دراسة: الأفكار الانتحارية تنتاب الأطفال على نحو مضطرد.. ما العمل؟

علوم وصحة
نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة عن أنّ هناك زيادة مطّردة بعدد الأطفال الذين أدخلوا الطوارئ بسبب أفكار انتحارية. وتعود هذه الزيادة إلى ما قبل جائحة "كوفيد-19" التي ساهمت بتسجيل ارتفاع قياسي بالطلب على الخدمات النفسية للأطفال.

وسلّطت تأثيرات الجائحة الضوء مجددًا على إقدام المراهقين والأطفال الصغار على الانتحار. وفي يونيو/ حزيران، وصّفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الارتفاع الأخير بمعدلات الاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية بين الأطفال بـ"أزمة صحة عقلية غير مسبوقة".

واستندت الدراسة المنشورة في مجلة طب الأطفال الاثنين، إلى بيانات أخذتها من مستشفيات عديدة في ولاية إلينوي الأمريكية. ونظر الباحثون بعدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و19 سنة، الذين طلبوا المساعدة في أقسام الطوارئ بسبب أفكار الانتحار التي انتابتهم بين يناير/ كانون الثاني 2016 ويونيو/ حزيران 2021.

وفي هذه الفترة، سُجّلت 81051 زيارة لقسم الطوارئ من قبل الشباب، وصُنفت بالتفكير في الانتحار. 

ووجدت الدراسة أنّ الزيارات إلى غرف الطوارئ جرّاء الأفكار الانتحارية زادت بنسبة 59٪ بين الأعوام 2016-2017 و2019-2021. وقابل ذلك زيادة بالحالات التي كان فيها التفكير بالانتحار هو التشخيص الرئيسي، إذ ارتفعت النسبة من 34.6٪ إلى 44.3٪.

كما زادت حالات الاستشفاء بسبب الأفكار الانتحارية بنسبة 57٪ بين خريفي 2019 و2020.

وقالت الدكتورة أودري بروير، المؤلفة المشاركة في الدراسة، وطبيبة معالجة في طب الأطفال العام المتقدم والرعاية الأولية في مستشفى "آن & روبرت ه. لوري للأطفال" في شيكاغو، وباحثة بقسم طب الأطفال في كلية الطب بجامعة نورث وسترن فينبرغ، "إن (الدراسة) تُسلّط الضوء على كيفية تسبب مخاوف الصحة العقلية بمشكلة حقيقية قبل الجائحة. لقد رأينا هذه الزيادة الهائلة في زيارات (قسم الطوارئ) الأطفال من جميع الأعمار عام 2019، وهذا أمر مقلق للغاية بصراحة".

وتعتقد بروير أن الأرقام الحقيقية ربما تكون أعلى بكثير مما توصلت إليه الدراسة، لأن الأطفال الذين يعانون من أفكار انتحارية لا يتوجهون جمعيهم إلى الطوارئ.

ورأى الخبراء أنّ هذه المشكلة ليست حصرية بولاية بعينها.

وقال الدكتور نيكولاس هولمز، نائب الرئيس الأول وكبير مسؤولي العمليات في مستشفى رادي للأطفال في سان دييغو، إن الزيادة بعدد الأطفال الذين يطلبون المساعدة في نظام الرعاية الصحية الخاصة كانت "عميقة".

وتابع هولمز، غير المشارك في البحث الجديد، أنّه "على مدى السنوات التسع الماضية، كان يتردّد علينا مريض أو مريضين في اليوم، يعانون من أزمة صحية سلوكية، والآن نشهد أكثر من 20 مريضًا يوميًا".

وأظهرت الأبحاث أن ثمة نقص كبير بالأسرّة على الصعيد الوطني للأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة في الصحة العقلية بالولايات المتحدة. ووجد استطلاع اتحادي أجري عام 2020، أن عدد مرافق العلاج للأطفال قد تراجع بنسبة 30٪ عما كان عليه في عام 2012.

وترافق نقص الرعاية بزيادة انتشار تحديات الصحة العقلية التي قد تؤدّي إلى الانتحار. وفي عام 2019، أبلغ 1 من كل 3 طلاب بالمدارس الثانوية ونصف الطالبات عن شعورهم المستمر باليأس والحزن، مسجلين نسبة تصل لـ40% عام 2009. وكانت هناك زيادة بنسبة 36٪ بين الطلاب الذين أفادوا بالتفكير في الانتحار، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.

وليس في وسع الدراسة الجديدة التحديد بدقة سبب توجه الكثير من الشباب إلى المستشفى لأنهم يفكرون بالانتحار، لكن بروير تعتقد أن مرّد ذلك قد يعود إلى مزيج من العوامل.

وأضافت أنّ العديد من الأطفال الذين تم نقلهم إلى المستشفى بسبب الأفكار الانتحارية، يعانون من مشاكل نفسية أخرى مثل القلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات.

ويستجيب الأطفال أيضًا للصدمات في حياتهم، والتأثيرات الاجتماعية على صحتهم مثل الفقر، والصدمات التاريخية، والتهميش، والمشاكل المدرسية، والتنمر عبر الإنترنت، والضغوط التي تسبّبها وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى نقص الوصول للاستشارة الطبية والعلاج.

وأشارت بروير إلى أنّ البالغين يمكنهم التدخل عندما يفكر الطفل بالانتحار. وتنصح مقدمي الرعاية بالبحث عن المشاكل في المدرسة أو بين الأصدقاء، ومراقبة الطفل الذي يعزل نفسه أو تظهر عليه علامات القلق، أو العدوانية أكثر من المعتاد.

وتابعت أنهم "قد يتصرفون أو يعانون من مشاكل في النوم"، لافتة إلى أن "الانفعال السريع، وعزل أنفسهم، من بين الأمور الكثيرة التي علينا البحث عنها غالبًا".

وأوضحت أنه "من المهم أن يشعر الأهل بالقدرة على الجلوس والاستماع إلى أطفالهم والتحدث معهم. ومحاولة ربط وفهم ما يجري معهم والمساعدة في تعزيز العلاقات الإيجابية".