| من مظاهر الاحتجاج التي اجتاحت عدداً من الدول الإسلامية ضد الرسوم المسيئة للرسول. |
كراتشي، باكستان (CNN) --ككرة الثلج التي لا يبدو أنها ستستقر قريباً، اندفعت ردود الأفعال الساخطة والمستهجنة لبث فيلم "فتنة"، الذي أعده النائب الهولندي غيرت ويلدرز، واعتبر مسيئاً للإسلام، فتتالت البيانات من الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمين العام للأمم المتحدة، الذين أدانوا العمل باعتباره "مثيراً للكراهية" ، وشكلا من أشكال "التمييز ضد المسلمين." وبعد ساعات من عرض الفيلم الجمعة، سارت مظاهرات في العديد من المدن الإسلامية، فيما غصت المنتديات الإلكترونية بالمشاركين الذين اندفعوا إلى عرض أرائهم في القضية. بينما عرضت بعض المواقع، المعتادة على نشر بيانات التنظيمات المتشددة، نصوصاً حول عقوبة شتم الرسول، علاوة على إبراز تهديد زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في تسجيله الصوتي الأسبوع الماضي، الذي حمل عنوان " لتثكلنا أمهاتنا إن لم ننصر الرسول" ماثل في أذهان قادة أوروبا. (القصة كاملة) فقد أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا اعتبر فيه أن الفيلم الذي تبلغ مدته 15 دقيقة "معادياً للإسلام" و"مهيناً" و"ينشر الكراهية." وانضم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى المحتجين، وقال في بيان أصدره الجمعة: "أدين بأشد العبارات عرض فيلم غيرت ويلدرز المعادي للإسلام.. ليس هناك ما يبرر الخطاب القائم على الكراهية أو المحرض على العنف." وأضاف: "أرحب بجهود الحكومة الهولندية لوقف عرض الفيلم، وأطلب الهدوء من كافة الذين يشعرون بإهانة مبررة جراء عرضة.. يجب على الحرية أن تترافق دوماً مع إدراك المسؤولية الاجتماعية.. علينا أن نعي أن الخلاف الحقيقي ليس بين المسلمين والمجتمعات الغربية، كما يعتقد البعض، بل بين مجموعات صغيرة تضم متطرفين من الجانبين لديها مصلحة ثابتة في إثارة الخلاف والمشاحنات." وفي إيران، ندد المتحدث باسم وزاره الخارجية محمد علي حسيني الجمعة بالفيلم بشدة، معرباً عن "أسفه" لفشل جهود إيران وعدد من الدول الإسلامية والمسلمين المقيمين في هولندا خلال الأسابيع الماضية في منع عرض الفيلم، الذي وصفه بأنه "استفزازي ومعادي للإسلام." وأضاف حسيني أن هذا العمل "المشين" للنائب الهولندي والمؤسسة البريطانية التي استضافت عرض على موقع الانترنت "يدل على تمادي هذا الصنف من الغربيين في ممارسه الخبث والحقد العميق ضد الإسلام والمسلمين." وحذر الناطق بلسان الخارجية الإيرانية من تداعيات هذه الممارسات الاستفزازية، وطالب بالتدخل السريع للحكومتين الهولندية والبريطانية، وكذلك الاتحاد الأوروبي، لوضع حد لعرض الفيلم "المسيء لقيم أكثر من مليار مسلم." كما انتقدت منظمة المؤتمر الإسلامي عرض الفيلم الذي رأت أنه يشجع على الكراهية والتمييز ضد المسلمين، قائلة إن ويلدرز تحدى الجميع بعرضه. من جهته، انتقد اتحاد الصحفيين الدنماركيين الفيلم، لكن من زاوية مغايرة تماماً، إذ احتج على استخدام ويلدرز لإحدى الصور الكرتونية التي رسمها كيرت ويسترغارد، واعتبرت مسيئة للنبي محمد، دون الحصول على إذن. وفي أول رد فعل على عرض الفيلم المسيء للقرآن، خرج عشرات الباكستانيين في تظاهرات بمدينة كراتشي. وعرض فيلم ويلدرز، المعنوّن "فتنة" باللغتين الإنجليزية والهولندية، على موقع "لايفليك دوت كوم" البريطاني الخميس، أكثر المواقع تصفحاً. كما قامت بعض قنوات التلفزة الهولندية بعرض مقاطع منه. وكانت مواقع وشركات خدمات الإنترنت قد رفضت عرضه، في وقت حذّرت فيه الحكومة الأمريكية من أن عرض الفيلم قد يثير أعمال عنف واندلاع مظاهرات منددة. وقد سبق لشركة أمريكية تقدم خدمات استضافة المواقع الإلكترونية على الانترنت أن أعلنت الأحد، أنها علقت الموقع الذي كان مخصصاً لبث الفيلم بعدما "تلقت عدة شكاوى" تتعلق بمحتوياته من قبل الزوار. (التفاصيل) وكانت أعلى هيئة حقوقية تابعة للأمم المتحدة قد أصدرت الخميس، قراراً مقدماً من الدول الإسلامية، عبرت فيه عن قلقها الشديد حول الإساءة للأديان وحثت حكومات الدول المختلفة على منعها. وتبنى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، المكون من دول غالبيتها إسلامية وعربية، القرار بموافقة 21 دولة مقابل 10، رغم اعتراض أوروبا وكندا، وفقاً للأسوشيتد برس. وصوتت دول الاتحاد الأوروبي، من ضمنها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، ضد القرار، وقالت إن النص كان أحادياً لأنه ركز بشكل أساسي على الإسلام. وكان فترة التحضير للفيلم قد شهدت الكثير من ردود الفعل نحوه، إذ حرق متظاهرون الأعلام الهولندية في أفغانستان، كما قام وزير هولندي بتأجيل زيارته إلى الصومال في الخامس من مارس/آذار الجاري بسبب "تهديدات محددة" مرتبطة بالفيلم. وحاولت الحكومة الهولندية النأي بنفسها عن الفيلم، حيث قال رئيس الوزراء الهولندي، جان بيتر بالكينيند، للصحفيين أواخر فبراير/شباط الماضي، ""إنها مسؤوليتنا أن نوضح للجميع أن آراء وأفعال ممثل منتخب هي ليست آراء الحكومة.. نحن ندافع عن المبادئ الجوهرية للحرية والاحترام، ونضمن حرية التعبير والعقيدة، للمسلمين كما لأي شخص آخر." وكان الفيلم قد أثار ردود فعل واسعة أيضاً في دمشق وطهران وعواصم دول مسلمة أخرى. فقد أمرت الحكومة الباكستانية مزودي خدمة الإنترنت بمنع الدخول إلى موقع "يوتيوب"، لمنع الباكستانيين من مشاهدة الفيلم، الأمر الذي أدى، عن غير قصد، إلى توقف خدمة الموقع عالمياً لفترة قصيرة. (التفاصيل) أما المجلس الوطني المغربي، وهو تجمع معتدل للمغاربة في هولندا، قال إنه يحاول "تحييد التهديد" الذي يطرحه الفيلم، ولكنه لا يستطيع أن يستبعد العنف تماماً. (القصة كاملة) وسبق أن نقلت تقارير صحيفة ردود فعل غاضبة من الأزهر، حيث حذر المفتي الدكتور محمد سيد طنطاوي، من عرض الفيلم. وقال طنطاوي لصحيفة الخليج الإماراتية: "التطاول على القرآن الكريم والإساءة لرسول الإسلام من ضروب العبث الذي ينبغي على كل العقلاء مواجهته بحزم والضرب بيد من حديد على أيدي من يقومون به." وأضافت نقلاً عنه: "لو تطاول مسلم على الكتب السماوية المقدسة لغير المسلمين أو أهان نبياً أو رسولا من أنبياء الله ورسله لطالبنا نحن المسلمين بمعاقبته عقابا رادعا، و'قطع رقبته.'" (المزيد) ويأتي عرض هذا الفيلم في أعقاب قيام مجموعة من الصحف الدنماركية بإعادة نشر الرسوم المسيئة للرسول كرد على ما سمي بـ"مؤامرة اغتيال" الرسام الدنماركي الذي نفذ الرسوم، والتي كشفتها حكومة بلاده بالقبض على تونسيين ودنمركي من أصل مغربي. ورداً على الخطوة الدنماركية بنشر الرسوم المسيئة للرسول، اتهمت منظمة الأمن والتعاون الأوروبي الدنمارك بممارسة التمييز في معاملة الجالية المسلمة فيها، وحملت حكومة كوبنهاغن المسؤولية الكاملة عن ذلك، وفقاً لبيان نشرته وكالة الأنباء الإسلامية مؤخرا. وأثارت الرسوم المسيئة للرسول احتجاجات واسعة النطاق ضد الدنمارك، وأسفر بعضها عن حرق مقر السفارة الدنماركية في دمشق، كما أدت إلى سقوط عدد من القتلى خلال محاولات منع التظاهرات.(التفاصيل) |