لماذا يجب الحديث بوضوح عن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بجدري القردة؟

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا الشهر أنّ تفشي مرض جدري القردة حالة طوارئ صحية عامة. ويتسبّب به فيروس ينتشر على نحو غير متكافئ بين الرجال المثليين.

وبسبب عدم الرغبة باستنساخ هذا النوع من الوصمة المضادة للمثليين، التي شوهدت خلال أزمة الإيدز المبكرة، يناقش البعض فكرة أنّ الإعلان عن المجموعة الأكثر عرضةً لخطر الإصابة بعدوى جدري القردة، قد يكون خطيرًا.

وقال روبرت فوليلوف، أستاذ العلوم الطبية الاجتماعية السريرية بالمركز الطبي في جامعة كولومبيا، لـCNN: "لا نريد أن نضيف وصمة عار إلى موقف حسّاس، لكن نطاق الرسالة التي نوجهها يصبح واسعًا جدًا، بحيث لا يدرك أحد الفئة المستهدفة التي نتحدث عنها، فنمسي أمام مشكلة حقيقية".

باختصار، يقول الخبراء إنه يجب مواجهة الأمر بشكل مباشر، وتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية المطلوبة.

ماذا تُظهر البيانات المبكرة؟

أوضحت ميلاني طومسون، طبيبة وباحثة في مجال فيروس نقص المناعة البشرية في أتلانتا، أن جزءًا من مشكلة التحدث عن جدري القردة يكمن في المبالغة بالتركيز على من يحتمل أن يصاب بالفيروس، مقللين من أهمية من أُصيب به.

صحيح أنّ مطلق شخص قد يصاب بجدري القردة. لكنّ تحليل المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أظهرت أن 94٪ من الحالات رُصدت بين الرجال الذين أجروا اتصالًا جنسيًا حديثًا أو كانوا في وضعية قريبة مع رجل آخر.

وسجّلت أيضًا 54٪ من الحالات بين الأمريكيين ذوي البشرة الداكنة واللاتينيين.

تُظهر البيانات المبكرة من وزارة الصحة العامة في جورجيا ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية في كارولاينا الشمالية نمطًا مشابهًا. ففي الولايتين، يؤثر جدري القردة بشكل كبير على الرجال ذوي البشرة الداكنة.

وأكدت طومسون على أهمية الوضوح عند التواصل حول مكان وجود الفيروس تحديدًا.

وقالت: "الغرض من البيانات ليس فقط معالجة الأرقام.. ولكن ضمان حصول الأشخاص الأكثر تضررًا من جدري القردة أو أي كيان مرضي آخر على الخدمات المطلوبة".

وتابعت طومسون: "الرسالة التي مفادها أن أي شخص قد يصاب بجدرى القرود تنشر الخوف بين عامة الناس.. إنها تصرف الانتباه عن الرسائل التي نحتاج لإيصالها إلى الأشخاص المعرّضين لخطر الإصابة بجدري القردة".

ويوافق جيم داونز، مؤرخ الأمراض الوبائية في كلية غيتيسبيرغ، بعض آراء طومسون.

وقال: "تشير الأدلة إلى أن الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال معرضون لخطر أكبر من أي مجموعة سكانية أخرى.. لذلك عندما نتحدث عن توجيه الرسائل، والأهم من ذلك، توجيه اللقاحات، نحتاج إلى التأكد من أن هذه الجهود تستهدف عن قصد الأشخاص الأكثر عرضة للخطر".

وبينما يبدو أن غالبية الرجال ذوي البشرة الداكنة يعانون من جدري القردة، فأوضح الخبراء أن السبب لا يعود إلى لون بشرتهم.

وقال فوليلوف: "عندما نستخدم العرق كطريقة لتحديد سمة مهمة لشخص مريض، يعتقد بعض الناس أن العرق نشط بيولوجيًا، يجب أن يكون هناك شيء ما في الجلد الداكن يجعل الإصابة بجدري القردة أكثر احتمالًا.. لكن هذا ليس هو الحال.. ما ننظر إليه هو ديناميكية من يتسكع مع من وأين يتواصل اجتماعيًا".

وأوضحت طومسون: "لا يوجد أي نوع من الميول العرقية لجدري القردة.. يتعلق الأمر بالعنصرية الهيكلية، وطبيعة المجتمعات، والممارسات الثقافية".

وإذا كان هناك جانب إيجابي، فهو أنه يجب أن يكون من السهل احتواء جدري القردة والقضاء عليه، لأن هناك إحساس أكثر واقعية بموقع انتشار الجزء الأكبر من العدوى.

وتعتقد طومسون أن هناك درجة عالية من وصمة العار المرتبطة بجدري القردة، موضحة أنّ الأطباء يسمعون من بعض المرضى أنهم يخجلون من الإصابة بالفيروس.

وأضافت أن ما يعقّد الأمور أكثر هو حقيقة أن هناك مقدمي رعاية لا يرغبون برؤية أشخاص مصابين بجدري القردة، ما يعني أن أماكن الحصول على العلح للمصابين بالفيروس تتضاءل.

وقال جوزيف أوسموندسون، أستاذ مساعد إكلينيكي لعلم الأحياء في جامعة نيويورك: "لا يمكنك التخلص من مرض معد.. نحن بحاجة إلى اختبارات وعلاجات ولقاحات، ولم يأتِ أي منها في الوقت المناسب".