رأي.. ماذا سنفعل بعد عرض فيلم "الملاك"؟

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير سامية عايش
رأي..ماذا سنفعل بعد عرض فيلم "الملاك"؟
Credit: Courtesy of Netflix

هذا المقال بقلم سامية عايش، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتبة، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

أجمل الأعمال السينمائية هي تلك التي تدفعك للقراءة والبحث عن المزيد من المعلومات حولها وحول قصصها وشخصياتها، وهو بالضبط ما قمت به قبل أيام من إعلان نتفليكس عرض فيلم "الملاك"، الذي يحكي قصة حياة رجل الأعمال المصري أشرف مروان، وعلاقته بالحكومة المصرية والمخابرات الإسرائيلية.

ما لم أكن أعلمه، هو أن ما ذكرته أعلاه سيكون الإيجابية الوحيدة لهذا الفيلم.

كثيرة كانت الأفكار الجدلية في الفيلم، فحياة أشرف مروان كانت وما زالت تثير الجدل، حتى بعد وفاته. في هذه السطور، لن نغوص في وجهة النظر، لأنها باعتقادي لن ترضي أي طرف على أية حال، سواء كان الطرف العربي، أم الطرف الإسرائيلي، ولكن هناك عوامل فنية جرى تجاهلها أو تقديمها بصورة سيئة، جعلت من الفيلم، المبني على كتاب يحمل نفس الاسم للكاتب الإسرائيلي يوري بار جوزيف، المشارك أيضا في كتابة الفيلم، ينال انتقادات عارمة في أوساط من شاهدوه.

أين نجومك يا مصر؟

اللهجة المصرية ليست بالسهلة، فنجوم من دول عربية مختلفة يقضون سنوات في تعلمها. ومن الواضح أن الممثلين الذين شاركوا في فيلم "الملاك" لم يقضوا وقتا كثيرا في ذلك، ربما لأن جزءا لا بأس به من اللغة المستخدمة كانت الإنجليزية. ولكن هذا يدفعنا لسؤال آخر: هل عرضت هذه الأدوار على أي ممثلين مصريين؟ سؤال نتمنى من نتفليكس الإجابة عليه، ولماذا لم تتم الاستعانة بمستشار يراقب أداء اللغة واللهجة وتطبيقها في موقع التصوير؟

اللهجة شمال الأفريقية بدت واضحة، خصوصا على لسان بطل الفيلم (مروان كنزاري) و الممثل الجزائري (سليمان دازي)، الذي قدم شخصية سكرتير الرئيس جمال عبدالناصر سامي شرف.

الكاريزما المفقودة

دعونا من هذه الشخصيات، ولنركز بشكل حصري على شخصيتين عرفتا بروحهما الكاريزماتية في التاريخ: الرئيسان المصريان جمال عبدالناصر وأنور السادات. في الفيلم بدت شخصية جمال عبدالناصر خالية من الروح، وبدا إنسانا عصبيا لا تأثير له. أما السادات فكان شخصية تابعة لا يتخذ القرارات الرئاسية بأريحية، وبدا مترددا في قيادته. (يمر في ذهني الآن النجم الراحل أحمد زكي الذي كان الأقدر في تقديم الشخصيتين على حد سواء، وقدمهما في فيلمين لن ينساهما التاريخ أبدا).

عمل استشراقي؟

ما أن نرى المشاهد اللندنية في الفيلم، حتى تتسلل إلى آذاننا الموسيقى الاستشراقية، التي تأخذنا إلى مشاهد الراقصات الشرقيات، والخيم، والنار المتقدة، والجِمال إلى جانبها. الموسيقى التصويرية في بعض مشاهد الفيلم فرضت نفسها بشكل قسري، ونقلت الفيلم من أجواء الغموض والاستخباراتية، إلى جو من الاستشراق الذي لا داعي له. ولم يتوقف "الاستشراق" عند هذا الحد، بل امتد إلى قصر القذافي في الفيلم، لنرى راقصات وفتيات يجلسن حول الزعيم الليبي وكأنهن في حكايات ألف ليلة وليلة.

أرجوكم... لا تبدؤوا العمل على أفلام "مضادة" ردا على "الملاك"

ما أن عرض الفيلم على نتفليكس، حتى علت الأصوات المطالبة بالعمل على أفلام ردا على ما وصفت بـ"الرواية الإسرائيلية" لحياة أشرف مروان. أي عمل من هذا النوع سيكون نابعا من دافع عاطفي بعيدا عن العقلانية. ما نحتاجه اليوم على مثل هذه المنصات ليست ردود الفعل العاطفية، وإنما تلك التي يمكن أن تتحدث بصوتنا وتروي قصصنا وتاريخنا بحسب ما نكتبه نحن.

في الخلاصة، الأعمال الجيدة هي التي نبادر نحن بصناعتها، على طريقتنا الصحيحة، وليست تلك التي تأتي ردة فعل على عمل لم يعجبنا، تنفذه أياد غريبة عما عشناه.

  • سامية عايش
    سامية عايش
نشر