مصور سيوثق أفق مدينة نيويورك بالتصوير المتقطع حتى عام 2045

ستايل
نشر
6 دقائق قراءة
بأكثر من 4200000 صورة.. هذا المصور يوثق 30 عام من التصوير المتقطع لأفق نيويورك
Credit: Joseph DiGiovanna

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما بحث المصور جوزيف ديجوفانا عن شقة في بلدة ويهاوكين بولاية نيوجيرسي الأمريكية، كان يفتش في المقام الأول على المنظر الذي تُطل عليه الشقة، فما السبب في ذلك؟

وتشتهر بلدة "ويهاوكين" بمناظرها الخلابة لأفق مدينة نيويورك الأمريكية. وقال ديجوفانا في مقابلة هاتفية إنه انتقل إلى هذه البلدة منذ حوالي 10 سنوات.

بأكثر من 4200000 صورة.. هذا المصور يوثق 30 عام من التصوير المتقطع لأفق نيويورك
Credit: Joseph DiGiovanna

وأوضح تفاصيل حصوله على شقةٍ هناك قائلاً: "لقد عشت في شارع جانبي، وانتظرت بصبر مدة 3 سنوات للعثور على شقة بمنظر مثالي. وعندما عُرضت هذه الشقة للبيع، لحسن الحظ، كانت بسعر معقول، لذا اشتريتها على الفور".

ومنذ ذلك الحين، استحوذ ديجوفانا على هذا المنظر المثالي لمانهاتن، من جسر جورج واشنطن إلى جسر فيرازانو، ليحوله إلى مشروع حياته: تصوير متقطع لأفق نيويورك لمدة 30 عاماً.

وبعد فترة من التجربة للعثور على المعدات المثالية، قام ديجوفانا بإعداد منصة تصوير على شرفته تلتقط صورة لأفق المدينة كل 30 ثانية. ويستمر هذا الأمر منذ أكثر من 4 سنوات، مما يعني أنه جمع حتى الآن أكثر من 4 ملايين و200 ألف صورة، ومازال مستمراً.

وتلتقط منصة التصوير الخاصة بديجوفانا ألفين و880 صورة يومياً، وتنتج 36 غيغابايت من البيانات. وتتكون المنصة من كاميرا رقمية مثبتة على رف من الفولاذ على شرفته، ويتم التحكم فيها بواسطة جهاز "آردوينو"، وهو حاسوب دقيق قابل للبرمجة. وتُنقل الصور بمجرد التقاطها عبر كابل إلى جهاز كمبيوتر محمول، يُشغل برنامج "timelapse"، أو التصوير المتقطع.

لمدة 30 عام.. هذا المصور سيوثق أفق مدينة نيويورك بالتصوير المتقطع حتى عام 2045
Credit: Joseph DiGiovanna

وتُخزن البيانات في نهاية كل يوم على وحدتين من محرك الصلب. وتتراكم الصور بسرعة كبيرة، بحيث يجب تغيير محركات الصلب 4 مرات في السنة. وفي حالة انقطاع التيار الكهربائي، يستطيع مصدر الطاقة غير المنقطع الحفاظ على استمرار العملية لعدة ساعات.

واستقر المصور على هذا التكوين بعد تجارب متعددة، والتي شملت كاميرات أرخص. وقد تخلى عن محاولة جعلها في متناول اليد، واهتدى في نهاية الأمر إلى نظامه الحالي، والذي تبلغ كلفته حوالي 15ألف دولار، إذا جُمعت كل العناصر معاً. 

واختار المصور الكاميرا التي يستخدمها في المشروع لأنها لا تحتوي على أجزاء متحركة، مما يقلّل من احتمالية تعرضها للكسر. ويقول إن الكاميرات ذات الغالق المتحرك مضمونة لتصوير حوالي 250 ألف لقطة. وحتى الآن، لم يضطر إلى تغيير الكاميرا بعد.

لمدة 30 عام.. هذا المصور سيوثق أفق مدينة نيويورك بالتصوير المتقطع حتى عام 2045
Credit: Joseph DiGiovanna

وأوضح المصور أن فكرته الأصلية تضمنت طلب سلفة حتى يشتري 15 كاميرا، ليقوم بتبديل الكاميرا الحالية عندما تتعطل. ولكن في هذه المرحلة، مازالت الكاميرا في حالة جيدة منذ 5 أعوام، كما يملك ديجوفانا كاميرا بديلة جاهزة، إذا تعطلت، فيمكنه أن يستبدلها مباشرةً، ولكنه يتمنى أن يحتفظ بالكاميرا الحالية.

وعانى ديجوفانا من اضطرابات بسيطة فقط حتى الآن في مشروعه، معظمها ناتجة عن تجميد جهاز الحاسوب، ولكن بالنسبة لمشروع مدته 30 عاماً، خسارة نصف يوم لن يكون مهماً. ومع ذلك، فإن الحفاظ على سلامة البيانات، يمثل تحدياً مختلفاً.

وبعد ظهور قصته في مقطع فيديو شهير على موقع "يوتيوب"، تلقى ديجوفانا العديد من التعليقات من المشاهدين المهتمين حول استراتيجيته للتخزين الاحتياطي، وأبرزها اعتماده على وحدات المحركات الصلبة بدلاً من التخرين عبر برنامج الحوسبة السحابية. وقال ديجوفانا إنه يخزن وحدات المحركات الصلبة الاحتياطية في منزل والدته الذي يقع في ولايةٍ أخرى، حتى يتجنب حدوث أي تلف للمحركات في حال وقوع حريق أو ما شابه ذلك.

وعادة ما يطرح عليه الجميع السؤال التالي: "ماذا يحدث إذا قررت أن تنتقل"؟ وهو بالطبع أمر محتمل، ولكن بما أنه يملك الشقة، فقد أبرم اتفاقية مع المستأجر تفيد أن الكاميرا ستبقى هناك، فالوجود الفعلي للكاميرا، والحاسوب، ونظام التخزين الاحتياطي، صغير للغاية.

وينشر المصور مقطعين من مقاطع التصوير المتقطع يومياً، والتي توثق شروق الشمس حتى غروبها، عبر موقع التواصل الاجتماعي "انستغرام" وعبر موقع إلكتروني، حيث يمكن للمشاهدين إلقاء نظرة على الصور بأي تاريخ محدد، خلال الـ4 سنوات الماضية.

وهناك أيام تشهد بعض الأحداث الحافلة مقارنة بغيرها، وبتاريخ 13 يوليو/ تموز هذا العام، عندما واجهت نيويورك انقطاع كهرباء مفاجئ، استحوذت منصة التصوير الخاصة بديجوفانا على المشهد المهيب تماماً. وعندما غابت الشمس، فإن غالبية المناطق في المدينة كانت في عتمة داكنة.

لذا خرج المصور من شقته ليلتقط صورة، ولكنه أدرك أنه من المستحيل أن يحصل على صورة مثيرة للاهتمام. وعندما عاد إلى شقته، وجد أن التصوير المتقطع وثق المشهد بشكل أفضل مقارنة بأي شيء آخر.

وخلال الـ4 أعوام التي انقضت منذ بداية المشروع، تغير أفق المدينة بالفعل بشكل كبير، بوجود أكثر من 12 مبنى قيد الإنشاء أو مكتمل. ولكن لا تعتمد روح المشروع بالضرورة على ما هو مرئي في مقاطع الفيديو.

ويأمل المصور أن يتمكن الأشخاص من البحث عن أيام ذات مغزى لهم، ومشاركة قصتهم مع الآخرين، إذ قال إن مشروعه بمثابة تقويم حي يمكن لأي شخص أن يكون جزءاً منه. لهذا السبب، يهدي ديجوفانا المشروع إلى والده الراحل، والذي كان يحب مشاهدة غروب الشمس من شقته.

ومن المتوقع أن ينتهي المشروع في يوليو/تموز عام 2045.

 
نشر