هل أنسجة الثدي عالية الكثافة تتسبب بمرض السرطان؟

علوم وصحة
نشر
8 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ارتبط نسيج الثدي عالي الكثافة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بمعدلّ أربعة أضعاف. ورغم ذلك، أشارت دراسة جديدة إلى أنّ قلة من النساء يعتبرن أن كثافة الثدي تمثّل عامل خطر مهم.

وضمت الدراسة، المنشورة في "JAMA Network Open"، عددًا من النساء بلغ 1858 امرأة تتراوح أعمارهنّ بين 40 و76 عامًا وذلك بين عامي 2019 و2020، واللواتي أبلغن عن خضوعهنّ للتصوير الشعاعي للثدي في الآونة الأخيرة، وليس لديهنّ تاريخًا عائليًا للإصابة بسرطان الثدي، وسمعن عن كثافة الثدي.

وطُلب من النساء مقارنة خطر كثافة الثدي بخمسة عوامل أخرى مع خطر الإصابة بسرطان الثدي: إصابة قريبة من الدرجة الأولى بسرطان الثدي، أو زيادة الوزن، أو السمنة، أو شرب أكثر من مشروب كحولي واحد يوميًا، أو عدم الإنجاب، أو أخذ خزعة من الثدي سابقًا.

وقالت لورا بيدلر، مؤلفة الدراسة، والباحثة في معهد دارتموث للسياسة الصحية والممارسة السريرية: "عند مقارنته مع مخاطر سرطان الثدي الأخرى المعروفة، وربما الأكثر شهرة، لم تدرك النساء أن كثافة الثدي تمثل عامل خطر كبير".

وعلى سبيل المثال، أفاد المؤلفون أن أنسجة الثدي عالية الكثافة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي بمعدل يتراوح بين 1.2 و4 أضعاف مقارنة مع مخاطر أعلى بمرتين متّصلة بإصابة لقريب من الدرجة الأولى بسرطان الثدي، لكن نسبة 93٪ من النساء قلن إن خطر عامل كثافة الثدي أقل.

وأشار نسيج الثدي عالي الكثافة إلى الثدي المكوّن من نسيج ليفي وغدّي أكثر من الأنسجة الدهنية. ويُعتبر ذلك نتيجة طبيعية وشائعة لدى حوالي نصف النساء اللواتي يخضعن لتصوير الثدي بالأشعة السينية.

وأجرى الباحثون أيضًا مقابلات مع 61 مشاركة أبلغن عن كثافة الثدي لديهن، وسُئلن إذا كنّ يعتقدن بأنه يساهم بإصابتهنّ بسرطان الثدي، وكيف يمكنهنّ تقليل خطر الإصابة. وبينما لحظت غالبية النساء بشكل صحيح أن كثافة الثدي قد تحجب الأورام في تصوير الثدي بالأشعة السينية، شعرت قلة من النساء أن هذا الأمر قد يشكل عامل خطر للإصابة بسرطان الثدي.

واعتقد ما يقرب من ثلث النساء أنه لا يوجد ما يمكن فعله لتقليل خطر الإصابة بسرطان الثدي، رغم وجود طرق عدة لتقليل المخاطر، ضمنًا الحفاظ على نمط حياة صحي، ونشط، وتقليل استهلاك الكحول.

أنسجة الثدي عالية الكثافة

وتتغير كثافة الثدي خلال مراحل حياة المرأة، وتكون أعلى بشكل عام لدى النساء الأصغر سنًا، أو ذوات وزن الجسم المنخفض، أو النساء الحوامل، أو المرضعات، أو اللواتي يتلقين العلاج بالهرمونات البديلة.

ويزداد مستوى خطر الإصابة بسرطان الثدي مع زيادة درجة كثافة الثدي. ورغم ذلك، لم يتأكد الخبراء من سبب صحة ذلك.

وقال الدكتور هارولد بورستاين، اختصاصي أورام صدر في معهد دانا فاربر للسرطان، غير المشارك في الدراسة: "كانت إحدى الفرضيات أن النساء اللواتي لديهن أنسجة ثدي عالية الكثافة، لديهنّ أيضًا مستويات أعلى وأكبر من الإستروجين، وهرمون الإستروجين، ما يساهم في كل من كثافة الثدي وخطر الإصابة بسرطان الثدي"..

وتابع أنّ ثمة "فرضية أخرى تشي بأنّ هناك أمرًا ما يتعلّق بالأنسجة نفسها، ما يجعلها أكثر كثافة، ويهيئ بطريقة ما لتطور سرطان الثدي. نحن لا نعرف حقًا أي واحد يفسر الملاحظة".

وتطلب 38 ولاية حاليًا أن تتلقى النساء إخطارًا كتابيًا بشأن كثافة الثدي لديهن، وخطر الإصابة بسرطان الثدي بعد التصوير الشعاعي للثدي. ورغم ذلك، أظهرت الدراسات أنّ العديد من النساء يجدن هذه المعلومات غامضة.

وقالت الدكتورة روث أورتز، اختصاصية أورام الثدي بمركز بيرلماتر للسرطان في جامعة نيويورك، غير المشاركة في الدراسة، إنّه "رغم أنّ النساء يتم إخطارهنّ عادةً كتابيًا عندما يتلقين تقريرًا بعد التصوير الشعاعي للثدي، مفاده أن ’ كثافة الثدي زادت لديهنّ‘، إلا أنه يوضع نوعًا ما في أسفل التقرير".

وتابعت: "أعتقد أن ما تعلمناه من هذه الدراسة أنه يتعيّن علينا القيام بعمل أفضل ليس فقط لجهة إجراء توعية عامة للنساء، لكن لعامة مقدمي الرعاية الصحية الذين يقدمون الرعاية الأولية، والذين يطلبون من هؤلاء النساء إجراء فحص تصوير الثدي بالأشعة السينية".

"الفحص لا يناسب جميع التوصيات"

وتوصي إرشادات الفحص الحالية النساء المعرضات لخطر متوسط ​​للإصابة بسرطان الثدي بإجراء فحص سرطان الثدي سنويًا أو كل سنتين بين 50 و74 عامًا، مع خيار البدء في عمر 40 عامًا.

ونظرًا لأنّ النساء اللواتي لديهنّ أنسجة ثدي عالية الكثافة يعتبرن عرضة لخطر إصابة أعلى بالسرطان من المعدل الوسطي​​، فقد أشار مؤلفو الدراسة إلى أن النساء ذات أنسجة الثدي عالية الكثافة قد يستفدن من الفحص التكميلي مثل التصوير بالرنين المغناطيسي للثدي أو الموجات فوق الصوتية للثدي، التي قد تكشف عن السرطانات التي لم يتم الكشف عنها في تصوير الثدي بالأشعة السينية.

ولكن، حذر المؤلفون من أنّ "الفحص التكميلي لا يؤدّي فقط إلى زيادة معدّلات اكتشاف السرطان، بل قد يؤدّي أيضًا إلى مزيد من النتائج الإيجابية الكاذبة ومواعيد متكررة". وأوصوا بأنّ على الأطباء أن يستخدموا أدوات تقييم المخاطر لدى مناقشة المفاضلات المرتبطة بالفحص التكميلي.

وأوضح بورستاين أنه "عادة ما يكون النقاش بين المريض والفريق السريري اختصاصي الأشعة. وسوف يتأثر بتاريخ المريض العائلي، سواء كان هناك أي شيء آخر مثير للقلق في تصوير الثدي بالأشعة السينية".

وتعتقد أوراتز أنه "من المهم أن يفهم الجميع، الأطباء والممرضات والنساء، أن الفحص لا يناسب جميع التوصيات. ولا يمكننا تقديم توصية عامة واحدة فقط للجميع لأن النساء لديهن مستويات مختلفة من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي".

تقليل مخاطر الاصابة بسرطان الثدي

وبالنسبة لنحو ثلث النساء المصابات بنسيج ثدي عالي الكثافة، لا يوجد ما يمكن فعله للوقاية من سرطان الثدي، لكن الخبراء رأوا أن ثمة بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتقليل خطر إصابتك بسرطان الثدي.

وبحسب الدكتورة بونيت سينغ، اختصاصية جراحة أورام الثدي في مركز إم دي أندرسون للسرطان وغير المشاركة في الدراسة، فإنّ "الحفاظ على نمط حياة نشط وصحي والتقليل من استهلاك الكحول، يعالج العديد من العوامل القابلة للتعديل. كما يمكن للرضاعة الطبيعية أن تقلل من المخاطر. ومن ناحية أخرى، فإن استخدام العلاج بالهرمونات البديلة يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي".

وأضاف الباحثون أنّ هناك أدوية معتمدة، مثل عقار تاموكسيفين، يمكن أن تُعطى لأولئك المعرضين لخطر متزايد جدًا، ما قد يقلل من فرص الإصابة بسرطان الثدي بنحو النصف.

وأخيرًا، قال أطباء سرطان الثدي إنه بالإضافة إلى الفحص المناسب، فإن معرفة عوامل الخطر الخاصة بك ومناصرة نفسك يمكن أن تكون أدوات قوية للوقاية من سرطان الثدي والكشف عنه.