دراسة: هل "الفطر السحري" سيكون العلاج المستقبلي للإدمان على الكحول؟

علوم وصحة
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- وجدت دراسة جديدة أن السيلوسيبين المخدّر، المعروف باسم "الفطر السحري"، قد يساعد الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول على التحكّم بالكمية التي يستهلكونها على نحو أفضل.

وأشار الباحثون إلى أنّ هذه الدراسة هي أوّل تجربة عشوائية منشورة لفحص أثر السيلوسيبين على أي نوع من الإدمان، وبموجبها تمكّن الأشخاص الذين خضعوا لتأثير هذه المادة، من تقليل "أيام شربهم بإفراط بنسبة 83% على مدار 8 أشهر"، بمساعدة معالج نفسي، وفق ما قال الدكتور مايكل بوغينشوتز، كبير مؤلفي الدراسة، والطبيب النفسي، في مؤتمر صحفي.

ولدى حديثه عن الدراسة المنشورة في مجلة JAMA Psychiatry الأربعاء، قال بوغينشوتز إنّ الأشخاص استهلكوا 7 كؤوس كمعدل وسطي في الأيام التي شربوا فيها.

وفي نهاية التجربة التي امتدّت لـ8 أشهر، أبلغ 48% من المرضى الذين استخدموا السيلوسيبين إقلاعهم عن تعاطي الكحول تمامًا، بحسب الباحثين الذين جمعوا عيّنات من الشعر والأظافر لتأكيد ذلك.

ويعادل ذلك ضعف النسبة المسجلة لدى من كانوا ضمن المجموعة التي تلقّت الدواء الوهمي، والذين تمكنوا من وضع حد لإدمانهم، بحسب بوغينشوتز.

وقال بوغينشوتز، أستاذ طب نفسي بكليّة غروسمان للطب في جامعة نيويورك أيضًا: "إذا استمرّ مفعول هذه التجارب مستقبلًا، فسيعتبر السيلوسيبين إنجازًا حقيقيًا لعلاج اضطراب تعاطي الكحول".

ويعمل بوغينشوتز أيضًا كمستشار مدفوع الأجر للعديد من الشركات التي تجلب المهلوسات إلى السّوق.

ويقول الخبراء إن الحاجة إلى علاجات جديدة لإدمان الكحول أمر بالغ الأهميّة. ومنذ عام 1949، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على 3 أدوية فقط لعلاج هذا المرض، ووضعت شروط لاستخدامها، وفقًا للدراسات.

ومع أن العلاج يبدو كأنه "يساعد نسبة كبيرة من الأشخاص"، إلا أنه لا يعتبر شاملاً، بحسب الدكتور ديفيد هيلرشتاين، أستاذ الطب النفسي السريري بمركز إيرفينغ الطبي في جامعة كولومبيا، غير المشارك في البحث، .

القديم يُصبح جديدًا مرّة أخرى

وليست هذه المرّة الأولى التي تتم فيها دراسة استخدام المهلوسات من أجل علاج اضطراب تعاطي الكحول، الذي يُعرَّف اليوم عنه بعدم القدرة على التوقّف عن الشرب حتّى عند تسبّبه بأضرار جسديّة أو عاطفيّة للشارب وللآخرين.

وكان الدكتور همفري أوزموند، الطبيب النفسي البريطاني، قد بدأ بمنح مخدّر الهلوسة المعروف باسم "LSD" لمدمني الكحول المقاومين للعلاج في الخمسينيّات من القرن الماضي، ووجد أنّ بين 40 و45% ممّن استخدموه ظلوا في حالة من الرصانة بعد عام.

وخلال الأربعينيّات وأوائل الخمسينيّات من القرن الماضي، أخذ عشرات الآلاف من المرضى عقار الهلوسة، ومؤثرات عقليّة أخرى لدراسة أثرها على القلق من السرطان، وإدمان الكحول، واضطراب استخدام المواد الأفيونية، والاكتئاب، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

وبدأ الباحثون بالنظر إلى المهلوسات على أنها "أدوات جديدة لتقصير مدة العلاج النفسي".

ولكن عندما طُرد تيموثي ليري، وريتشارد ألبرت، وهما علماء نفس من جامعة هارفارد، من "مشروع هارفارد للسيلوسيبين" عام 1962، بعد اكتشاف الجامعة أنهما منحا المهلوسات للطلبة، تراجع استخدام العقار في الأبحاث.

وفي عام 1966، حظرت الولايات المتحدة عقاقير LSD، وأوقفت المشاريع البحثيّة، أو تمّ إجراؤها بسريّة.

ثم صدر قانون المواد الخاضعة للرقابة عام 1970، الموقّع من قبل الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي صنّف جميع مسبّبات الهلوسة، ضمنًا السيلوسيبين، كمواد ليس لها "استخدام طبّي مقبول حاليًا"، ويحتمل استخدامها على نحو سيء.

ارتفاع مقلق في شرب الكحول

وضمّت الدراسة الجديدة 93 شخصًا شخّصوا بمعاناتهم من اضطراب شرب الكحوليات، وشربوا بإفراط لمدة أربعة أيام على الأقل في الشّهر السابق.

وعرّف الباحثون الشرب المفرط على أنه شرب 5 كؤوس أو أكثر في اليوم للرجال، و4 كؤوس أو أكثر في اليوم للنساء.

وفي الدراسة الجديدة، تلقّت مجموعة تتكوّن من 48 شخصًا جرعتين من السيلوسيبين بفارق شهر بينهما.

وتلقّت المجموعة الثانية المكوّنة من 45 شخصًا دواءً وهميًا مرّتين أيضًا، وهو المهدئ القوي "ديفينهيدرامين"، الذي يُعد من مضادات الهيستامين الشائعة.

واُجريت كل جلسة علاج بحضور مُعالج نفسي للمساعدة في علاج ودمج الأفكار أو العواطف على مدار يومين.

كما خضع كل شخص لسلسلة من جلسات العلاج النفسي لمدة 12 أسبوع، تضمّنت تقنيّات سلوكيّة تحفيزيّة، ومعرفيّة تهدف إلى تقليل الشرب.

وقال بوغينشوتز: "كان العلاج النفسي جزءًا لا يتجزّأ من نموذج العلاج، وبالتالي لا يمكننا الإدلاء بأي تصريحات حول ما يمكن أن يفعله السيلوسيبين من حيث التأثيرات العلاجية من دون العلاج النفسي".

وفي الواقع، وجدت الدّراسة أن المجموعة التي تلقّت الدواء الوهمي قلّلت من شربها المفرط بنسبة 51% وذلك بسبب التّدخل من طريق العلاج النفسي فقط، مقارنةً مع انخفاض بنسبة 83% بين أولئك الذين تلقوا السيلوسيبين والعلاج النفسي.