| الجيش اللبناني: عتاد قديم وتجهيز هزيل |
دبي، الامارات العربية المتحدة (CNN)-- ثمة من يرى أن تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب الحالي، والتوصل إلى حل للمسائل العالقة بين لبنان وإسرائيل، سيكون لهما الدور المهم في تقرير ، وبالتالي في التغيير البنيوي الذي سيلحق بالجيش اللبناني على مستوى القدرات والتجهيزات. ففي ضوء المجابهات العسكرية الدائرة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بين مقاتلي حزب الله والجيش الإسرائيلي، والتحركات السياسية الساعية إلى إيجاد تسوية للأزمة، اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بالإجماع في 7 أغسطس/آب ينص على "استعداد الحكومة لإرسال قوة من الجيش اللبناني قوامها 15 ألف جندي، وانتشارها في منطقة الجنوب، وذلك مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق. وأبدت الحكومة في القرار موافقتها على "الاستعانة عند الحاجة بقوة إضافية من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، لتسهيل عملية دخول الجيش اللبناني إلى تلك المنطقة. ولإظهار الحكومة جديتها في تنفيذ القرار، أعلنت قيادة الجيش اللبناني استدعاء العسكريين الموضوعين ضمن قائمة الاحتياط الأول، أي الذين لم يمض على تاريخ تسريحهم خمس سنوات، إلى الخدمة في الجيش، ودعتهم إلى الالتحاق بمقرات الجيش المحددة لهم خلال الفترة 10- 16 أغسطس/آب. وقد أكدت صحيفة "المستقبل" اللبنانية، التي يملكها رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، أن وزارة الدفاع اللبنانية أنجزت الخطة المتعلقة بنشر قوة من الجيش قوامها 15 ألف جندي وضابط في المناطق الحدودية جنوبي نهر الليطاني، ووفق هذه الخطة تتشكل القوة من خمسة ألوية، مدعومة بأفواج عدة، أساسها المدرعات والمغاوير. إلا أن كثيراً من المراقبين أبدوا شكوكهم في قدرة الجيش اللبناني على القيام بهذه المهمة، وخصوصاً أنه يفتقر إلى العتاد الدفاعي والهجومي الحديث والمتطور. الدور الجديد للجيش اللبناني.. مهمة تقليدية | سلاح البحرية اللبناني: متواضع العدد والعدة |
ينظر اللبنانيون إلى قرار الحكومة اللبنانية بنشر الجيش جنوب الليطاني بوصفه استكمالاً لجهود الحكومات اللبنانية منذ اتفاق الطائف الموقع عام 1989 لبسط سيطرة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية. وقد وصف كثير من السياسيين اللبنانيين قرار الحكومة هذا بأنه "خطوة تاريخية"، واعتبروا أنه يوكل إلى الجيش اللبناني المهمة التقليدية لكل جيوش العالم، وهي حماية أراضي الوطن، والدفاع عنها من أي عدوان خارجي محتمل. والجيش اللبناني بدوره يملك عقيدة عسكرية وطنية، ويعتبر أن من مهامه "مواجهة الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكررة على الجنوب اللبناني والبقاع الغربي، ودعم صمود المواطنين اللبنانيين، وذلك للتأكيد على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية حتى الحدود المعترف بها دولياً"، كما ورد في الموقع الرسمي للجيش على الإنترنت. واللبنانيون يثقون بالجيش اللبناني وبعقيدته الوطنية، ويعتقد كثير منهم أنه لا خوف من أن يتحول إلى حرس حدود لإسرائيل. وكان الأمين لحزب الله قد أشاد بالجيش اللبناني، وبالتزامه الوطني في خطابه المتلفز الذي بثته قناة "المنار" في التاسع من أغسطس/آب، واعتبر أن رفض الحزب السابق لما أسماه "استكمال نشر الجيش اللبناني جنوب الليطاني" لم يكن "خوفاً منه بل خوفاً عليه"، فوضع الجيش اللبناني على الحدود بإمكانياته الحالية المحدودة "سيضعه في فم التنين"، على حد وصفه، هذا بالنظر إلى أن الجيش الإسرائيلي يعد أشد قوة عسكرية ضاربة في الشرق الأوسط بأسره. إلا أن إسرائيل والولايات المتحدة تحديداً تريدان من الجيش اللبناني أن يخلي جنوب لبنان والبقاع الغربي من سلاح حزب الله، وأن يفرض سيطرته على الحدود مع سوريا لمنع دخول الصواريخ والعتاد إلى الحزب، وأن يفرض سيطرته كذلك على الحدود مع إسرائيل. هذا ما أكدته مصادر في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لشبكة CNN في 5 أغسطس/ آب من أن البنتاغون أبلغ الكونغرس بأنه وضع برنامجاً لتزويد الجيش اللبناني "بعربات عسكرية وقطع غيار لطائرات مروحية وأدوات حماية للأفراد وذخائر أسلحة خفيفة وقطع غيار أخرى" بقيمة 11 مليون دولار، وأن هذا البرنامج "سيساعد الجيش اللبناني في مواجهة المليشيات المسلحة والمنظمات الإرهابية داخل الحدود اللبنانية، كما سيساعد على تحسن المستوى الأمني على الحدود." مطرقة الجيش الإسرائيلي وسندان حزب الله إذاً، هل ستكون المهمة الجديدة للجيش اللبناني هي حماية أراضي جنوب لبنان وسكانه، ومواجهة أي خروقات أو اعتداءات إسرائيلية على أراضي لبنان وأجوائه ومياهه؟.. أم أن مهمته ستنحصر في نزع سلاح حزب الله أو على الأقل أن يكون حاجزاً بين مقاتلي "المقاومة الإسلامية" وبين أراضي إسرائيل؟.. أم أن الجيش سينتهي به الأمر إلى أن يقع بين "مطرقة الجيش الإسرائيلي وسندان حزب الله؟"، على حد وصف رئيس "اللقاء الديمقراطي"، النائب وليد جنبلاط. من الصعب الإجابة عن هذه الأسئلة حالياً، إذ يبدو أنه لا الحكومة اللبنانية ولا حزب الله ولا الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لديها تصور عملي وواضح لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، إلا أنه ثمة بعض المحددات التي يمكن أن تعين على استقصاء هذه المرحلة، وهي: المحدد الأول: لا شك في أن القدرات العسكرية للجيش اللبناني، لا تؤهله لتحمل أعباء مهمة الدفاع عن الأراضي اللبنانية ومواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المستقبلية وحده. المحدد الثاني: والراجح أن الجيش اللبناني لن يكون حريصاً على الصدام مع حزب الله، مثلما أن الحزب لن يكون حريصاً على الصدام مع الجيش اللبناني. المحدد الثالث: يقر مختلف الفرقاء اللبنانيون بأنه لا يمكن نزع سلاح حزب الله بالقوة، فالظاهر أنه لا يوجد أي طرف لبناني يريد إشعال حرب أهلية مرة أخرى في البلاد. السيناريوهات المستقبلية للعلاقة بين حزب الله والجيش اللبناني يرى مراقبون، أنه إذا أخذت المحددات الثلاثة السابقة في الاعتبار، فإن السيناريوهات المحتملة للعلاقة بين حزب الله والجيش اللبناني، وللوضع في جنوب لبنان، يمكن أن تكون الآتية: السيناريو الأول: استكمال الجيش اللبناني انتشاره في منطقة جنوب الليطاني وعلى الحدود مع إسرائيل، وبمساعدة من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل" بعد تعزيزها بمزيد من العدة والعتاد، وحزب الله يوافق على سحب سلاحه وصواريخه إلى شمال نهر الليطاني. السيناريو الثاني: نشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني على أن يحتفظ حزب الله بسلاحه في بقع محددة من الجنوب، ولكن ليس بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وقد يصلح هذا السيناريو إلى حين التوصل إلى تسوية للمسائل المعلقة بين لبنان وإسرائيل، مثل موضوع الأسرى، ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وخرائط الألغام. السيناريو الثالث: وهذا السيناريو وضعته المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (ICG)، ومقرها الرئيسي في بروكسل، في تقريرها الصادر في 12 إبريل/نيسان 2005 بعنوان "سوريا بعد لبنان، لبنان بعد سوريا"، والذي دعت فيه إلى الدمج التدريجي للجناح العسكري لحزب الله في الجيش اللبناني، ووضع الصواريخ التي بحوزة الحزب تحت سيطرة الحكومة اللبنانية، إلى أن يتم النزع التام لسلاح حزب الله ضمن عملية التقدم نحو إبرام اتفاقيتي سلام إسرائيلية - لبنانية وإسرائيلية - سورية. مراقبون رجحوا أن يكون السيناريو الأول هو الأكثر احتمالاً للتطبيق، وما يعزز صدقيته (السيناريو) أن المسؤولين اللبنانيين بعد صدور قرار نشر الجيش اللبناني أكدوا مراراً أنه "لا سلاح سيبقى جنوب الليطاني إلا سلاح الجيش اللبناني والقوة الأممية"، ومن هؤلاء المسؤولين رئيس مجلس النواب والمفاوض عن حزب الله نبيه بري، كما جاء في محادثاته مع مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ولش التي جرت في بيروت في 9 أغسطس/آب. وما يرجح هذا السيناريو أيضاً نص القرار 1701 القاضي بوقف العمليات العسكرية في لبنان، الذي صدر عن مجلس الأمن في 11 أغسطس/آب، والذي دعا إلى "إيجاد منطقة منزوعة السلاح تمتد من الخط الأزرق إلى نهر الليطاني." وفي المحصلة، فإن تطبيق قرار مجلس الأمن والتوصل إلى حل للمسائل العالقة بين لبنان وإسرائيل، سيكون لهما الدور المهم في تقرير مستقبل سلاح حزب الله، وبالتالي في التغيير البنيوي الذي سيلحق بالجيش اللبناني على مستوى القدرات والتجهيزات. الجيش اللبناني: عتاد قديم بتجهيز هزيل | الدبابات اللبنانية |
تتألف القوات المسلحة اللبنانية من ثلاثة أفرع: البرية، والبحرية، والجوية. إلا أن هذه الأفرع غير قادرة على القيام بعمليات عسكرية مشتركة، وذلك لغياب التوازن فيما بينها. فبينما يصل عدد منتسبي القوات البرية إلى 70 ألف جندي (22 ألفاً منهم محترفون)، فإن القوات البحرية والجوية لا يتعدى عدد منتسبيهما معاً 2000 عنصر، وفقاً لبيانات عام 2006. أما العتاد الذي يملكه الجيش اللبناني، فمصدره الولايات المتحدة الأمريكية، والباقي من المملكة المتحدة، وفرنسا، فضلاً عن أن سوريا كانت أهدته أسلحة سوفيتية الصنع. إلا أن أغلب هذا العتاد قديم ومحدود الإمكانات. فمنذ عام 2000 لم يدخل الجيش اللبناني إلى الخدمة أي معدات جديدة، هذا فضلاً عن النقص الهائل في الأسلحة والتجهيزات العسكرية، ولاسيما الثقيلة منها. القوات البحرية تقتقر القوات البحرية إلى القدرات القتالية للاشتراك في حرب، إذ تقتصر تجهيزاتها على 5 خافرات بريطانية من نوع ATTACKER واثنتين من نوع TRACKER، وزورقين فرنسيان من طراز EDIC، و27 زورقاً سريعاً أمريكياً، و25 قارباً للدوريات الساحلية، وهذه التجهيزات لا تؤهلها لأكثر من القيام بمهمات خفر السواحل والمراقبة واعتراض أي قوة صغيرة متسللة إلى السواحل اللبنانية، (كما يرد في الموقع الرسمي للجيش اللبناني على الإنترنت). القوات الجوية بينما تفتقر القوات الجوية إلى أي منظومة أرضية للدفاع الجوي الصاروخي أو أي طائرة نفاثة مقاتلة، إذ كانت فقدت في 1983 آخر طائرة مقاتلة لديها من نوع "هوكر هانتر" البريطانية الصنع. وتقتصر موجوداتها من الأسلحة على 30 طائرة مروحية أمريكية للنقل من نوع UH-1H، و4 مروحيات طراز روبنسون R44 Raven II المخصصة للتدريب، و16 طائرة مروحية أمريكية من نوع "هيوي". القوات البرية أما القوات البرية فتعد السلاح الأكبر والأهم في الجيش اللبناني، إذ تتشكل من خمسة قيادات للمناطق (بيروت وجبل لبنان والشمال والجنوب والبقاع)، و11 لواءً ، و5 أفواج تدخل، ولواء حرس جمهوري، وفوجي مدفعية، وفوج مغاوير، وفوج مغاوير البحر، وفوج المجوقل، إضافة إلى وحدات الدعم مثل الشرطة العسكرية واللواء اللوجستي وفوج الأشغال المستقل. إلا أن تسليح القوات البرية ليس أفضل كثيراً من السلاحين السابقين، إذ يقتصر العتاد الذي بحوزته على 200 دبابة روسية الصنع نوع تي 54 وتي 55، و100 دبابات أمريكية قديمة الصنع نوع M-48 A1/A5، و125 مركبات قتال مدرعة، منها 40 مدرعة فرنسية من نوع AMX-13، و750 ناقلة جند أمريكية من نوع M-113، و3000 آلية مدولبة أمريكية، و147 أسلحة مدفعية مقطورة، منها مدافع ميدان روسية الصنع عيار 120 ملم و133 ملم، و25 قاذفة صواريخ، و369 مدافع هاون عيار 81 ملم و82 ملم و120 ملم. كما تملك هذه القوات قذائف مضادة للمدرعات موجهة لاسلكياً مثل صواريخ "تاو" الأمريكية الصنع، وصواريخ "ميلان" و"إنتاك" الفرنسية الصنع، بالإضافة إلى عدد كبير من الأسلحة الخفيفة المضادة للدروع مثل الرشاشات غير المرتدة، فضلاً عن بعض المدافع المضادة للطائرات عيار 20 ملم و23 ملم، ورشاشات مضادة للطائرات أمريكية الصنع من نوع M-42 A1 عيار 40 ملم. هل الجيش اللبناني مؤهل لخوض حرب معاصرة؟ | يكاد لا يكون هناك سلاح جوي لبناني |
وفي دراسته التي تناولت قدرات الجيش اللبناني، والتي نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في 14 يوليو/تموز الفائت، يشك الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط أنتوني كوردزمان، أن جزءاً من تلك التجهيزات والمعدات غير صالح للاستخدام. وقد خلص كوردزمان في دراسته إلى أن الجيش اللبناني غير مؤهل لخوض حرب معاصرة، كما أنه لا تتوافر لديه الإمكانات اللازمة لمواجهة أي تهديد خارجي محتمل. كما أشار إلى مشكلات بنيوية أخرى يعانيها الجيش اللبناني، وفي مقدمتها، أنه، ورغم بدء الجيش منذ عام 1990 بعملية توحيده ودمج التشكيلات المسلمة والمسيحية لتخليصه من الانقسام الطائفي وتحويله إلى "قوة وطنية"، فإنه مازال يعاني من عواقب الحرب الأهلية، ومنها الولاءات السياسية والطائفية لأفراده وضباطه المحترفين. هذا فضلاً عن أن الجيش يعاني نقصاً واضحاً في التدريب، فالمجندون الإلزاميون يتلقون تدريباً لسنة واحدة فقط. وقد أكدت العمليات الحربية الناشبة على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية منذ 12 يوليو/تموز، الضعف الواضح في قدرات الجيش اللبناني، إذ كان يتلقى الضربات الإسرائيلية، الجوية والبحرية، دون أن تكون لديه القدرة على رد هذه الضربات. فخلال القتال الحالي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، سقط للجيش في هذه المواجهات 30 قتيلاً، فضلاً عن القصف الذي تعرضت له مواقع تابعة له، مثل مقر عام بنت جبيل، وثكنات في "الجمهور" وكفرشيما، ومركز الجيش في البترون، وموقع للجيش في العبدة، وقواعد بحرية في مرفأي طرابلس وبيروت، وقواعد جوية في رياق والقليعات، وكل محطات الرادار (حسب زعم الجيش الإسرائيلي). |