فيلم الأسبوع "أناس ظرفاء":كوميديا فوضى العلاقات الإنسانية

عرض: حسام طوقان

ساندلر يقدم أداء متميزا زيجمع بين الكوميديا والتراجيديا

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)--  في الفيلم الجديد للنجم الأمريكي آدام ساندلر، Funny People (أناس ظرفاء)، تبرز عدة قضايا، إذ يرصد إمكانية أن يعيد الإنسان بناء حياته من جديد مهما بلغ من العمر وبصرف النظر عن التجارب التي مر بها، في إطار فكاهي، لا يهدر المعنى، ويتجنب الوقوع في قالب كئيب من الجدية في آن.

ويرصد الفيلم تشابك العلاقات البشرية التي تتنازعها الأهواء المختلفة، فيتحدث عن قيم الصداقة والحب والعائلة ويلقي الضوء على معاناة المجتمع الأمريكي في إطار العلاقات الإنسانية، ويبرز أهمية أولويات المحبة والصداقة والعائلة، مظهرا رسالة في غاية النبل.

وقدم آدم سانلر شخصية جورج سيمونز بكثير من الحرفية والإضحاك، وتمكن من الجمع بين الجوانب الدرامية والفكاهية من هذه الشخصية المعقدة، فيما تمكن سيث روغان ببراعة يحسد عليها إبراز شخصية أيرا الكوميدي المعذب، الذي يحاول شق طريقه بالحياة بأي شكل كان.

فالفيلم، المليء بالكوميديا، رغم طابعها المحلي الأمريكي، يتحدث عن النجم الفكاهي جورج سيمونز (آدم ساندلر)، الممثل الذي اشتهر سينمائيا وبرع في إقامة عروض مضحكة على المسارح Stand-up comedy، والذي يكتشف أنه يعاني من مرض السرطان، فتنقلب حياته رأسا على عقب.

وعلى صعيد مواز نشاهد حياة الكوميديان أيرا (سيث روغان)، الذي يسكن مع شريكين أكثر نجاحا منه في عالم الكوميديا في شقة واحدة، وتبرز حيرته وهو يحاول الوصول إلى النجاح وتجنب العمل في مطاعم الأكل السريع.

وأثناء ذلك  يتعرف جورج على  أيرا خلال تقديم الأخير لمجموعة من وصلاته الكوميدية التي لا تحظى بقبول واسع من قبل الجمهور، فيقرر أن يوظفه عنده ليكتب له النكات عند عروضه وليهتم به أثناء محنته الكبيرة.

وبعد ذلك يبدأ جورج بمراجعة حياته، بالتعاون مع أيرا، ليكتشف أنه رغم المال والنجاح الذي حققه، إلا أنه لم يكن سعيدا إذ ابتعد عن عائلته، وهو ما تجلى في مشهد دال عندما التقى شقيقته وتبين أنه لم يلتقِ بأولادها منذ سنوات، وهو ما دفعه لأن يخبر "شريكه" الجديد أيرا أنه "ارتكب كل خطأ ممكن ارتكابه في حياته."

ويسعى جورج للبحث عن عشيقته أيام الصبا، لورا (ليزلي مان) التي لطالما أحبها، ولكنه خانها، ما دفعها إلى تركه في الماضي، ليلتقي بها مجددا ويكتشف أنها تزوجت رجل أعمال أسترالي ولها طفلتين جميلتين.

ويعترف جورج عند لقائه بها بأنها كانت حب حياته، وأنه أخطأ بحقها، ليدخل مجددا في حياتها، ويحاول أن يصبح جزءا منها، إلى أن تتم المفاجأة الكبرى بالفيلم ويتبين أنه شفي من مرضه، ليعود ويحاول مجددا اكتساب محبتها وإقامة علاقة معها.

ويسعى الثنائي جورج وأيرا إلى الدخول في حياتها مجددا بحيث يزورونها في بيتها، ويحدث نوع من التقسيم الطريف للعمل بين الطرفين، ففيما يشغل أيرا ابنتي لورا، يحاول جورج التعبير عن حبه لها، مما يؤدي إلى أن يمارسا الجنس معا.

وإثر ذلك يجلس أيرا وجورج مع لورا وابنتيها، كي يتعشوا سويا استعدادا  لمغادرة المنزل ليفاجئهم زوجها بالحضور من رحلة إلى الصين، وتبدأ سلسلة من المفارقات الكوميدية، حيث يحتار كيف سيقنع جورج ولورا الزوج بعلاقتهما، وبأنها ينويان أن يكونا سويا، فيما يؤنب أيرا ضميره الذي لا يريد رؤية هذه العائلة أن تتفكك.

ولا يبدو على الزوج الشك بل ويطلب من الثنائي الكوميدي المبيت عندهما، لتفاجئه لتنكشف الأمور في اليوم التالي وتبدأ سلسلة من المشاكل، وتحتار لورا بين الحفاظ على عائلتها والعودة إلى جورج، لتكتشف بالنهاية أن عائلتها أولى بها.

أما بالنسبة لجورج فهو يطرد أيرا بعد أن اعتقد أنه وشى به لزوج لورا، ويطرده، ليكتشف لاحقا أن قيمة الصداقة أهم من جميع الاعتبارات، ويعود ويصالحه مجددا، ليبدآ شراكة عمل جديدة ويعودان للمحاولة بالإقلاع في عالم الكوميديا من جديد.

ورغم جودة الكوميديا المطروحة في الفيلم، إلا أن سيناريو "جد أبتاو"، وهو مخرج الفيلم أيضا،  كان طويلا جدا حيث استغرق ما يزيد عن الساعتين، مما دفع الحبكة أحيانا إلى أن تفلت من بين يديه ضمن محاولته إبراز توازي حياة جورج وأيرا منفصلين من جهة، إضافة إلى حياتهما المشتركة من ناحية أخرى.

وعلى صعيد آخر فمن خلال النقلات السريعة بالكاميرا وقدرته على إضحاك الناس، تمكن أبتاو من منع الإملال على صعيد الفيلم، فبات هذا العمل السينمائي، عملا يجمع بين الكوميديا الشديدة الإضحاك، والبذيئة أحيانا، والدراما الجادة التي ترصد تعقيدات العلاقات الإنسانية.