فيروس سارس-كوف-2 قد يبقى معنا على المدى الطويل.

وتهدف الإرشادات الجديدة إلى مساعدة الأشخاص على التأقلم مع "كوفيد-19" بأقل قدر من الاضطرابات في العمل والمدرسة، كما أنها تركّز على المخاطر بشكل أكبر، وتنصح الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض شديد لاتخاذ احتياطات شخصية أكثر من غيرهم.

ومع ذلك، يشعر خبراء آخرون أنّ الإرشادات الجديدة لا تذهب بعيدًا بما يكفي لتصحيح الأخطاء العلمية في التوجيهات السابقة.

أحدث النصائح للوقاية من كوفيد-19

وأوصت مراكز مكافحة الأمراض بما يلي:

اتباع ممارسات الوقاية من "كوفيد-19" تبعًا لمستوى خطر إصابة الفرد بمرض شديد، ومستوى التفشي المجتمعي الذي يشمل عدد الإصابات، ومعدلات الاستشفاء، وقدرة المستشفيات الاستيعابية. 

وضع كمامات عالية الجودة في الأماكن المغلقة، حين يسجّل مستوى التفشي المجتمعي ارتفاعًا.

وضع الأفراد المنضوين ضمن الفئات الأكثر عرضة للخطر كمامة عالية الجودة، حتى عندما يكون مستوى التفشي المجتمعي متوسطًا.

تحسين التهوئة في الأماكن المغلقة، ذلك أن علماء الهباء الجوي اشتكوا دوما من إراشادات التباعد الاجتماعي، ووصفوها بالعشوائية وغير المفيدة، لأن الفيروس المسبب لكوفيد-19 قد ينتقل لمسافات أكبر في الهواء.

التأكيد على تلقي اللقاحات واستخدام العلاجات لتقليل "الأمراض ذات الأهمية الطبية" الناجمة عن "كوفيد-19".

وجوب التطعيم وتلقي الجرعات المعززة من قبل السكان، يقي بشكل كبير من الأمراض الشديدة والوفاة، وحثت الجميع على مواكبة كل جديد في شأن جرعات اللقاح.

تشجيع من يعانون من ضعف في وظائف المناعة على اتخاذ تدابير إضافية إلى التطعيم، مثل استخدام عقار "إيفوشيلد"، الذي يعد مفيدًا بشكل خاص للأشخاص الذين لا يستطيعون تكوين استجابة مناعية، ويقول الخبراء إنه لم يستخدم بشكل كافٍ في أمريكا.

التأكيد على استخدام الأدوية المضادة للفيروسات لمعالجة الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض شديدة من كوفيد-19، وتشمل هذه المجموعة المتقدمين في السن، أو غير المطعمين، أو أولئك الذين يعانون من حالات طبية معينة تعرضهم لخطر أكبر.

تشمل الحالات المرضية التي تزيد من مخاطر :كوفيد-19"، السمنة، والحمل، والتدخين، ومرض السكري، والسرطان، وأمراض القلب إضافًة إلى حالات الصحة العقلية، ضمنًا الاكتئاب.

إرشادات الوقاية من كوفيد-19 في المدارس

وستجرى بعض التغييرات على الإرشادات الخاصة بالمدارس.

ألغت مراكز مكافحة الأمراض التوصية بأن يتجنب الأطفال الاختلاط في الفصول الدراسية المختلفة.

أزالت توصية وجوب خضوع الأطفال الذين خالطوا شخصًا ثبتت إصابته بـ"كوفيد-19" لفحوص منتظمة بنتائج سلبية للبقاء داخل الفصل.

وضع كورونا على حاله

ثمة علامات استفهام كبيرة حول مستقبل تطوّر الفيروس الذي ما زال يراوغ حتى بعد مرور عامين ونصف العام على بداية الجائحة.

وقال الدكتور إريك توبول طبيب القلب، وأستاذ الطب الجزيئي في مؤسسة Scripps Research: "لم نتمكن من تفكيك هذا الأمر، معرفة سبب ارتفاع وانخفاض هذه الموجات، وزيادة أو تراجع مدّتها"، مضيفًا أنّ "كل هذه الأمور ما زالت غامضة إلى حدٍ ما".

ولا يزال BA.5 المتغيّر السائد لـ"كوفيد-19" في الولايات المتحدة حاليًا، ويتسبّب بمعظم الحالات الجديدة بنسبة 87%، منذ الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران.

وتكهنت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها باتجاهات مستقرّة في حالات الاستشفاء والوفيات خلال الأسابيع المقبلة، ويتّفق الخبراء على أنّ الجزء الأسوأ قد تمّ تجاوزه.

وقال ويليام هاناج عالم الأوبئة، والأستاذ المساعد بكلية تي أتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، أنّ استمرارها بالتسلّل إلى من تراجعت مناعتهم المتأتية من التطعيم أو الإصابة بفعل الوقت، وهذا سيستمر في الحدوث.

ومع عودة الأطفال إلى المدارس، وتغيّر الفصول، ووجود متحورات أخرى تلوح بالأفق، لم يتّضح متى سينخفض المنحنى، ومقداره.

وقال تريفور بيدفورد عالم الأوبئة والجينوم بكلية الصحة العامة في جامعة واشنطن،: "أتوقّع أن تهدأ الأمور على الأقل في الشهر المقبل، أو نحو ذلك".

وحتّى إذا لم تتحسن الاتجاهات كما هو متوقّع، فمن غير المرجّح أن تكون الموجات المستقبلية المحتملة مدمِّرة، كالتي شهدناها مع متحوّر "دلتا"، أو المتحوّر الأصلي لـ"أوميكرون".

ولفت هاناج إلى أنه في حال كان البديل التالي مختلفًا، إسوة بـ"دلتا" و"أوميكرون"، فسيُشكّل ذلك "تغييرًا كبيرًا" في ما نشهده في الآونة الأخيرة. وهذا الأمر ليس مستحيلًا، وتولى أهمية كبرى لأحدث المتحوّرات الفرعية التي ظهرت.