دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— أصبحت كوريا الجنوبية ملكة المتاجر الصغيرة، سواء عبر الإنترنت أو في الحياة الواقعية، وأصبح المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي والسيّاح ينضمّون إلى السكان المحليين، ويتدفّقون بأعداد متزايدة على هذه المتاجر في جميع أنحاء البلاد.
وبحلول نهاية العام الماضي، كان هناك أكثر من 55،200 متجر صغير، في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 52 مليون نسمة، بحسب جمعية صناعة البقالات الكورية، أي بمعدل متجر واحد تقريبًا لكل 950 شخصًا.
وهذا يمنح كوريا الجنوبية أعلى عدد من المتاجر الصغيرة لكل فرد، متجاوزةً بذلك اليابان، وتايوان، وهما وجهتان تشتهران أيضًا بكثرة المتاجر الصغيرة متعددة الاستخدامات فيها.
وقال تشانغ وو-تشول أستاذ السياحة وصناعة الخدمات الغذائية بجامعة "كوانج وون" في سيؤول: "تتميز صناعة البقالات الصغيرة في كوريا الجنوبية بكثرتها الملحوظة واستراتيجياتها المبتكرة".
وفي المدن الكورية الجنوبية الكبيرة مثل العاصمة سيؤول، نقع على المتاجر الصغيرة هذه في كل زاوية.
وأضاف تشانغ أنّ "المتاجر الصغيرة مفتوحة لـ24 ساعة يوميًا وتلعب دورًا أساسيًا في حياتنا الحافلة".
متاجر صغيرة متكاملة
هناك بعض الجوانب التي تميّز البقالات الصغيرة في كوريا الجنوبية.
في البداية، هي عبارة عن متاجر شاملة تقدم كل شيء، من الأطعمة، والمشروبات، وحتى السلع المنزلية، وخدمات نمط الحياة.
وفي هذه المتاجر، يمكن للزبائن شحن هواتفهم النقالة، ودفع فواتير الخدمات، وسحب النقود، والقيام بطلبات عبر الإنترنت واستلامها أيضًا في المكان.
وفي مواقع معينة، يمكنهم حتى شحن دراجاتهم الكهربائية، وتداول العملات الأجنبية.
وهناك قسم خاص بالطعام يشمل مروحة واسعة من الخيارات، من حساء "ميسو" سريع التحضير، إلى أكواب الشعيرية بنكهاتها المتنوعة، ووجبات خفيفة مثل الـ"كيمباب"، والـ"أونيغيري"، وغيرها.
وهناك أيضًا مناطق جلوس داخل المتجر، وأفران مايكروويف، وموزعات الماء الساخن.
وأصبحت هذه المتاجر مقصدًا لتناول وجبة غداء سريعة بين موظفي المكاتب، ورواد الحفلات الذين يحتاجون إلى وجبة في وقت متأخر من الليل، والطلاب الذين يتزودون بالطاقة قبل حصصهم الدراسية.
وأفاد تشانغ أنّ الطلب عليها ارتفع على مر السنين مع توسع المناطق الحضرية في كوريا الجنوبية.
وعزز ازدهار هذه المتاجر التركيبة السكانية أيضًا، فانخفض عدد الكوريين الجنوبيين الذين يتزوجون، أو يكونون عائلة، وهذا يعني أن هناك أسر تتكون من فردٍ واحد أكثر من أي وقت مضى، وهي تتمتع بميزانيات أقل غالبًا، نظراً للصعوبات الاقتصادية التي يواجهها العديد من الشباب.
عابرة لوسائل التواصل الاجتماعي
لا تحظى هذه المتاجر الصغيرة بشعبية كبيرة في الحياة الواقعية فحسب، بل إنّ جاذبيتها عابرة لوسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، ما يعكس الظاهرة العالمية التي يطلق عليها الكثيرون "الموجة الكورية".
واجتاحت الصادرات الكورية الجنوبية العالم في العقدين الماضيين، من موسيقى البوب الكورية، والمسلسلات التلفزيونية الكورية، إلى منتجات التجميل، والأزياء والمواد الغذائية.
وفي العام الماضي، حوّل الهوس العالمي بالمنتجات الكورية انتباهه إلى المحال الصغيرة في البلاد.
وتُظهر عملية بحث سريعة عبر منصات "يوتيوب" أو "تيك توك"، أو "إنستغرام" كمية لا نهائية من مقاطع الفيديو المتمحورة حول هذه المتاجر الصغيرة.
ويعرض المؤثرون في هذه المقاطع محطات شعيرية الـ"رامن" الفورية الموجودة في المتاجر، أو يبدون رأيهم في الوجبات الخفيفة، والمشروبات، أو يتابعون صيحات عبر الإنترنت مثل تناول أطعمة البقالة ليوم كامل.
وأثبتت مقاطع الفيديو هذه أنّها استراتيجية ناجحة لصنّاع المحتوى.
وبدأت جيني مينغ، صانعة محتوى مولودة في كوريا الجنوبية ومقيمة في أستراليا، بإنشاء مقاطع فيديو حول هذا الموضوع بعد رؤية مقاطع مماثلة انتشرت على نطاق واسع عبر الإنترنت.
وأفادت مينغ أنّ هذا النوع من مقاطع الفيديو هو المحتوى الأكثر مشاهدة لديها، وحصدت أفضل ثلاثة مقاطع فيديو لها عبر "يوتيوب" 76 مليون مشاهدة إجمالاً، وبضعة ملايين مشاهدة إضافية عبر "تيك توك" و"إنستغرام".
وقالت: "لقد أصبحت كوريا (الجنوبية) صيحةً بحد ذاتها، على وسائل التواصل الاجتماعي.. أعتقد أنّ هذا هو السبب أيضًا وراء شهرة (المتاجر الصغيرة) بصورة كبيرة، لأنّ الأشخاص يعشقون الذهاب إلى كوريا الآن".
وحظيت مقاطع الفيديو الخاصة بها بشعبية كبيرة بين مشاهديها الأستراليين والأمريكيين لكونها تجربة جديدة عليهم.
وشرحت أنّ شراء وطهي وتناول شعيرية الـ"رامن" سريعة التحضير في بقالة صغيرة لأمر "مذهل" بالنسبة لأولئك الذين اعتادوا على متاجر أكثر تواضعًا على الطراز الغربي.