رأي لشقيق لجين الهذلول.. بينما أختي تقبع في السجن، يمكن لماريا كاري أن تساعدها من على المسرح

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
وليد الهذلول يكتب.. هكذا يمكن أن تساعد ماريا كاري أختي لجين

ملاحظة المحرر: وليد الهذلول هو شقيق الناشطة في مجال حقوق المرأة السعودية لجين الهذلول. يعيش وليد الهذلول حاليا في تورنتو، بكندا. جميع الآراء الواردة في هذا المقال تخص الكاتب. اعتقلت لجين الهذلول في مايو/ أيار 2018. يقول أعضاء عائلتها، والناشطون، ومنظمات حقوق الإنسان إنها تعرضت للتعذيب، والتحرش الجنسي. الحكومة السعودية تقول إن لجين وناشطات أخريات اتهمن بـ"اتصال مشبوه مع جهات خارجية"، بينما تنكر الحكومة السعودية جميع اتهامات التعذيب، وتقول إنها "لا تسمح أو تروج لمثل هذه الأفعال". ولم تستجب الحكومة السعودية لطلب شبكة CNN بالتعليق على دور مزعوم لسعود القحطان، المستشار السابق للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في عملية الاستجواب أو احتجاز الهذلول.

(CNN) – مساء الخميس، ستقدم المغنية الأمريكية ماريا كاري حفلا في السعودية. هذا الحفل هو محاولة مثيرة للشفقة لإثبات جهود المملكة في أن تصبح أكثر تسامحا مع النساء.

فهناك الكثير من النساء القابعات في السجون السعودية، ببساطة، لأنهن طالبن بمعاملة أفضل للنساء.

بعضهن تعرضن للإساءة الجنسية والتعذيب. إحداهن هي شقيقتي، لجين الهذلول. وكواحد من المعجبين بماريا كاري، أرغب برؤيتها تطالب بإطلاق سراح شقيقتي وهي على خشبة المسرح.

بعد 8 أشهر من الدعاء المستمر لإطلاق سراحها، أنا هنا لأحكي قصتها. أنا لست كاتبا، ولم يسبق لي أن كتبت مقالا كهذا أبدا. ولكن أختي مكانها ليس السجن، وأشعر أن من حقها علي أن أتحدث بصوت عال.

لجين هي بطلة تطالب بحقوق المرأة في السعودية، وجزء كبير من نشاطها يركز على ولاية الرجل، وحق المرأة في قيادة السيارة، والعنف المنزلي. لجين عملت مع الكثير من النساء المعنفات للتوصل إلى حلول لهن، حتى لا يصل بنا الحال إلى قضية مشابهة لرهف القنون، ذات الـ18 عاما، والتي طالبت بحق اللجوء السياسي إلى كندا مؤخرا.

كان حلم لجين أن تمكن هؤلاء النساء الضحيات من العيش في أمان دون اللجوء إلى الهرب من البلاد. كانت لجين أيضا في خضم تأسيس ملجأ لضحيات العنف المنزلي، وكانت ستطلق عليه اسم "آمنة". نحن نعلم الآن أن هذا الملجأ كان أحد أهم أسباب احتجاز لجين.

بعد شهر واحد من حبسها، اتصلت بي لجين من رقم محجوب. أخبرتني أنها محبوسة في "فندق" في جدة، وليس في سجن رسمي.

خلال المحادثة، قالت لجين: "حين أصبح حرة، سأساعدك حتى تجد فتاة أحلامك." قلت لها: "دعينا نركز على إخراجك من هناك، وبعد ذلك سنفكر في الحب والرومانسية." لجين تمتلك قلبا كبيرا، وكانت تهتم بالآخرين أكثر من اهتمامها بنفسها. في ذلك الوقت، لم نكن نعلم أنها تخضع للتعذيب المستمر والدائم. ومع كل الألم الذي كانت تعاني منه، جسديا ونفسيا، كانت تفكر بالآخرين.

كانت تحزنني فكرة أنها تخفي ألمها عنا. عندما أتذكر، وفي كل مرة كنت أسألها فيها عن قضيتها، كانت تقول إنها لا تستطيع الإجابة. وكأن أحدا ما كان يراقبها باستمرار، ويملي عليها ما يمكنها وما لا يمكنها قوله.

مؤخرا، تمكن والدي من زيارة لجين في السجن. تحدثت عن الطريقة التي نقلوها فيها من سجن ذهبان في منتصف الليل إلى ما يعرف بـ"الفندق". كانت تصفه بأنه "قصر الرعب"، ويبعد عن السجن مسافة 10 دقائق. قالت إنها اقتديت معصوبة العينين، ورميت في مؤخرة السيارة إلى هذا المكان السري. قالت إن جلسات التعذيب كانت تحدث في الطابق السفلي للقصر.

حينما أفكر بما يجري في الطابق السفلي، أشعر بالاشمئزاز. أختي الصغيرة قالت إنها تعرضت للجلد، والضرب، والصعقات الكهربائية، والتحرش بشكل مستمر.  قالت لجين إن بعض الرجال الملثمين كانوا يوقظونها في منتصف الليل مطلقين تهديدات لا يمكن تخيل بشاعتها. هذا هو نوع التعامل الذي أشرف عليه سعود القحطاني، أحد أهم مستشاري ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. أليس هذا هو تعريف الدولة المارقة؟

وإلى جانب العديد من أشكال التعذيب الجسدي، وصفت لجين تحملها عمليات الاستجواب المرعبة. أحد المحققين قال: "إن لم تتزوجيني سأغتصبك". قالت إنها أيضا تلقت عروضا بالعمل لصالحهم، وملاحقة النساء السعوديات اللاتي يعشن في الخارج، وإحضارهن إلى السعودية. بالطبع، لجين رفضت هذه العروض، ولأجل ذلك، كانت المعاملة تسوء شيئا فشيئا.

كلما تحدثت لجين لوالدي عن جلسات التعذيب، كانت يداها ترتعشان لا إراديا. أخاف أن يلازمها الآلم طيلة حياتها.

هذا الأمر يحيرني ... السعودية حريصة على الترويج لنفسها على أنها بلد الإصلاح، في الوقت الذي تقبع فيه إحدى السعوديات اللاتي يعملن على الإصلاح خلف القضبان. إن عمل لجين والقيم التي تحملها يجب أن يجعلاها الصورة الأولى في ملصق حملات الإصلاح التي يقودها ولي العهد. كانت لجين دائما ما تتخيل السعودية بلدا تحظى فيه النساء بحقوقهن الأساسية، ويعشن فيها من دون أي خوف. لجين ليست خائنة، إنها بطلة تحب وطنها.

عندما انتقلت إلى كندا للدراسة، كنت أحصي الأيام لأنتهي من دراستي وأعود إلى الوطن، وأساهم فيما وصف بـ"رؤية 2030". كنت أحمل شغفا كبيرا تجاهها. حينما كانوا يسآلوني أساتذتي وأصدقائي حول ما سأفعله بعد التخرج، كان جوابي دائما: "سأعود إلى بلدي، وأجعل وطني مكانا أفضل".

بعد كل ما حصل، أشعر بالسذاجه لأنني صدقت هذه الأوهام، خصوصا بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

لم أكن أعلم أن رحلتي إلى تورنتو ستكون رحلة باتجاه واحد، خصوصا أنني وعائلتي ممنوعون من السفر. لم أكن أعلم أن تورنتو ستصبح وطني الجديد. أتساءل دائما ما إذا كنت سأتمكن من رؤية عائلتي، ووطني مرة أخرى. السعودية لم تكن يوما بلدا ديمقراطيا. ولكن في الماضي، حينما كان النشطاء يعتقلون، لا تُقحم العائلة مع قضايا النشطاء. ولكن يبدو أن الحال تغير.

لطالما تقول الحكومة السعودية إنها تحترم سيادة القانون. لقد بدأت أشكك في ذلك، خصوصا وأن عائلتي اليوم ممنوعة من السفر من دون وجود أي سند قانوني. فالمحكمة لم تصدر أي قرار بمنعهم من السفر.

إن كنا فعلا نرغب بنجاح "رؤية 2030" وجلب الاستثمار الخارجي، يجب على الناس أن يكونوا متأكدين ومطمئنين من سيادة القانون.

لجين لا تستحق أن تكون في السجن. أموت مائة مرة كلما فكرت بها وبظروف سجنها، وعدم مقدرتي على القيام بأي شيء لتغيير ذلك.  لجين هي ملاكي على الأرض. ولكنها أيضا في الوقت ذاته بطلة في عيون الكثير من النساء والفتيات في السعودية وحول العالم. لا يمكننا الوقوف جانبا ومراقبتها وهي تعاني.

بقيت صامتا لثمانية أشهر، ولا زالت كل الأبواب مغلقة. ليس هناك أي مؤشر على أي تقدم في قضية أختي. كل ما أريده هو أن أرى أختي حرة.

أخبرتكم بقصة شقيقتي، فهل ستطالب ماريا كاري بإخلاء سبيلها عند وقوفها على المسرح؟ هل سيصل صوتي ويسمعه العالم؟

نشر