بعد إنقاذها من الغرق.. ثنائي يقعان في الحب ويعيشان "لحظة ساحرة"

سياحة
نشر
13 دقيقة قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كانت نوبور غوبتا تقترب من نهاية فترة تدريسها لمدة أسبوعين في منتجع لرياضة اليوغا بولاية غوا، في الهند.

وفي شهر فبراير/ شباط من عام 2019، كان الطقس معتدلاً والبحر متلألئاً بشكل جذاب. عندما انتهزت غوبتا الفرصة بين تمارين اليوغا، لتخصص بعضاً من الوقت لممارسة السباحة.

وفي هذا اليوم بالتحديد، سبحت غوبتا داخل البحر أكثر من المعتاد. وعندما لاحظت قوة التيار، كان الأوان قد فات، حيث بدأ البحر يسحبها تحت الماء.

وبدورها، حاولت غوبتا ألا تشعر بالهلع.

وكلما حاولت غوبتا السباحة نحو الشاطئ، كان التيار يجرها إلى الأسفل، فتحاول العودة إلى سطح الماء بحثاً عن الهواء.

وقالت: "ثم رأيت هذا الرجل قادماً نحوي".

وكان هذا أتيلا بوسنياك، وهو مستشار مالي في الأربعينيات من عمره ينحدر من المجر، ولكنه يقيم في هولندا.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

ومن قبيل الصدفة، كان بوسنياك طالباً في منتجع رياضة اليوغا نفسه، حيث كان يحاول "الانفصال عن صخب العمل وضغط العمل والشتاء الهولندي"، على حد وصفه.

وكان بوسنياك سباحاً قوياً، لذلك لم يكن خائفاً، لكنه كان يكافح للوصول إلى غوبتا في مواجهة التيار القوي.

وتقول غوبتا: "اقترب مني كثيراً، ليمسك يدي ويسحبني للأعلى، في الوقت الذي كان يسحبني فيه المحيط للأسفل".

وبذلك. أدرك بوسنياك أنه لم يكن قوياً بما يكفي لسحبها من الشاطئ وحده حتى إذا تمكن الإمساك بيد غوبتا.. إذاً، ماذا فعل؟

واستمر بوسنياك في الصراخ حتى نجح أخيراً بلفت انتباه حارس الإنقاذ، الذي ساعد غوبتا في الوصول إلى الشاطئ، بينما سبح بوسنياك في طريق العودة.

وبمجرد وصوله، أدرك بوسنياك أن ظهره وفخذيه وأصابعه كانت تنزف، مستذكراً تعرضه للخدش أثناء محاولته الإمساك بالصخرة.

وقالت غوبتا: "وقع قلبي عندما رأيت ذلك، لأنه جعلني ألاحظ ما فعله هذا الرجل لمساعدة شخص ما، لمساعدتي".

وبينما كان بوسنياك مستلقياً على سرير التشمس، ذهبت غوبتا إلى أقرب متجر للحصول على بعض المطهرات ومثلجات على نكهة الشوكولاتة.

ولدى عودتها إلى الشاطئ، اعتنت غوبتا بجروح بوسنياك، ثم أعطته المثلجات ليبتسم بدوره بامتنان.

وتقول غوبتا: "شيء ما تغير بالنسبة لي في تلك اللحظة.. كان قلبي يدق في مكان ما".

وكان بوسنياك يبادلها الشعود في تلك اللحظة، قائلاً: "أعتقد أنها كانت لحظة سحرية".

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

تدخل القدر

وبعد أن شعر كلاهما بالتحسن من الخدوش وصدمة الحادث، اتجه بوسنياك وغوبتا إلى مركز اليوغا سوياً، وتحادثا في طريق العودة.

وبعد عودتهما إلى غرفهما الخاصة للراحة، تواصل الثنائي مجدداً في وقت لاحق من ذلك اليوم على العشاء. وبذلك، تعرف الثنائي على بعضهما البعض بشكل صحيح.

وبداية، دار حديث الثنائي حول هذا الحادث غير المتوقع. ومع مرور الوقت، اندمج كلاً من غوبتا وبوسنياك في أحاديث أكثر، وأكملا دردشتهما في اليوم التالي.

وكان من المقرر أن ينتهي برنامج منتجع اليوغا في اليوم التالي، حيث خطط بوسنياك للعودة إلى هولندا وغوبتا للحاق بالقطار، حتى تعود إلى ولاية كيرالا، حيث كانت تعيش.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

ولكن، تمنت غوبتا أن يكون لديها المزيد من الوقت حتى تستطيع التعرف على بوسنياك أكثر، متسائلة إذا كان بإمكانهما تأجيل رحلاتهما وقضاء وقتهما في غوا.

وكان بوسنياك يفكر في الأمر نفسه.

ووافق بوسنياك وغوبتا على تأجيل عودتهما لمدة أسبوع، حيث أمضى الثنائي عيد الحب 2019 معاً. وليس ذلك فحسب، وإنما عمد الثنائي إلى السير لمسافات طويلة على شواطئ غوا، والتجديف بقوارب الكاياك، واستكشاف الكنائس البرتغالية في المنطقة.

ومع انتهاء أسبوعهما الإضافي سوياً، احتفل بوسنياك بعيد ميلاد غوبتا.

وعندما حان وقت المغادرة، وعد الاثنان بعضهما البعض بالبقاء على تواصل.

ورغم أن المحيطات تفصلهما عن بعضهما البعض، إلا أنه سرعان ما تعرف الثنائي على روتينهما اليومي ليتحادثا بشكل مستمر.

وبعد حوالي شهر من مغادرة الثنائي لولاية غوا، قال بوسنياك لغوبتا في مكالمة هاتفية: "يجب أن ندفع هذا الارتباط قدماً".

ووافقت غوبتا على الفور دون التفكير بالمسافات الكبيرة، والثقافات المختلفة.

وعند البحث عن وجهة في منتصف الطريق تقريباً بين الهند وهولندا لقضاء عطلتهما معاً، بدأ الثنائي بالتفكير بجدية في دبي.

وفي ذلك الوقت، كانت والدة غوبتا قد شُخصت بورم في المخ، وكان من المقرر خضوعها إلى عملية جراحية طارئة.

وتستذكر غوبتا: "كنت أعلم أنه يجب أن أكون هناك". غادرت ولاية كيرالا وسافرت إلى منزل عائلتها في مدينة لكناو، شمال الهند، حتى تعيل أسرتها.

وبسبب انشغالها مع والدتها، كان السفر إلى دبي حينها صعباً. وبذلك، قرر بوسنياك أن يسافر إلى غوبتا حتى يكون قريبًا منها.

ولم تستطع غوبتا أن تصدق شغف هذا الرجل الذي قابلته مرة واحدة فقط، والذي سيكون على استعداد للقيام بذلك من أجلها، لكنها شعرت بالراحة الفورية لفكرة وجود بوسنياك إلى جانبها.

وبدورها، اقترحت عليه أن يزورها بعد عملية والدتها.

وكانت العملية ناجحة، حيث استعدت والدة غوبتا للعودة إلى منزلها بعد فترة من الشفاء في المستشفى.

وفي وقت لاحق، وصل بوسنياك إلى مطار دلهي، وكانت غوبتا في انتظاره بقاعة الوصول.

وفي طريقهما إلى لكناو، توقف الثنائي لزيارة تاج محل.

وعند التحديق في المبنى الرخامي الرائع، جثا بوسنياك على ركبة واحدة وطلب يدها للزواج.

ولم يكن عرضاً للزواج فقط بل وعداً بمبادلة الحب وإنجاح علاقتهما معاً.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

ولم تستطع عائلة غوبتا الانتظار لمقابلة الرجل الذي قلب حياة ابنتهما "ايجابيًا" رأساً على عقب.

وقالت غوبتا ضاحكة: "لم أرهما أبداً يتمتعان بالحماس لمقابلة رجل قط".

وكانت هذه الرحلة مثالية، بدءاً من اللفتة الرومانسية التي تفاجأت بها غوبتا بسفر بوسنياك إليها، ودعمه لها، والتقرب من عائلتها.

وكان كل شيء يسير بشكل طبيعي، إلى درجة أن فكرة مغادرة بوسنياك، وانفصال الاثنين مرة أخرى، كان يصعب تحملها.

وبذلك، قرّر الثنائي أن تقدم غوبتا طلباً للحصول على تأشيرة لزيارة هولندا لمدة شهر، عند تعافي والدتها تماماً.

وبسبب وجود تعقيدات قانونية تعني تأخيراً محتملاً لمدة 6 أشهر، قرر الثنائي أن يجتمعا في دبي خلال الصيف، ثم أن يذهبا معاً إلى صربيا.

ويقول بوسنياك، الذي أوضح أنهما اختارا الأماكن بناءً على متطلبات التأشيرة الهندية: "ليست وجهة رومانسية معتادة، على ما أعتقد".

وأضاف: "لكننا استمتعنا حقًا بإقامتنا هناك.. كنا نسبح في نهري الدانوب وسافا واستكشفنا تلك المدينة معاً. واستأجرنا منزل من Airbnb، وعشنا سوياً مثل زوجين".

أما لقائهما الأخير فكان في تايلاند.

وفي سبتمبر/ أيلول 2019، تلقت غوبتا تأشيرة دخول إلى هولندا، ثم سافرت إلى البلاد بعد شهر، حيث انتقلت للعيش في شقة بوسنياك في لاهاي.

وأمضى الثنائي بضعة أشهر شاعرية. إذ سافرا إلى المجر معاً لزيارة عائلة بوسنياك، وقضيا عطلة نهاية أسبوع سعيدة، وهما يستكشفان هولندا.

ورغم سعادة الثنائي بقضاء الوقت معاً، إلا أنها كانت خطوة كبيرة بالنسبة إلى غوبتا، تتطلب التأقلم مع بلد وثقافة مختلفة، والعثور على وظيفة.

وقالت غوبتا: "لقد كان تحولاً بمقدار 360 درجة بالنسبة لي".

وتضيف غوبتا أنه كان من الغريب أيضاً أن تعيش امرأة هندية في الحي الهولندي الذي يعيش فيه بوسنياك.

ولكنها سرعان ما استطاعت أن توثق علاقتها مع أصدقاء وزملاء بوسنياك، إضافة إلى التواصل مع مغتربين هنود آخرين. وظلت على اتصال وثيق بالأصدقاء والعائلة عبر مكالمات الفيديو.

وبينما قضى بوسنياك وغوبتا مزيداً من الوقت معاً، تعمقت علاقة الثنائي، وأصبحت فكرة الزواج هي الخطوة التالية.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

ويقول الثنائي إن أصدقائهما، الذين اعتادوا على التعامل مع تطبيقات المواعدة أكثر من إنقاذ شريك المستقبل من الغرق، قد أذهلتهم قصة بوسنياك وغوبتا الرومانسية.

ولكن، كان بعض الأشخاص متشككاً بشأن ما إذا كانت العلاقة ستنجح بالفعل لأن الاختلافات الثقافية قد تكون سبباً في إنهاء العلاقة بين الثنائي.

ويقول بوسنياك: "مع مرور الوقت، ما زلنا معاً، ليس فقط معاً، ولكننا نحب بعضنا البعض".

وكان الثنائي يأمل في جمع الأصدقاء والعائلة من جميع أنحاء العالم لحضور حفل زفاف كبير.

لكن تم تعليق هذه الخطط بسبب جائحة فيروس كورونا وأحداث أخرى.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

عام تحت الإغلاق التام

وتزوج بوسنياك وغوبتا بتاريخ 21 مارس/ آذار 2020، في حفل متواضع مع شاهدين فقط في قاعة مدينة لاهاي السابقة، التي تُعرف باسم "Trouwlocatie Groenmarkt".

وبدأ فيروس كورونا المستجد بالتفشي في هولندا، وكان بوسنياك وغوبتا آخر ثنائي يتزوج في المكان قبل فرض الإغلاق التام.

وكانت هناك لحظات صعبة على طول الطريق، ولكن كان الزوجان يشعران بالسعادة بوجودهما معاً.

ويقول بوسنياك: "نتحلى بالصبر التام مع الثقافات الأخرى والأفكار الأخرى والشخصيات الأخرى، نتحلى بالصبر والتعاطف".

وأوضحت غوبتا: "كان من الرائع أن تعرف شخصاً قريباً جداً من بلد أو ثقافة مختلفة".

وبالتالي، قام الثنائي بطهي الطعام لبعضهما البعض، وعرّف كل منهما الآخر على المأكولات المنزلية الخاصة بهما، وتلاقيا في منتصف الطريق عندما كانت أذواقهما تختلف.

وبينما كانت هناك خلافات حتمية، حاول الثنائي التحلي بالصبر ووضع أنفسهما في مكان الشخص الآخر.

وكافحت غوبتا للعثور على عمل خلال فترة الوباء.

وبدورها، سجلت شركة لرياضة يوغا خاصة بها في هولندا، ولكنها ركزت على تعليم اليوغا عبر الإنترنت.

وبمجرد ما أن خفف الاتحاد الأوروبي قيود السفر في صيف 2020، انتهز الثنائي الفرصة للسفر إلى اليونان. وكانت الرحلة، التي استغرقت ثلاثة أسابيع بمثابة شهر عسل متأخر.

واكتشف الثنائي وجهات جميلة، منها سانتوريني وميكونوس.

ويقول بوسنياك: "تمشينا في شوارع سانتوريني الفارغة، نشاهد غروب الشمس، وكنا نستيقظ أيضاً عند الساعة السادسة والنصف صباحاً لمشاهدة شروق الشمس".

وفي أغسطس/ آب من عام 2020، استمتع الثنائي باستكشاف القلاع والبحيرات الهولندية معاً، كما اتجها إلى المجر لزيارة عائلة بوسنياك.

وبحلول الخريف، شهدت أوروبا موجة أخرى من فيروس كورونا، وعادت معها أيام الإغلاق الطويلة.

وقضى الثنائي معظم أشهر الشتاء في الداخل، وهما يعتنيان ويهتمان ببعضهما البعض.

الهند
Credit: Courtesy Nupur Gupta/Attila Bosnyak

ومنذ أشهر قليلة، قررت غوبتا أن تعود إلى وطنها لرؤية العائلة والأصدقاء، بما في ذلك ابن شقيقها المولود حديثاً.

ولسوء الحظ، تزامن وصول غوبتا مع ارتفاع حاد في حالات كورونا بالهند، والتي تحولت إلى موجة ثانية مدمرة للبلاد.

وأصيبت غوبتا بالفيروس، وهي تتعافى حالياً، ويدعمها بوسنياك من بعيد.

وتقول غوبتا: "في الوقت الحالي، الوضع مروع للغاية هنا.. أرى الناس يكافحون وآمل أن يتحسن شيء ما".

واليوم، يأمل الثنائي الانتقال إلى أثينا خلال فترة الصيف، حيث سيكون لدى بوسنياك عرض عمل في اليونان.

ويشعر الثنائي بالحماس لخوض هذه المغامرة الجديدة، ويخططان أيضاً لتأسيس أسرة.

ولا تفشل قصة الثنائي أبداً في رسم الابتسامة على وجهيهما، عند التفكير بسلسلة الصدف التي جمعتهما.

وبالنسبة إلى غوبتا، تجد أنه من المضحك أنها غالباً ما كانت تلغي المواعيد مع الرجال الذين عاشوا على بعد أميال قليلة فقط، لكن انتهى بها الأمر بالزواج من شخص في قارة مختلفة.

وتقول: "كان هناك الكثير من الإيجابية، وسار كل شيء بمساره الطبيعي.. كان هناك الكثير من الثقة والحب في كل منعطف، وأعتقد أن هذا هو سبب وجودنا معاً اليوم".