CNN CNN

دفتريوس: دروس برلين وقيام العملاق الاقتصادي الأوروبي

كتب: جون دفتريوس
الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:23 (GMT+0400)

الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وحدة ألمانيا فتحت باب الوحدة لأوروبا
وحدة ألمانيا فتحت باب الوحدة لأوروبا

أذكر أنني كنت في منتصف العقد الثاني من عمري، وفي السنة الأولى من عملي كمراسل في أوروبا، عندما طُلب مني متابعة حدث كنت أعرف أنه ليس تاريخياً فحسب، بل سيكون له ارتدادات كثيرة للأعوام والعقود المقبلة.

وقد وصلت إلى برلين بعد يومين على سقوط الجدار الذي كان يقسم المدينة بين المعسكرين الشرقي والغربي، ولكنني كنت قد زرت المدينة قبل ذلك بعام لحضور اجتماع صندوق النقد والبنك الدولي، الذي كان بالفعل اجتماعاً تاريخياً، حيث أن المشرفين على المؤسستين الدوليتين كان لديهما للمرة الأولى إحساس مسبق بالمنعطفات التي سيدخلها العالم.

وخلال تلك الاجتماعات، تمكنت من دخول برلين الشرقية لللإطلاع على الطريقة التي يعيش من خلالها الناس في ظل النظام الشيوعي، وخلال زيارتي كان الكثير من الأشخاص يحاولون إقناعي همساً بتبديل الدولارات التي أحملها في السوق السوداء، بينما كان عناصر حرس الحدود يلتقطون الصور للزوار الأجانب، وهم يشعرون ضمناً بأن لعبة القط والفأر الجارية قد اقتربت من نهايتها.

وفي الواقع، لا يمكن وصف تلك التجربة سوى بأنها "رمادية"، وذلك بالاعتماد على ألوان الأبنية الموجودة في المدينة، ووجوه السكان الشاحبة.

وقد ساعدتني هذه الزيارة على إدراك عمق التغييرات التي تحققت بعد سقوط الجدار، فقد قام سكان ألمانيا الغربية باحتضان جيرانهم في الجانب الشرقي أول الأمر، ولكن التذمر بات واضحاً في الجانب الغربي، عندما حانت ساعة تسديد الفواتير، نظراً لحاجة الجانب الشرقي لمبالغ ضخمة لإعادة إعمار البلاد والقضاء على الفقر والبطالة.

ورغم أن تداعيات انهيار الشيوعية سُجلت في الكثير من كتب التاريخ، ولكن جزءا منها، وخاصة ما يتعلق بالآثار الاقتصادية، لم ينل حصته من التغطية الضرورية. فعلى سبيل المثال، لم يقبل سكان الجانب الشرقي من ألمانيا قرار تبديل عملتهم بالمارك الألماني الغربي إلا بعد مساواتهما، وقد كلف ذلك الجانب الغربي 50 مليار دولار، بعد أن كان يعرض تقديم مارك غربي واحد لكل خمسة ماركات شرقية.

وقادت هذه الأمور لاحقاً نحو انتخابات عامة في البلاد، ودخول ألمانيا إلى الوحدة الأوروبية التي قاد مشروعها المستشار هيلموت كول والرئيس الفرنسي فرنسوا ميتيران، ورئيسة الوزراء البريطانية، مارغريت ثاتشر.

لقد كان لدى أولئك القادة الكثير من الأفكار الكبرى، ورغم المصاعب التي اعترضت مشاريعهم، إلا أنهم ساروا بها حتى باتت العملة الأوروبية الموحدة "يورو" واحدة من أقوى العملات في الأسواق الدولية، وبات الاتحاد الأوروبي يضم 27 دولة، تقيم مع بعضها سوقاً مشتركة تضم 500 مليون مستهلك.

ويطرح البعض اليوم الكثير من الأسئلة حول الإصلاحات التي تمت، وما إذا كانت كافية. والجواب هو بالطبع لا، فالهجرة غير الشرعية تتدفق على دول جنوبي القارة، في حين أن الحواجز التجارية لدى بعض الدول المتقدمة في الشمال ما تزال قائمة.

ولكن إذا عدنا بالزمن إلى عام 1989، فسنجد أن الكثير ممن شككوا في صحة قرار الوحدة الأولية يؤمنون بأن أوروبا الجديدة باتت أفضل بكثير مما خطط لها، باستثناء الإصلاحات الضرورية على أسواق العمل، والتي يشكل التأخر في تنفيذها عقبة أساسية أمام إتاحة المزيد من الفرص للأجيال المقبلة.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.