/منوعات
 
2000 (GMT+04:00) - 23/05/09

معارضة دولية واستهجان لصفقة زواج ضحيتها طفلة بالسعودية

تقرير: عروب تاج الدين

 

ما المسؤول عن ضياع الطفولة؟

ما المسؤول عن ضياع الطفولة؟

(شاهد التقرير)

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- قد لا يكون قرار القاضي السعودي الذي قام بتزويج طفلة في الثامنة من عمرها لرجل في السابعة والأربعين لسداد دين، هي أول حادثة من نوعها في المملكة العربية السعودية.. لكن الضجة الإعلامية التي رافقتها أظهرت أن الأمر هو جزء من ظاهرة عامة ذات أبعاد متشعبة.

فقد رفض القاضي، الشيخ حبيب عبدالله حبيب، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إبطال عقد زواج بين الطفلة والرجل مرتين، بعد أن تم الزواج باتفاق من والد الطفلة، الذي تبين أنه منح ابنته بدل سداد أموال كان يدين بها للرجل، ورفض طلب الأم إلغاء العقد، بحجة أن الأم ليست الوصي الشرعي للطفلة، وبالتالي لا يمكن أن تمثل ابنتها في مثل هذه الإجراءات.

وبعد النبأ الزواج الذي تناقلته الصحف السعودية، أجرينا استبيانا للرأي على موقعنا CNN بالعربية، حيث صوت 5221 شخص، أي ما يعادل 79 في المائة من القراء بالمعارضة لقرار القاضي السعودي، مقابل تأييد 1401 شخص يمثلون 21 في المائة فقط من المشاركين، وذلك من أصل 6622 مشاركا في عملية إبداء الرأي، علما أن نهج التصويت ليس علميا.

ودفع الزخم الإعلامي الذي رافق قرار رفض إبطال الزواج، إلى إعلان وزير العدل السعودي، محمد بن عبد الكريم العيسى، عن خططه لاستصدار قانون يحمي الفتيات القاصرات من حالات زواج رجال يكبروهن سناً، ويمنع إجبارهن على ذلك ويحمي حقوقهن.

غير أن وزير العدل السعودي، لم يوضح ما إذا كان سيتضمن تجريماً لمثل هذه الممارسات أو ما إذا سيحظر زواج الأطفال بشكل نهائي.

من جانبه، علق سلمان الدوسري، مسؤول تحرير صحيفة الشرق الأوسط السعودية، في مقابلة مع CNN بالعربية على الأمر قائلا "إن هذه الزيجات كانت في يوم من الأيام، منذ عشرات السنين مقبولة، وذلك عندما كان المجتمع مغلقا، وكانت المسألة طبيعية، والزواج كان مبكرا للرجل والمرأة.. أما الآن فقد أصبحت المسألة مختلفة."

وأضاف الدوسري أن إعلان وزير العدل محمد العيسى أن هناك إجراءات لتقنين زواج القاصرات، "استند ليس لأدلة شرعية، ولكن للمصلحة العامة، والمصلحة العامة تتطلب أن يكون هناك تقنين لهذا الزواج."

وقال الدوسري "إن النظام القضائي في المملكة يعتمد على النظام الشرعي وعلى اجتهادات القضاء وليس على التدوين.. لذلك هناك اختلاف بين أحكام القضاة"، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود بعض القضاة في السعودية الذين رفضوا تزويج قاصرات من كبار السن.

وأضاف الدوسري أن الإصلاحات عادة ما تحتاج إلى وقت، حيث قال: "لا يجب توقع حدوث إصلاحات في القضاء بين يوم وليلة، نحتاج إلى فترة من الوقت حتى يتم استيعاب هذه الإصلاحات التي تأتي من أعلى السلطة السياسية في البلاد."

ومن جانبه عبر البيت الأبيض، على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، روبرت وود، عن أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر هذه القضية "انتهاكا واضحا لحقوق الإنسان."

وأضاف وود، أن الولايات المتحدة عبرت مرارا عبر سفارتها في السعودية، عن رفضها القاطع لهذا النوع من الزواج، مشيرا إلى أن هذه القضية "لا تثير قلق الولايات المتحدة وحسب، وإنما المجتمع الدولي ككل،" على حد تعبيره.

ويبدو أن والدة الطفلة، التي كشفت عن الصفقة التي أجراها طليقها لتزويج طفلتها، لم تجد أمامها إلا الإعلام ملاذا لإبطال الزواج، بعد أن رفض القاضي فسخ هذا العقد، بل وأنكر على الأم أن تنتصر لطفولة ابنتها.

إلا أن الدكتورة وداد لوتاه، والتي تعمل كموجهة أسرية في محاكم دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أشادت بدور الأم، وقالت: "إن تصرف الأم، كان تصرفا صحيحا ولابد أن لا يؤاخذها الشرع على ذلك، ولا حتى العلماء، لأنه أمر من حق الأم، التي هي أدرى بابنتها."

وأكدت لوتاه أنها لا تتفق مع هذا النوع من الزواج، خاصة عند النظر إليه من ناحية نفسية وأسرية واجتماعية وصحية، وتزويج الفتيات لأغراض مالية أو تجارية، دون النظر إلى المشاكل الصحية التي قد تتعرض لها الفتاة جراء الزواج في مثل هذا العمر.

وأشارت لوتاه في هذا الصدد إلى الجهل الذي ينتشر في الكثير من المجتمعات النائية، التي "لا تزال متقيدة بعادات قديمة، تختلف عن متطلبات الزمن الحالي،" على حد تعبيرها.

وأثارت القضية، التي يعود تاريخها إلى ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انتقادات واسعة محلياً ودولياً، من قبل منظمات حقوق إنسان عالمية.

فعبرت منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" عن قلقها إزاء قرار القاضي، حيث قال عبد الرحيم صابر، مسؤول مشروع حماية المدنيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن القرار يعد "خرقا لمواثيق حقوق الإنسان، وخرقا للقانون الدولي وخرقا لقانون حقوق الطفل."

وأضاف صابر: "هذه تعد متاجرة بطفلة من أجل تسديد ديون مالية."

أما أيمن أبو لبن، المتحدث باسم منظمة اليونيسيف في منطقة الخليج، فقال إن المنظمة "تعتقد أن زواج الطفل ينتهك حقه في أمور كثيرة، منها حقه في اختيار الشريك والحق في الصحة والحق في التعليم."

وأشار أبو لبن إلى أن الزواج في هذه السن قد يكون سببا في تأخير تعليم الفتاة، بالإضافة إلى أنه قد يسبب مشاكل صحية لها.

advertisement

أضاف أبو لبن: "نحن بالحقيقة أصدرنا بيانا واضحا جدا، قلنا فيه أن هذه الطفلة تتعرض لانتهاك حقها الطبيعي، وبالتالي نحن كمنظمة اليونيسيف نعارض بشكل شديد وبشكل صريح هذا الزواج."

وكانت صحيفة "الوطن" السعودية قد نقلت عن الخبير القانوني، المستشار خالد بن سعيد الشهراني، أن التنظيم الجديد الذي أشار إليه وزير العدل "سيحد من عملية المغالاة في المهور، خاصة لدى 90 في المائة من حالات زواج القاصرات، التي تتم طمعاً في أموال كبار السن."

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.