فحص مياه الصرف الصحي..هل يُعتبر الوسيلة الأفضل لرصد انتشار فيروس شلل الأطفال وجدري القردة وكورونا؟

علوم وصحة
نشر
7 دقائق قراءة
فحص مياه الصرف الصحي.. الوسيلة الأنجع لرصد انتشار فيروس شلل الأطفال وجدري القردة وكورونا
Credit: Arnold Jerocki/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في مرحلة مبكرة من جائحة فيروس "كوفيد-19"، راقب مسؤولو الصحة عينات من مياه الصرف الصحي بحثًا عن علامات تدلّ على وجود الفيروس، كي تمكّنهم من تتبّع الموقع الذي يُحتمل أن ينتشر فيه. وراهنًا، اعتُمدت هذه التقنية للكشف عن الأمراض المعدية الأخرى مثل، شلل الأطفال، وجدري القردة.

ويقوم بعض الباحثين عن الأمراض في الولايات المتحدة بتقليص جهودهم لمراقبة مياه الصرف الصحي إلى الحد الأدنى بهدف التركيز على مبانٍ معينة وتحديد المواقع التي تحوي قائمة متزايدة من الأمراض.

وقالت لوري تريميل فريمان، الرئيسة التنفيذية للرابطة الوطنية للمقاطعة ومسؤولي صحة المدينة، إنّ "بعض عمليات مراقبة مياه الصرف الصحي تُجرى على مستوى المجتمع، وبعضها الآخر على مستوى المبنى، الأمر الذي يُعتبر أفضل قليلاً لجهة السعي لاستهداف فئة محددة في موقع معيّن".

وأوضحت: "على سبيل المثال، في بعض الولايات القضائية، سيرصدون فندقًا كبيرًا أو سجنًا"، متابعةً أنّه "إذا عُثر على الفيروسات هناك، يمكن توجيه الرسائل مباشرة إلى قاطني ذلك المبنى".

وثمة مقاربة على مستوى المبنى لمراقبة مياه الصرف الصحي قيد التنفيذ في جميع المستشفيات الـ11 المنضوية ضمن نظام الرعاية الصحية المتكامل لمستشفيات مدينة نيويورك.

وكان النظام أطلق برنامج مراقبة خلال شهر فبراير/ شباط لفحص مياه الصرف الصحي الخاصة بالمستشفيات التابعة له بحثًا عن فيروس كورونا وفيروسات الإنفلونزا، وتمّ توسيع إطار البرنامج في أغسطس/ آب كي يشمل اختبارات شلل الأطفال وجدري القردة، وفقًا لبيان صادر عن هذا النظام.

وأفاد الدكتور ميتشل كاتز، الرئيس والمدير التنفيذي لمستشفيات نيويورك سيتي الصحية، في بيان، أنّه "مع زيادة الاختبارات السريعة وتراجع التمويل الفيدرالي للاستجابة لكوفيد هذا الربيع، كان اختبار مياه الصرف الصحي وسيلة سهلة ومتدنية الكلفة بالنسبة لنا كي نتتبع وجود كوفيد في المجتمع من دون الحاجة لإجراء اختبارات للمرضى".

وأضاف: "حاليًا، مع انتشار جدري القردة وشلل الأطفال في مدينة نيويورك، لدينا نظامًا معمولًا به لاختبار هذه الفيروسات واستخدام تلك البيانات للإبلاغ عن استجابتنا".

"نسخة احتياطية ثانوية جيدة"

وقالت ليوبولدا سيلفيرا، نائب الصحة العالمية في مستشفى "NYC Health + Hospitals / Elmhurst"، إن برنامج مراقبة النظام الصحي كان ناجحًا لجهة تحديد فيروسات "كوفيد-19" والإنفلونزا في مياه الصرف الصحي بالمستشفى  قبل أسبوعين من تحديد انتشار الفيروس سريريًا بين المرضى في المستشفى.

وأوضحت سيلفيرا أنه باستخدام بيانات اختبار مياه الصرف الصحي، "تمكنا من تحديد تاريخ انتشار الفيروس قبل نحو 10 إلى 14 يومًا من بداية ظهور العوارض على مرضانا".

ووصفت سيلفيرا بيانات مراقبة مياه الصرف الصحي بأنها منبّه للأطباء من زيادة محتملة لانتشار المرض أو تراجعه، وقد تساعد بتوجيه الجهود نحو الوقاية من المرض، أو علاجه، وزيادة عدد الموظفين، والإمدادات لتلبية الاحتياجات.

ومع تفشي مرض جدري القردة العالمي المستمر، واكتشاف فيروس شلل الأطفال في الآونة الأخيرة بعينات مياه الصرف الصحي في مدينة نيويورك، قالت سيلفيرا إنه من "الطبيعي" أن يتطور برنامج مراقبة مياه الصرف الصحي لدينا كي يشمل اختبار تلك الفيروسات.

وقالت: "إذا تمكنا من الحصول على اختبار مباشر من مرضانا، إسوة بكوفيد، فهذه ستكون طريقتنا الأساسية لعلاج ومعرفة عدد المرضى في مجتمعنا". وتابعت "لكن وجود مراقبة لمياه الصرف الصحي، يُعد بمثابة نسخة احتياطية ثانوية جيدة لنا لمعرفة ما يجري في مجتمعنا وحتى تكون لدينا القدرة على التخطيط وفقًا لذلك".

البحث عن المعرفة في الصرف الصحي

وتتضمن مراقبة مياه الصرف الصحي غير المعالجة اختبارًا لها بغية تحديد إذا كان البراز وأنواع أخرى من النفايات البشرية، تحتوي على مادة وراثية من الفيروسات أو البكتيريا التي قد تصيب الناس بالمرض. ويمكن الكشف عن هذه المادة، سواء كانت الحمض النووي الربيوزي أو الحمض النووي الصبغي، في مياه الصرف الصحي، لكنها لا تكشف إذا كان العامل الممرض معديًا في الماء.

وأشارت مارلين وولف، الأستاذة المساعدة للصحة البيئية في جامعة إيموري والباحثة الرئيسية المشاركة في "WastewaterSCAN" (المؤسسة الوطنية المبادرة لمراقبة مياه الصرف الصحي)، إلى أن "مراقبة مياه الصرف الصحي، والسبب بأنها فعّالة يعود إلى أن كل فرد في المجتمع يساهم من خلال عيناته في نظام الصرف الصحي يوميًا".

وبعد ذلك، بالطبع، يمكن أن تكون هناك مراقبة على مستوى المبنى، مثل المستشفى.

ويعود تاريخ مراقبة مياه الصرف الصحي إلى الأربعينيات من القرن المنصرم، عندما استخدم الباحثون هذه التقنية للعثور على ناقلات البكتيريا التي تسبب حمى التيفوئيد، أو للكشف عن شلل الأطفال.

ومنذ ذلك الحين، استخدمت مراقبة المياه العادمة للمساعدة بتتبع الأمراض المعدية على نطاق عالمي، لكن هذه التقنية كانت بعيدة عن تلك السائدة قبل ظهور "كوفيد-19". وقال وولف إن فيروس كورونا هو أول فيروس تنفسي يتم تعقبه بمياه الصرف الصحي.

واستجابةً للجائحة، كانت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أطلقت النظام الوطني لمراقبة مياه الصرف الصحي في سبتمبر/ أيلول 2020. وتستخدمه إدارات الصحة العامة المحلية لتقديم بيانات اختبار مياه الصرف الصحي إلى الوكالة. ويقوم النظام بتحليل تلك البيانات وإبلاغ النتائج إلى إدارات الصحة لاستخدامها في استجابة "كوفيد-19" الخاصة بهم.

"إذا لم تبحث عن شيء ما، فلن تراه"

وأوضح الدكتور دانيال رودز، الرئيس المشارك للجنة التابعة لكلية علماء الأحياء الدقيقة الأمريكية، أنّ مراقبة مياه الصرف الصحي أثبتت فائدتها في وقت كان ضروريًأ مراقبة مسببات الأمراض التي لا تظهر عادةً في الولايات المتحدة، مثل شلل الأطفال وجدري القردة.

وأفاد رودز وهو اختصاصي أيضًا بعلم الأمراض بمستشفى "كليفلاند كلينك" في ولاية أوهايو الأمريكية أنه سريريًا، في الولايات المتحدة: "توقفنا عن اختبار شلل الأطفال لأنه قد انتهى. لم نختبر أبدًا جدري القردة لأنه مرض حيواني المنشأ في منطقة موبوءة داخل أفريقيا، لذا لم نكن بحاجة لإيلائه اهتمامًا".

ورغم ذلك، لفت إلى أنّ مراقبة مياه الصرف الصحي "تفتح أعيننا جميعًا، أي الطب والصحة العامة والمجتمع، وتجعلنا ندرك أنه إذا لم تبحث عن شيء ما ، فلن تراه".