/الشرق الأوسط
 
1717 (GMT+04:00) - 06/01/09

الهجوم على غزة: النتائج والتداعيات

 دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- منذ شن القوات الإسرائيلية هجومها على قطاع غزة في 27 ديسمبر/كانون الأول عام 2008، تكبد الفلسطينيون في القطاع خسائر هائلة في الأرواح والبنى التحتية، وفي المقابل أصاب الإسرائيليين شيء من رد المنظمات العسكرية الفلسطينية، إلا أن آلة الحرب الإسرائيلية خلَّفت في قطاع غزة دماراً وقتلاً وتشريداً ربما لم يشهد له القطاع مثيلاً في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

هذا التقرير يستقصي النتائج والتبعات البشرية والمادية، على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، منذ بدء إسرائيل عملية "الرصاص المصبوب" في السابع والعشرين من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي وحتى نهاية يوم الرابع من شهر يناير/كانون الثاني عام 2009.

غزة

• القتلى والجرحى

أسفرت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة حتى الآن عن مقتل ما يفوق 507 فلسطينيين، بينهم 107 أطفال و36 امرأة، وجرح أكثر من 2450 آخرين، وفق ما أعلن وكيل وزارة الصحة الفلسطينية حسن خلف.

وتمكنت إسرائيل من استهداف عدد من الرموز الفلسطينية، السياسية والعسكرية، ففي اليوم الأول من الهجمات الجوية المباغتة التي استهدفت المقار الأمنية والشرطية قتل اللواء توفيق جبر قائد عام الشرطة في غزة والعميد إسماعيل الجعبري رئيس جهاز الأمن والحماية، إلى جانب 165 رجل شرطة مدنياً. وقتل أيضاً الدكتور نزار ريان القيادي البارز في حركة "حماس"، هو و13 فرداً من عائلته في مطلع العام الجديد نتيجة قصف منزله في بلدة جباليا، وكذلك عدد من قادة وأفراد كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، أبرزهم أبو زكريا الجمّال.

• الأضرار المادية

بحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بغزة، أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى تدمير أكثر من 67 مقراً شرطياً وأمنياً وعسكرياً (المقر العام للشرطة الفلسطينية، ومراكز الشرطة في الأحياء، ومبنى الأمن الوطني المسمى السرايا، والسجن الرئيسي/ ومراكز التدريب)، وما يزيد على 25 مبنى حكومياً (مباني وزارة التربية والتعليم العالي، ووزارة العدل، ووزارة المالية، ووزارة الخارجية، ووزارة الداخلية، ومبنى المجلس التشريعي، ومكتب رئيس الحكومة، ومقر الرئيس الفلسطيني السابق المسمى "المنتدى")، إلى جانب المقار التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" (مبنى فضائية الأقصى، وجريدة الرسالة المقربة من الحركة).

وقصفت إسرائيل أيضاً المباني المدنية مثل المساجد (11 مسجداً دمرت بشكل كامل)، والمؤسسات التعليمية (الجامعة الإسلامية بغزة، ومدرسة للأونروا، والمدرسة الأمريكية شمال القطاع)، كما قصفت مستشفى "الشفاء"، ومستودعاً للأدوية، واستهدفت أيضاً ممتلكات للمواطنين مثل ورش الحدادة (20 ورشة)، ومحلات للصرافة (4 محلات) ومحلات تجارية أخرى، إلى جانب قصف عشرات المنازل، والسيارات.

ووسعت القوات الإسرائيلية هجماتها مستهدفة البنية التحتية، فقصفت برج المراقبة في مطار غزة الدولي، وعدداً من الطرق الرئيسية الطولية الواصلة شمال القطاع بجنوبيه، والجسور فوق وادي غزة في الجنوب، ووفقاً للمنسق الخاص للأمم المتحدة لمسار محادثات السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري، فإن "معظم البنية التحتية في القطاع قد تم تدميره".

 • النازحون

وفقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، هناك حالة من النزوح  الجماعي والتهجير القسري غير المسبوق في صفوف المدنيين الفلسطينيين، جراء الغارات المتواصلة على الشريط الحدودي مع إسرائيل والشريط الحدودي مع مصر. وإلى جانب الفلسطينيين الذين شردوا نتيجة قصف منازلهم، أدى توجيه الجيش الإسرائيلي عشرات الإنذارات بإخلاء منازل وتهديد ساكنيها بقصفها على رؤوس قاطنيها، إلى هجر مزيد من الأهالي مساكنهم.

وفي الموضوع نفسه، اضطُر 443 شخصاً من الأجانب وحاملي الجنسية المزدوجة إلى مغادرة قطاع غزة عبر معبر إيريز، في الثاني من شهر يناير/كانون الثاني.

• الأحياء والمدن المستهدفة

يمكن القول إنه لا توجد بلدة أو حي أو مخيم في قطاع غزة إلا وتعرض للقصف الإسرائيلي، نذكر منها: مخيم جباليا وبلدتا بيت لاهيا وبيت حانون وحي الشيخ رضوان شمال قطاع غزة، وحي الشجاعية شرق غزة، ومدينة غزة ودير البلح ومدينة خانيونس وسط القطاع، وبلدة رفح جنوب غزة، والمنطقة الحدودية الفاصلة بين مصر والقطاع. كما أن مدينة رفح المصرية الواقعة على الحدود مع القطاع، تعرضت للقصف الجوي الإسرائيلي، الأمر الذي تسبب في نزوح عدد كبير من سكانها إلى المدن المصرية المجاورة، كمدينة العريش.

• الوضع الإنساني

رغم أن القطاع كان يعاني في الأصل من وضع معيشي متردٍ بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه قبل شن عملية "الرصاص المصبوب"، فإن الحال زادت سوءاً لدرجة أن منظمة "أوكسفام" الإنسانية البريطانية حذرت من كارثة إنسانية تهدد سكان القطاع، مشيرة إلى أن القصف الإسرائيلي ترك مناطق في غزة من دون ماء ولا كهرباء.

ومع أن عدداً من الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية المقدمة من المنظمات الدولية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وبرنامج الغذاء العالمي والمنظمة الدولية للصليب الأحمر، ومن دول عربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية وليبيا والأردن وقطر، قد دخلت غزة عبر معبر رفح، فإن وكالات دولية عدة وجهت نداء استغاثة عاجل، فأونروا طالبت بتوفير 34 مليون دولار، كمنحة عاجلة لتوفير المعدات الطبية والمساعدات الغذائية والوقود، كما وجه برنامج الغذاء العالمي نداءً عاجلاً لتوفير مساعدات بتسعة ملايين دولار لمواجهة الاحتياجات الغذائية الطارئة.

وعلى الصعيد الصحي، كان الدكتور باسم نعيم وزير الصحة في الحكومة الفلسطينية المقالة، قد صرح بأن هناك نقصاً حاداً في الأدوية والمهمات الطبية المستخدمة لمواجهة أقسام الطوارئ، كاشفاً أن هناك 105 أصناف من الأدوية رصيدها صفر، و225 من المستهلكات الطبية رصيدها صفر أيضاً، و93 من المواد الخاص بالمختبرات رصيدها صفر كذلك. وأشار إلى أن 50 في المائة من سيارات الإسعاف معطلة لعدم توفر قطع غيار لها نتيجة الحصار، فيما هناك احتياج كبير لمولدات الكهرباء. ويذكر أن نسبة الإشغال في مستشفيات غزة بغت خلال أيام الهجمات 120 في المائة.

• القدرات العسكرية

رغم أن كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، هي التي تتصدر الهجمات الصاروخية ضد إسرائيل، فإن هناك منظمات أخرى في القطاع تشارك في قصف إسرائيل، هي: سرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، وألوية الناصر صلاح الدين التابعة للجان المقاومة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وكتائب أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتائب المقاومة الوطنية التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وكتائب أحمد جبريل التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.

وقد أطلقت الأجنحة العسكرية الفلسطينية أكثر من 300 صاروخ وقذائف هاون، ضد المدن والبلدات والمستوطنات في جنوب إسرائيل (بمعدل 50 صاروخاً يومياً تقريباً). وتنقسم تلك الصواريخ إلى نوعين: صواريخ محلية الصنع، وصواريخ غراد عيار 122 ملم، فالأولى تفتقر إلى دقة الإصابة، ومحدودة الفاعلية، كما أن مداها لا يتعدى 20 كيلومتراً، في حين أن صواريخ غراد التي هربها الفلسطينيون من خارج القطاع، أكثر دقة وأقوى فاعلية وأبعد مدى، إذ يصل مداه إلى 40 كيلومتراً، وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن حركة "حماس" تمكنت -فيما يبدو- من الحصول على صواريخ غراد محسنة، يمكن أن يصل مداها إلى 60 كيلومتراً.

ويذكر أن كل جناح عسكري فلسطيني يملك صواريخ خاصة به، ونسخاً مطورة لها، وإن كانت هذه الصواريخ تتشابه في خصائصها، فكتائب القسام تصنع صاروخاً محلياً تطلق عليه "قسام"، أما سرايا القدس فلديها صاروخ "قدس"، وألوية الناصر صلاح الدين تمتلك صاروخ "ناصر"، وصاروخ "الأقصى" لكتائب شهداء الأقصى، وصاروخ "صمود" لكتائب أبو علي مصطفى، وصاروخ "جهاد" لكتائب أحمد جبريل.

• الأهداف السياسية والعسكرية

منذ بدء عملية "الرصاص المصبوب" ركز قادة "حماس" في تصريحاتهم على أن الحركة "ستستمر في الصمود والمقاومة" لإفشال الأهداف الإسرائيلية، وتحقيق أهدافها المتمثلة في الوقف الفوري للهجمات الإسرائيلية، المتزامن مع رفع الحصار المفروض على قطاع غزة وذلك من خلال فتح كافة المعابر بشكل نهائي.

إسرائيل

• القتلى والجرحى

جراء الصواريخ الفلسطينية التي تنطلق من قطاع غزة، قتل أربعة إسرائيليين بينهم ثلاثة مدنيين، وجرح 56 آخرين. وفي العملية البرية، قتل جندي إسرائيلي وجرح 34 آخرين، بينهم 3 في حالة خطيرة، وفق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي. 

• الأحياء والمدن المستهدفة

تمكنت الأجنحة العسكرية الفلسطينية، وخصوصاً كتائب عز الدين القسام، من توسيع دائرة استهدافها للمدن والبلدات والمستوطنات في جنوب إسرائيل، وهي العملية التي أطلقت عليها كتائب القسام "بقعة الزيت."

فقد طالت الصواريخ الفلسطينية مدينة بئر السبع (40 كيلومتراً من شرق القطاع)، وأسدود (30 كيلومتراً شمال القطاع)، وعسقلان (20 كيلومتراً شمال القطاع)، ومستوطنة نتيفوت (25 كيلومتراً شرق القطاع)، وبلدة سديروت (10 كيلومترات شمال القطاع)، وبلدة المجدل (25 كيلومتراً شمال القطاع)، ومستوطنات وكيبوتسات أخرى مثل زكيم، ويفنه، ومفتاحيم، وكريات جات، وكريات ملاخي، وأوفيكيم، وقاعدة حتسريم الجوية، وقاعدة تسيلم البرية. ولم تخف القيادات الإسرائيلية خشيتها من وصول الصواريخ الفلسطينية مدينة تل أبيب، التي تبعد 80 كيلومتراً عن شمال القطاع، ومفاعل ديمونة الذي يبعد المسافة نفسها تقريباً عن القطاع.

• النازحون

أجبرت الهجمات الصاروخية الفلسطينية عدداً من سكان جنوب إسرائيل إلى هجر مناطق سكناهم إلى مدن إسرائيلية أخرى، ويبلغ عدد سكان مناطق جنوب إسرائيل 900 ألف شخص، وتعتبر السلطات الإسرائيلية أن هؤلاء السكان يقعون ضمن دائرة الخطر المتأتي من الصواريخ الفلسطينية. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة "التايمز" اللندنية أن نحو 30-40 في المائة من سكان بئر السبع (البالغ عددهم 186 ألفاً) غادروا المدينة إلى مدن إسرائيلية أخرى.

• الأضرار المادية

أصابت الصواريخ الفلسطينية عدداً من المباني العامة والمنازل والسيارات والطرق والمدارس الخالية.

• الأسلحة المستخدمة

اعتمدت القوات الإسرائيلية في هجومها ضد القطاع على القصف الجوي، باستخدام طائرات إف 16 (نحو 60 طائرة)، ومروحيات أباتشي، وطائرات الاستطلاع بدون طيار، والقصف البحري من خلال الزوارق الحربية، كما استخدمت القصف البري بواسطة المدفعية الثقيلة المتمركزة على الشريط الحدودي المحاذي للقطاع، إلى جانب مشاركة دبابات ميركافا وناقلات الجند في عملية الاجتياح البري للقطاع من الشمال والشرق. وفي السياق نفسه، حشدت إسرائيل نحو 10 آلاف جندي للمشاركة في العملية البرية، واستدعى الجيش أيضاً عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في اليوم الأول من العملية البرية.

• الأهداف العسكرية والسياسية

advertisement

وضعت إسرائيل جملة أهداف عسكرية وسياسية لعملية "الرصاص المصبوب"، فوفق تصريحات السياسيين والعسكريين الإسرائيليين تهدف إسرائيل إلى تعزيز أمن منطقة جنوب إسرائيل عن طريق تدمير البنية الأساسية والقدرة الصاروخية لحركة حماس.

سياسياً، تسعى إسرائيل إلى "إحداث تغيير على الأرض (في غزة)" وفق تصريح وزيرة الخارجية تسيبي ليفني في مقابلة مع شبكة CNN مساء اليوم الثاني من الهجمات، بمعنى أنها تريد من العملية، في نهاية المطاف، تقويض حكم "حماس" في غزة.

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.