تحليل: إرث من الأزمات الدولية أمام بايدن.. وتعاملات ترامب السرية العائق الأكبر

العالم
نشر
10 دقائق قراءة
تحليل: إرث من الأزمات الدولية أمام بايدن.. وتعاملات ترامب السرية العائق الأكبر
Credit: GettyImages

هذا التحليل بقلم نك روبرتسون، محرر الشؤون الدبلوماسية الدولية في شبكة CNN.

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- قائمة مهام السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن طويلة ومعقدة، وقد تصطدم قريبًا بالمطبات التي خلفها سلفه دونالد ترامب.

في السنوات الأربع الماضية، تصاعدت التوترات مع الصين وإيران، وأصبحت روسيا مارقة، وأصبحت كوريا الشمالية تشكل تهديدًا نوويًا أكبر، وتضررت العلاقات مع الحلفاء. لكن ربما يكون أكبر عائق أمام بايدن هو أن الكثير من تعاملات الرئيس السابق في الخارج كانت محاطة بالسرية.

خلال تنصيبه، كانت رسالة بايدن إلى الحلفاء، وضمنيا للأعداء، بسيطة، وهي حسبما قال: "لمن هم خارج حدودنا: لقد تم اختبار أمريكا وخرجنا أقوى من أجلها. سنصلح تحالفاتنا ونشارك مع العالم مرة أخرى".

لكن الانخراط لن يكون سهلاً، حيث تم الكشف عن اختياراته للوظائف الإدارية العليا خلال جلسات استماع في اليوم السابق للتنصيب. كان سلف بايدن غير تقليدي إلى أقصى الحدود، إذ التقى بأعداء مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون وجهاً لوجه، تاركاً الكثيرين في إدارته والعالم يتساءلون عما وافق عليه.

أنطوني بلينكن، الذي اختاره بايدن لمنصب وزير الخارجية، قال أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ عدة مرات إن الإدارة الجديدة لا تعرف حجم المشاكل التي ترثها.

في أفغانستان، حيث يستمر سحب القوات الأمريكية، بناءً على اتفاق الإدارة السابقة مع حركة "طالبان"، لم يتم إطلاع فريق بايدن بعد على التفاصيل الكاملة المتعلقة بالاتفاق.

وقال بلينكن لمجلس الشيوخ: "علينا أن ننظر بعناية فيما تم التفاوض عليه بالفعل... لنفهم بشكل كامل ما هي الالتزامات التي تم التعهد بها مع طالبان أو التي لم يتم التعهد بها".

قال العديد من المسؤولين الأفغان، الذين تحدثوا العام الماضي بشرط عدم الكشف عن هويتهم لحماية علاقة حكومتهم بالإدارة السابقة، إنهم يعارضون الصفقة بين الولايات المتحدة وطالبان لأنها تعرض الأفغان للخطر، ويريدون من بايدن إنهاءها.

المملكة العربية السعودية، حليف آخر للولايات المتحدة، تحمل تحديات أيضًا لبايدن.

قال بلينكين لأعضاء مجلس الشيوخ إن أولوية إدارة بايدن ستكون اكتشاف مدى تورط الولايات المتحدة في حرب السعودية في اليمن "أولاً وقبل كل شيء، التأكد من أننا نفهم بالضبط ما هو الدعم الذي نقدمه حاليًا".

العلاقات مع السعودية، الحليف الوثيق خاصة للإدارة السابقة، قد تتوتر. وقال بلينكن في جلسة الاستماع: "سننهي دعمنا للحملة العسكرية التي تقودها المملكة العربية السعودية في اليمن"، على الرغم من أنه ألمح أيضًا إلى أنهم قد يكونوا مستعدين للتوصل إلى درجة من التسوية، قائلاً: "علينا القيام بهذا للمساعدة في الدفاع عن السعودية ضد العدوان الموجه للسعودية، بما في ذلك من اليمن".

ربما يكون الضرر الأكبر للعلاقة الثنائية هو التداعيات المستمرة للقتل الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018.

وقالت أفريل هينز مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية الجديدة في إدارة بايدن، إنها ستكشف تقريراً عن مقتل خاشقجي للكونغرس، قائلة لأعضاء مجلس الشيوخ: "سأتبع القانون بالتأكيد".

العلاقات مع الحليف الوثيق إسرائيل لن تكون بسيطة أيضا بعد احتضان وثيق من الإدارة السابقة. سيحتفظ بايدن بالسفارة الأمريكية في القدس، لكن وفقا لما قاله بلينكن، سيتم إعادة ضبط السياسة الأمريكية التقليدية للضغط من أجل "حل الدولتين"، مضيفا: "التحدي بالطبع هو كيفية المضي قدمًا".

لكن أعداء أمريكا، بحسب بلينكن، هم من ستكون لهم الأولوية، مع وجود روسيا في مرتبة متقدمة على "جدول الأعمال".

خلافا لكثيرين في الإدارة السابقة، انتقد بلينكن علنًا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن اعتقال زعيم المعارضة أليكسي نافالني. وقال "إنه لأمر غير عادي مدى خوف فلاديمير بوتين من رجل واحد"، مضيفًا أن التحدي الذي تمثله روسيا "أمر ملح".

ولكن الصين هي التي تشكل أكبر اختبار لقوة الولايات المتحدة، وفقًا لبلينكن، الذي قال: "لا شك في أنها تشكل أكبر تحد تمثله أي دولة للولايات المتحدة".

وقال مرشح بايدن لمنصب وزير الدفاع، الجنرال المتقاعد لويد أوستن، الشيء نفسه خلال جلسة الاستماع: "يجب أن تكون آسيا محور جهودنا، وأنا أرى الصين على وجه الخصوص على أنها تحدٍ مُلح للوزارة".

وأحد الأدلة على ذلك جاء بعد وقت قليل من أداء بايدن اليمين الدستورية لتولي الرئاسة، إذ فرضت بكين عقوبات على 28 من الأعضاء السابقين في الإدارة الأمريكية السابقة، متهمة إياهم "بسلسلة من التحركات المجنونة التي تدخلت بشكل خطير في الشؤون الداخلية للصين".

وجاءت هذه الخطوة بعد سلسلة من التحركات النهائية من قبل البيت الأبيض المنتهية ولايته والتي استهدفت الصين، بما في ذلك عقوبات على مسؤولين، وإعلان إدارة ترامب في يومها الأخير أن الحكومة الصينية ارتكبت إبادة جماعية ضد مسلمي الأويغور والأقليات العرقية والدينية في منطقة شينجيانغ الغربية.

عندما وجه السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام سؤالا إلى بلينكن عما إذا كان يتفق مع سلفه على أن الحزب الشيوعي الصيني "شارك في إبادة جماعية ضد السكان المسلمين الأويغور"، قال بلينكين: "نعم".

ومع ذلك، يبدو أن بكين تشير أيضًا إلى استعدادها للتعاون مع إدارة بايدن الجديدة. في مؤتمر صحفي دوري يوم الأربعاء، طلبت متحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية من بايدن أن ينظر إلى الصين بعقلانية وموضوعية، وأن يلتقي بالصين في منتصف الطريق، وبروح الاحترام المتبادل والمساواة والمنفعة المتبادلة، ودفع العلاقات الصينية الأمريكية إلى المسار الصحيح للتنمية الصحية والمستقرة في أسرع وقت ممكن.

بدأت تحركات بايدن بالفعل، بتوقيع أوامر تنفيذية، بما في ذلك إعادة الانضمام إلى اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ التي انسحب منها سلفه، وبذلك، وفقًا لبلينكن، فإن حشد الدعم الحيوي من الحلفاء سيوفر "مصدر قوة لنا في التعامل مع الصين".

العلامات المبكرة لبايدن جيدة، وكان تدفق الدعم من الحلفاء قويًا.

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، المتحدثة باسم ما يقرب من نصف مليار مواطن من الاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء: "هذا الفجر الجديد في أمريكا هو كنا ننتظرها طويلا. أوروبا مستعدة لبداية جديدة مع الشريك الأقدم والأكثر ثقة".

على رأس أولويات الاتحاد الأوروبي، دفع بايدن إلى تغيير مسار الإدارة السابقة بشأن إيران وإعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الذ تم التوصل إليه عام 2015. وبحسب بلينكن، قد يكون ذلك ممكنا، إذ قال: "إذا عادت إيران إلى الامتثال، سنفعل ذلك أيضاً".

من المحتمل أن يظهر سؤال الآن هو من الذي يقفز أولاً؟ قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، الأربعاء، إن "الكرة في الملعب الأمريكي الآن. إذا عادت واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، فسنحترم التزاماتنا بموجب الاتفاقية بالكامل".

وقالت جين ساكي، مديرة الاتصالات في إدارة بايدن، للصحفيين، في أول إحاطة إخبارية للإدارة الجديدة، إن بايدن يريد "إطالة وتعزيز القيود النووية على إيران ومعالجة قضايا أخرى" ، وهو ما رفضته إيران كلها من قبل.

وقال وزير الخارجية الإيراني إن ترامب "إلى سلة مهملات التاريخ في عار"، مضيفًا: "ربما تعلم الأشخاص الجدد في واشنطن".

في غضون ذلك، تواصل إيران زيادة مخزونها غير القانوني من اليورانيوم المنخفض والمتوسط ​​التخصيب، فضلاً عن صنع معدن يورانيوم محظور يقصر طريقها إلى قنبلة نووية.

في جلسة الاستماع، قال الجنرال أوستن في شهادته إنه "إذا حصلت إيران على قدرة نووية، فسيكون التعامل مع كل مشكلة نواجهها في المنطقة أكثر صعوبة بسبب ذلك".

لقد ورث الرئيس بايدن بالفعل لوحة ممتلئة بمشاكل السياسة الخارجية الملحة. إذا تعامل معها بشكل صحيح، فإن حلفاء أمريكا سيساعدون، ويمكن أن يصبح العالم أكثر أمانًا.