هل تعاني من "القلق البيئي" بظل تغير المناخ والكوارث الطبيعية المتزايدة؟ هكذا يمكنك التعامل مع الأمر

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- نحن نعلم أنه بإمكان التغيّرات في الطقس والمواسم التأثير على الحالة المزاجية للشخص، والتسبّب في بعض الاكتئاب خلال الأيام الماطرة، والاضطراب العاطفي الموسمي.

ومن المهم الآن أيضًا التعرّف إلى الآثار الضارّة لتغيّر المناخ على الصحة العقليّة والبدنيّة على المدى الطويل.

وفي كتاب بعنوان "تحمّل الحرارة: كيف يؤثر تغير المناخ على عقلك، وجسدك، وروحك، وما يمكنك فعله حيال ذلك"، توثّق المؤلفة، وعالمة الأرصاد الجوية السابقة لدى CNN، بوني شنايدر، هذه التحديات، وتشارك نصائح الخبراء حول كيفيّة التعامل معها.

السؤال: كيف يمكن أن يؤدي تغيّر المناخ إلى مشاكل صحيّة؟

بوني شنايدر: تؤثّر بيئتنا على العوامل الأساسيّة للصحة.

وترتبط التغيّرات في درجات الحرارة، وجودة الهواء، والماء، وسلامة الغذاء، وتوفّره، وحتّى رفاهيتنا العاطفيّة بمحيطنا الطبيعي.

ويمكن لحدوث تغييرات في هذه العوامل التأثير على كل من الأشخاص الأصحاء، وأولئك الذين يعانون من حالات موجودة مسبقًا.

خذ درجة الحرارة كمثال، هل حاولت يومًا النوم في غرفة دافئة، ومن دون مكيّف؟

وأظهرت الأبحاث أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤثّر على النوم، وأن يؤدي لضعف الوضوح الذهني، والذاكرة.

وتم ربط تغيّر المناخ بأنواع معينة من الظواهر الجويّة المتطرّفة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، وحرائق الغابات، والعواصف الرعديّة الشديدة، والأعاصير التي تستمر لفترة أطول، وتنتج المزيد من الأمطار.

وبشكلٍ عام، تحدث الكوارث الطبيعيّة الآن بشكلٍ متكرر، وتؤثّر على المزيد من الأشخاص.

ويمكنها أن تسبّب الحروق، وأن تؤدي لاستنشاق الدخان نتيجة حرائق الغابات، والإصابات الناجمة عن سقوط الحطام، وأنواع أخرى من الأذى.

وتتأثّر الصحة النفسيّة أيضًا، بالصدمة، والخسارة، والنزوح.

وتُظهر الأبحاث أن هذه العواقب النفسيّة يمكن أن تستمر لأعوام، أو حتّى عقود.

ومن المهم أيضًا تذكرّ أن الكوارث الطبيعيّة يمكن أن تؤثّر على الصحة العقلية، حتى بين أولئك الذين لم يتأثروا بها بشكلٍ مباشر.

ويمكن لعدم الاستقرار في مجتمع الفرد بالطبع أن يؤدي إلى المعاناة، ولكن من شأن مشاهدة الصور التي تُظهر الدمار الناجم عن الطقس عبر التلفزيون فقط إثارة القلق.

السؤال: ما هو "القلق البيئي"؟ وما مدى انتشاره؟

بوني شنايدر: يُشير القلق البيئي إلى القلق والخوف الذي ينتاب الأشخاص بشأن تغيّر المناخ، ومستقبل الكوكب.

ومن بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عامًا، أعرب 84% منهم عن الشعور بقلقٍ معتدل على الأقل بشأن تغيّر المناخ في استطلاع عالمي من عام 2021 شمل 10 آلاف شخص.

ويعتقد أكثر من 56% منهم أن "البشرية محكوم عليها بالفناء"، بينما قال أكثر من 45% منهم إن مشاعرهم بشأن تغيّر المناخ أثّرت سلبًا على حياتهم اليومية وأدائهم.

ويؤكّد الخبراء في تحالف الطب النفسي المناخي، وتحالف علم النفس المناخي، النضال الحقيقي الذي يواجهه الأفراد، وخاصةً الشباب، مع هذا النوع من القلق. ويمكنه أن يُسبّب اضطرابًا شديدًا في الحياة اليومية، والتدخّل بأفكار الأشخاص، والتأثير على النوم الصحي.

السؤال: هل تجعل بعض الحالات الطبيّة الأشخاص أكثر تأثرًا بوجه التغيّرات البيئيَة؟

بوني شنايدر: نعم. ويقول غالبية الخبراء الطبيين إن الطقس المتطرّف بكافّة أنواعه يمكن أن يُجهد الجسم. ومع تغيّر المناخ، أصبحنا نحظى بأيام أكثر سخونة لفترةٍ أطول.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث مشاكل لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتيّة التي تظهر بظل ظروف بيئيّة معيّنة.

ويُمكن أن يظهر مرض الذئبة على سبيل المثال نتيجة أشعة الشمس الساطعة، وذلك نتيجة التعرّض للأشعة فوق البنفسجية، وفقًا للخبراء الطبيين الذين قابلتهم.

وتُشير بعض الأدلة إلى وجود علاقات بين الألم، والرطوبة النسبيّة، والضغط، وسرعة الرياح.

وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من التهاب المفاصل، قد يعني تكرّر العواصف القويّة زيادة احتمال حدوث الألم.

ومع ذلك، تُنفي بيانات أخرى هذه النتائج، مثل الدراسة التي لم تجد أي علاقة بين تساقط الأمطار، وزيارات المرضى غير المقيمين نتيجة ألم المفاصل، أو الظهر.

ومع ذلك، يقر هؤلاء الباحثون حتّى باحتمال وجود علاقة بين الألم، والطقس، ويُشجعون على القيام بالمزيد من الدراسات.

السؤال: ما علاقة تغيّر المناخ بالأمراض المعدية؟

بوني شنايدر: في ورقة بحثيّة نُشرت في سبتمبر/أيلول من عام 2020، كتبها الدكتور أنتوني فاوتشي، والدكتور ديفيد مورينز، حذر المتخصصان بالأمراض المعدية من حدوث الجوائح بشكلٍ متكرّر.

ووصف كلاهما "جائحة كوفيد-19" بكونها "تذكير آخر بتمثيل الأنشطة البشريّة لتفاعلات عدوانيّة، ومُدمّرة، وغير متوازنة مع الحياة البريّة، وهي ستؤدي لحالات مرضيّة طارئة جديدة بشكلٍ متزايد".

وتُغيّر التحولات البيئية العديد من أنواع الأمراض المنقولة بواسطة النواقل، مثل مرض "لايم" على سبيل المثال.

وعند ارتفاع درجات الحرارة، تُصبح حشرات القراد مشكلة في خطوط العرض الشماليّة، ما يعني أننا قد نبدأ برصد مرض "لايم" في أماكن قد لا يتوقعها الأشخاص.

وقد يؤدي هذا لمواجهة التحديات نظرًا لمدى صعوبة تشخيص مرض "لايم".

وتجلب حشرات البعوض مخاوف إضافية، ويؤدي حدوث المزيد من الفيضانات إلى زيادة انتشارها، إضافةً لخطر نقل الأمراض.

كما تتواجد البكتيريا الآكلة للحم المنقولة بالمياه.

ويُعتقد أن ارتفاع درجات حرارة المياه تسبّب في وصول البكتيريا المُميتة إلى مسطحات مائية لم تتأثر بها من قبل.

السؤال: ما هو تأثير الاحتباس الحراري على الحساسية؟

بوني شنايدر: أصبح موسم الحساسية أطول، ويعني المزيد من الأيام التي تخلو من الصقيع وجود المزيد من حبوب اللقاح التي قد تكون مزعجة.

وهناك أيضًا نقاش بين العلماء حول ما إذا أدّت زيادة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بجعل حبوب اللقاح أكثر شدّة.

والعفن من مسبّبات الحساسيّة الأخرى التي تتأثر بالطقس، وهو يتفاقم نتيجة المزيد من العواصف المتكرّرة، والفيضانات الشديدة، والأيام الرطبة.

وتبدأ الكثير من نوبات الربو بسبب الحساسية أيضًا. ويمكن أن يحدث الربو نتيجة العواصف الرعديّة، ودخان حرائق الغابات.

ويرتبط كل شيء ببعضه البعض.

السؤال: لا عجب أن الأشخاص يعانون من القلق المناخي. ما الذي قد يساعدهم على التأقلم؟

بوني شنايدر: يوصي الخبراء بالعثور على مجتمع من الأشخاص من ذوي التفكير المماثل عبر الانضمام إلى مجموعات مثل "مقاهي المناخ" التي ينظّمها تحالف علم النفس المناخي، حيث يمكن للمرء فيها التحدث عن المشاعر الصعبة في مكان آمن.

وتوفّر المنظمات الخاصة بالشباب فرصًا أخرى للتواصل.

وللحصول على استشارة فرديّة، لدى تحالف الطب النفسي المناخي قائمة من المعالجين المختصين بالمناخ.

ومن شأن اتخاذ التدابير، الكبيرة منها، والصغيرة، أن يكون مفيدًا أيضًا.

ويُعد التأمل اليقظ والامتنان من الأدوات الأخرى لمعالجة القلق البيئي.

وعندما يتعلّق الأمر بالقلق، تتمتع الطبيعة بآثار علاجيّة لكل من البالغين، والأطفال.